أيمن الحرفي:
الأطفال عماد المستقبل في كل وطن، وأمل الإنسانية في العالم، و هم أساس بناء الشعوب المتحضرة و نواة العالم المشرق، فطفل اليوم هو في المستقبل العالم و الطبيب و المهندس و المحامي و الإعلامي، و هو أهم مكونات الأسرة، يقاوم، يعترض، يعاند، يحب، يكره، يستجيب، يرفض، كلمات يتداولها الأهل فيما بينهم، علينا ألا نستغرب فهو شخصية إنسانية تريد أن تثبت ذاتها و تحجز مكانها المناسب في هذا الكون و يحرص الأهل على رضاه و رعايته فيلبون رغباته صاغرين لتأمين حاجاته ومتطلباته، يسهرون على راحته، يستجيبون لنغمات بكائه و رهافة حسهم وصدق مشاعرهم تجاهه تجعل حياتهم مقطوعة موسيقية تعزف ألحانها أوتار القلوب، و تروي غناءها دموع العيون.
و لكن علماء النفس و الاجتماع و معهم علماء التربية يدقون ناقوس الخطر عندما يتفاقم الأمر عند الأهل في تلبية كل ما يطلبه الطفل من حاجات ضرورية كانت أم غير ضرورية محذرين من تحوله إلى طفل مدلل.
يقول الدكتور / ادوين كيلسر/ مدير الخدمات النفسية للأطفال بكلية الطب بجامعة جورج تاون: ( بيت الداء في تصرفات هؤلاء الآباء لأولادهم)، فهل هناك قالب خاص تصاغ فيه كلمة ” لا ” في وقتها المناسب؟.
إن الإسراف في تلبية مطالب الطفل الملحة وغير الملحة يعني أننا نضع حجر الأساس لبناء طفل مدلل فاسد له عاداته السيئة و تصرفاته البعيدة عن السلوك السليم. وقديماً قالوا : ينشأ الصغير على ما كان والداه، إن العروق عليها ينبت الشجر.
فإذا لاحظنا عند الأطفال قلة التبصر وسرعة الإحساس بالإحباط و النكد والبكاء من دون سبب، و التساهل و حب التملك و حب السيطرة، كلما سمعوا كلمة: لا من أحد الوالدين سيتبع ذلك نتائج و تصرفات لا تحمد عقباها إذا لم نعالج هذا الأمر بالتصرف الحسن.
يتساءل أبو راغب، و هو موظف و أب لثلاثة أطفال: متى نقول للطفل لا؟
نقول له عندما يعرف الأهل أن كلمة ” لا ” ليست إلا وسيلة هامة من وسائل رعاية الطفل وتأهيله و ترويضه و إبعاده عن حالة الأنانية إلى حالة التكيف مع الأسرة، و من ثم مع المجتمع.
إننا كأهل عندما نعرف متى و كيف و لماذا و أين نوجه له كلمة ‘ لا ‘عندها سيتأهل الطفل للتاقلم مع ظروف و حالات الإنسان في المجتمع.. فلا يصطدم بالواقع مستقبلاً، و عندها لن نجد علامات الغضب و الحزن و التمرد بادية على وجه الطفل عندما يسمع كلمة ” لا ” هنا و كلمة ” نعم ” هناك فلا مانع من استعمال ” لا ” في المواقف التي تحتاجها هذه الكلمة، في مواقف الرفض و المنع بشرط أن نلفظها بنفس نغمة العطف و الحنو التي تقال فيها كلمة ” نعم ” المهم آلا تقال في إطار من الغضب و فقدان الصبر و العصبية.
يقول الباحث التربوي و الاجتماعي عبد العزيز الخضراء: ( إن من ضرورات و مقومات نجاح كلمة ” لا ” في تحقيق أهدافها التربوية أن يتم التمهيد لها بالتربية الرشيدة و التعقيب عليها مباشرة بأسباب تقنع الطفل بأسباب الرفض أو النهي، قد لا يفهم الطفل تفاصيل وإيضاحات الوالدين خاصة إذا أعياهما التعبير، لكنه يستطيع أن يفهم المضمون الإجمالي للأسباب المانعة، إننا عندما نحسن التربية يشعر الطفل مع الوقت أن الدنيا أخذ و عطاء متبادل، و عندها يصل إلى صيغة الموازنة بين الأخذ و العطاء متخذاً ذلك سلوكاً حياتياً.
و أخيراً فالآباء الواعون مسؤولياتهم، هم أولئك الآباء القادرون على تفكيك مفردات رسائل التربية و رموزها الحديثة، فالطفل بحاجة إلى صحبة أب قائد عطوف و حازم يملك المعرفة و الفهم ضمن إطار الحكمة و الحلم حتى يتعلم الطفل الانضباط الذاتي و التصرف المسؤول
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة