*بقلم:كمال خلف
يوم امس الاحد وصلت ذروة التوتر في بيروت مداها، مع ارتفاع منسوب الشحن الطائفي والمناطقي. وطفت لغة الثأر والانتقام خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي. واذا كانت قصة إراقة الدماء تعود الى العام الماضي في خلاف عائلي في مدينة خلدة جنوب بيروت وتجددت اول امس في مقتل الكادر في حزب الله علي الشلبي اثناء تواجده في حفل زفاف من قبل شخص من” عرب خلدة” فيما بدا ثأرا شخصيا. الا ان ما تلا ذلك من احداث يوم الاحد اخذ الأمور الى مسار مختلف بعيدا عن اطار الخلاف العائلي. فقد نصب مسلحون من “عرب خلدة” وهم عشائر محسوبة تقليديا على تيار المستقبل، الا انهم اليوم حسب مصدر لبناني مطلع لهم ولاءات أخرى خارج اطار المستقبل “نصب هؤلاء كمينا مسلحا للمشيعين اثناء جنازة الشبلي ما اسفر عن سقوط قتلى، لترتفع فاتورة الدم، ولتخرج القصة عن سياقها كخلاف عائلي، الى كمين سياسي وعسكري لحزب الله لجره الى القتال الداخلي باعتبار القتلى والمستهدفين بالكمين من بيئته ، واشعال فتنة سنية شيعية تنتقل الى مناطق متعددة جارفة البلاد الى الحرب الاهلية والفوضى. وبدا واضحا ان هناك جهة ما خارجية بأدوات داخلية استغلت حادثة الخلاف وظروفها لتوسع دائرة الصدام . وبات من شبه المؤكد ان هناك قرار من جهات” يعرفها أصحاب الشأن جيدا ” بالوصول الى الفوضى الشاملة في البلاد لتحقيق اهداف سياسية إقليمية. خاصة ان توقيت افتعال الاشكال ورفع منسوب التوتر والمراهنة على انخراط حزب الله في القتال في زواريب بيروت يأتي عشية دعوات للنزول للشارع بشكل غير مسبوق في الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت. وكانت حملة ممولة وموجهة انطلقت العام الماضي في لبنان في الساعات الأولى لانفجار المرفأ وجهت أصابع الاتهام لحزب الله بالمسؤولية عن الانفجار. ورغم عدم ثبوت أي علاقة لحزب الله بذلك وفق تحقيقات القضاء اللبناني، الا ان الحملة بقيت مستمرة واخذت اشكال متعددة. انطلقت دعوات ضبط النفس والمحاسبة والتهدئة وعدم الانجرار الى الفتنة من قوى سياسية أساسية كتيار المستقبل “سعد الحريري” والحزب الاشتراكي “وليد جنبلاط” والحزب الديمقراطي اللبناني “طلال أرسلان” وأحزاب وشخصيات أخرى، الا ان الموقف الحاسم جاء من حزب الله الذي كظم الغيظ، وابدى اعلى قدر من ضبط النفس وضبط الجمهور الغاضب. لجأ الحزب للدولة والقانون والقضاء في بيانات معلنة وتعاميم داخلية رغم قدرته على حسم الموقف عسكريا وبقوة السلاح، رافضا لغة الانتقام، وهو موقن ان هناك من دبر له فخا ، وان قرار استفزازه جاء من خارج الحدود. ويدرك الحزب ان الامر ليس جديدا، انما في سياق طويل من الاستفزازات المتكررة فقد عانت بيئة الحزب من قطع هذه المجموعات ومن يقف خلفها الطريق الرابط بين بيروت وقراهم في الجنوب اللبناني بمناسبة ومن دون مناسبة، والاعتداء على سياراتهم واذلالهم من خلال الانتظار لساعات ليتمكنوا من المرور. الجيش اللبناني كان حاسما في درء الخطر المستتر بعباءة الخلاف العائلي والانتقام العشائري، واستطاع تهدئة الوضع وفرض السيطرة على بؤرة التوتر. الجيش بات يلعب الدور الأهم في البلاد، من حفظ الامن والاستقرار الى توزيع المساعدات، وبات الجهة الوحيدة محل الثقة في الداخل والخارج، مع تراجع الثقة بالسلطة والأحزاب السياسية والزعامات داخليا وخارجيا أيضا. ومن غير المعروف المدى الذي سيمنح لدور الجيش في ظل الظروف التي تعيشها البلاد. بالطبع حزب الله سوف يصر على تسليم الجناة للقضاء، وسيطالب أجهزة الدولة بالقيام بواجبها، وهناك من سيضغط على الأجهزة لعدم المساس بالقتلة لتشجيع المزيد منهم على افتعال الازمات مع الحزب واستفزازه . لكن الى يبقي حزب الله على سياسة الحكمة والصبر، وهو يعلم ان اعداءه في الخارج ينتظرون انغماسه في حرب داخلية وفتنة طائفية، وبذات الوقت يواجه غضب أنصاره الذين طفح كيلهم. كاتب واعلامي عربي
(سيرياهوم نيوز-رأي اليوم2-8-2021)