الدكتور خيام الزعبي
باهتمام بالغ تابع السوريون خطاب الرئيس بشار الأسد المنتخب واشرأبت عيونهم نحو شاشة التلفزيون التي كانت تبث وقائع القسم بشكل مباشر، وبقدر ما كان الانتظار مهماً كان الخطاب مثقلاً بالرسائل المهمة إلى الداخل والخارج، فهو مهم على مستوى تحديد التوجهات الكبرى لسورية في المرحلة القادمة.
خطاب دام قرابة الساعة ألقاه الرئيس الأسد أمام الحضور ليقول للجميع…أننا معاً على قلب رجل واحد.. وأن سورية تتسع للجميع.. فلا بد من وقفة حاسمة وشديدة في مواجهة الإرهاب ومحاصرة خطر التنظيمات المتطرفة والقضاء عليها بشكل كامل، هذه النقاط التي ذكرها الأسد جاءت من منطلق خبرة عميقة في مواجهة الظاهرة الإرهابية التي عانت منها سورية طوال السنوات الماضية.
بالمقابل وجه الرئيس الأسد رسائل طمأنة في كل الاتجاهات، وهي رسائل مبشرة بالخير والسلام والأمان، وتأكيداً على ذلك هو إعادة التأكيد على روح التّسامح، والعفو، والمصالحة، وفتح الأبواب مجدداً أمام جميع السوريين الذين جرى التغرير بهم، وتَوظيفهم ضد دولتهم، مؤكداً أن كرامة الوطن من كرامة مواطناته ومواطنيه، مطمئناً السوريين على حقوقهم وكرامتهم والطموحات المستقبلية التي ينشدها أو يتمناها أبناء سورية، مؤكداً على الإصرار والإرادة للقضاء على قوى التطرف والإرهاب واستعادة الأمن والاستقرار لسورية. وهذا يحمل بين طياته معاني معينة يريد أن يوصلها الرئيس للشعب بأن السوريين أقوى من كل المؤامرات التي تحاك ضدهم والمنطقة بأكملها.
إن خطاب الرئيس الأسد، يمكن وسمه بالمصارحة ، وظف فيه قدراته ومعارفه العميقة بالوضع الدولي والداخلي وتقديم المعلومات الكاملة للشعب لكي يعرف ما تمر به سورية عن قرب وأن هناك تحديات كبيرة تمر بها البلاد وتحتاج إلى أن يتجمع الجميع على قلب رجل واحد لإعادة البناء ساعياً لأن يكون سجل الطمأنة هو النفس الطاغي عليه.
والعنوان الأبرز في هذا الشأن كان هو التّأكيد على الثّوابت السورية والعربية، ودعم سورية
في أي مقاومة شعبية، سواء كانت سلمية أو مسلحة، ضد الاحتلال الأمريكي وعملائه، بالإضافة الى إعادة بناء الدولة السورية، وكذلك التزام الرئيس ومن باب الأمانة محاربة الفساد وصون المال العام وعدم إهداره بطرق غير مشروعة ومحاسبة الفاسدين، مع الانفتاح على العالم، وسياسة اليد الممدودة للذي يريد أن يشبك مع سورية، فضلاً عن إعادة الإعمار وتشجيع الاستثمار.
كما بدا الرئيس الأسد في هذا الخطاب عازماً على تحمّل أمانة دماء الشهداء وعلى مواجهة الإرهاب والتوقي منه، مهيباً بالدور الكبير الذي لعبه الجيش العربي السوري في هذا الصدد. فهم أكّدوا للعالم أجمع على أنهم سوريون بإنتمائهم وقيمهم، فهم مشاريع شهادة حين يستدعيهم الوطن في سبيل إعادة الأمن والاستقرار إلى ربوعه
ومن أهم الرسائل التي وجهها الرئيس الأسد إلى الخارج تعلقه بالقضية الفلسطينية التي أكد فيها أن التطبيع خيانة عظمى. كما أعاد تأكيده على أهمية الحق الفلسطيني الذي “لن يسقط بالتقادم”، ووجهة نظره في هذا الشأن تتمحور حول رفضه القطعي والواضح للاحتلال الصهيوني الغاشم لفلسطين وعنصرية الكيان الغاصب .
في العلاقات الخارجية، بدا الرئيس في هذا الخطاب متسماً بالدقة والصرامة ووفياً لثوابت الدبلوماسية السورية وهي من صميم صلاحياتهـ مؤكداً دور سورية في المنطقة، ولعلاقاتها التقليدية بأشقائها وأصدقائها.
وعن رسائل الأسد للرئيس الأمريكي بايدن وأحلافه، أن العالم وعلى رأسه أمريكا، لم تقم بواجبها لتجفيف منابع الإرهاب بدليل أن هناك دولاً توفر مظلة للإرهابيين والجماعات المتطرفة بكافة أصنافها، كما فضح دول أخرى ترعى الإرهاب عندما كشف ضمناً عن دورها في تدريب وتمويل الإرهابيين بالأسلحة والعتاد، بالتالي إن الإدارة الأمريكية التي راهنت على حلفائها خسروا جوادهم الذي بدا أنه غير قادر على كسب السباق مع مئات الآلاف في سورية التي خرجت ترفض إستمرار وجودهم في سورية، لذلك فإن تقدم الجيش السوري وحلفاؤه في مختلف المناطق السورية، شكّل ضربة قوية للدور الغربي والإسرائيلي في سورية.
مجملاً……إن خطاب الرئيس الأسد هو رسالة ردع واضحة إلى كل من يهمه الأمر على المستوى العالمي أو الإقليمي، ورسالة بقدرة السوريين على التحدي وكسب الرهانات الصعبة، وتجاوز الصعاب، ومن هذا المنطلق فإن الشعب السوري قادر على مواجهة مخططات الإرهاب والمؤامرات المشبوهة وإفشالها بوحدته الداخلية وبإرادته وجيشه العربي التي لن تستطيع أي قوة أو إرهاب أن تكسرها.
وأخيراً يبقى التحدي الكبير الآن هو تحويل كل هذه الرسائل الإيجابية والنوايا الطيبة إلى منجز حقيقي وفعلي لتغيير واقع السوريين. وعليه أتمنى أن يكون هذا العام عام الفتوحات والإنجازات للمشروعات التي تم تدشينها سابقاً.
سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم