| د. بسام أبو عبد الله
الخميس, 05-08-2021
دخلنا العام الحادي عشر من هذه الحرب الفاشية على البلاد، وبعد أحد عشر عاماً عادت درعا لتكون تحت الأضواء، وهي المدينة التي انطلقت منها أكاذيب ما سمي «ثورة سورية»، منها أظافر الأطفال التي تبين أنها كذبة كبيرة لم يُقدم دليل واحد على صحتها، ولم يناقشها أحد أبداً بالرغم من أننا خلال ظهورنا على وسائل الإعلام بداية الحرب قلنا إننا نريد دليلاً واحداً «لندين هذا العمل» علماً بأن الظفر يحتاج ستة أشهر حتى يعود للنمو، ومع ذلك لم يُقدم لنا أحد صورة ولا اسماً ولا دليلاً، وبالتالي كان الأمر كذباً بكذب من قبل أناسٍ يستخدمون اسم اللـه والإسلام عشرات المرات للكذب على الناس وخداعهم، وأخذهم رهائن لمشاريع عدمية دمرت وشردت أهل درعا، وحولت المدينة إلى بؤر إرهابية متطرفة، تقتل وتذبح وتغتال حياة الناس ونشاطهم الاقتصادي والاجتماعي.
بعد سنوات عشر يطل العملاء من تركيا وغيرها للتحريض على القتل والدمار، وإطلاق العنتريات التي تهدف للتحريض والاستفزاز بلغة بدائية متخلفة لم تتعلم وتفهم شيئاً مما يحدث، ولم تقرأ النتائج الكارثية التي جلبها الثورجيون من تنظيم القاعدة وداعش من دمار وخراب، وتحويل المحافظة بكاملها إلى رهينة لأشخاص متخلفين عملاء مرتبطين، لا هدف لهم سوى الأفق العدمي، ولا حلول سوى ما يقدمه الخارج، وما يتطلبه حجم الدولارات التي يتقاضونها، لكن هؤلاء لم يقرؤوا ويفهموا ماذا تغير، وتبدّل بعد سنوات عشر، وسأذكر لهم بعضها:
– انكشاف الأكاذيب والتضليل الذي مورس باسم ما سمي «ثورة سورية» من حجم المال النفطي الذي ضخ لها، وهي 137 مليار دولار حسب اعترافات رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم، وحجم السلاح ودور غرفة «الموك» في إدارة وتوجيه الثورجيين، وكم الاغتيالات والقتل والتدمير، وهذا الأمر لم يعد خافياً على أي إنسان بسيط.
– المزاج العام السوري، ومنهم أهلنا في درعا، الذي أصبح يتقيأ من ذكر أسماء هؤلاء وسلوكهم، وتوريطهم للناس بالعنتريات، ثم الفرار بالأموال التي تقاضوها، وفتح مشاريع تجارية في الخارج، مثل تركيا خاصة، ومن يريد أن يرى قادة الثورة الصناديد في الغوطة مثلاً ما عليه سوى مراجعة حجم مشاريعهم في تركيا ليعرف الحقيقة، أو بإمكانه التفتيش في الوثائق التي نشرت حول ما يتقاضاه زعماء ما يسمى معارضة من هذه الدولة أو تلك.
– سقوط الرهان على تفتيت الدولة السورية من قبل قوى العدوان، مع بقاء مخاطر وتحديات لا تزال ماثلة أمامنا في الجزيرة السورية وإدلب، وهذه المناطق لها طرق معالجة مختلفة، تديرها القوى الخارجية نفسها في درعا، إنما بأسماء ورايات مختلفة، لكن المعلم والمخطط واحد لكل هذه المناطق.
– تغير مواقف الدول الإقليمية تجاه الأحداث في سورية، والسبب ثبات وصمود وتضحيات الشعب السوري الأسطورية، وهنا تبرز لدينا مواقف ملك الأردن عبد اللـه الثاني، الذي أعلن بوضوح شديد عبر قناة «سي إن إن» أن الرئيس بشار الأسد باقٍ لفترة طويلة، وأن النظام السياسي باقٍ أيضاً، وعلينا إعادة التفكير في طرق التعاطي مع ما يجري في سورية، وهذا سببه الضرر الاقتصادي الكبير، الذي لحق بالأردن نتيجة حصار سورية والعقوبات، وانعكاسات مسألة اللاجئين الاقتصادية والاجتماعية على واقع الأردن، وتوقف التمويل الدولي الذي كان الأردن يستفيد منه كما هي الحال مع دول الجوار كلها، وإذا أضفنا إلى كل ذلك الموقف الخليجي الذي يعمل بهدوء وهو غير ظاهر، نفهم حجم التغيرات الكبيرة التي يجب أن يقرأها هؤلاء الجهلة، الذين لم ولن يتعلموا شيئاً طوال عقد من الزمن.
– إعادة فتح معبر نصيب بين سورية والأردن، والسماح بتدفق البضائع السورية إلى الخليج هما عامل آخر مستجد، وشريان اقتصادي يحتاج للأمن والأمان، وهو شريان سوف يستفيد منه أهلنا في درعا بعد الصعوبات الاقتصادية الهائلة التي عاشوها مع إخوتهم في الوطن، وبالتالي فإن الحل ليس بقطع الطرقات، وقتل عودة النشاط الاقتصادي والبلطجة التي تمارسها عصابات أهل الكهف، ذلك أن نفَسَ الدولة السورية الطويل لا يعني ضعفاً، إنما هو حرص على حياة الأبرياء المحتجزين كرهائن من أهل درعا، وهو الذي لن تقبل الدولة بعودته، أو إعادة المحافظة إلى سنوات عشر خلت، فالزمن والظروف تغيرا، ولغة العنتريات ولّت، والصبر له حدود، وأمن وأمان المجتمع خط أحمر لن يسمح لأحد بتجاوزه كما أكد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم.
إن الذين لم يفهموا بعد عقدٍ من الزمن أن ما حصل في سورية هو حرب فاشية تورط فيها للأسف جزء من شعبنا، أو يمكن أن أسميه «حثالة من شعبنا» ورّطوا الناس وشردوهم ثم تركوهم لمصيرهم بعد حفلة كذب قادتها إمبراطوريات الإعلام ومولت بمليارات الدولارات، وهدفها تفتيت سورية دولةً ومجتمعاً، وقتل دور سورية وموقعها، وتأثيرها التاريخي، والعروبي، والقومي، وبالتالي يمكن القول: كفى يعني كفى! درعا كانت البداية، وستكون نهاية الإرهاب فيها، لأن من توهم بأن حجمه أكبر من الدولة ومصالحها العليا هو أحمق، ولا توجد دولة في العالم يمكن أن تسمح ببقاء القتلة والإرهابيين وقطّاع الطرق يتحكمون بحياة الناس ومستقبلهم.
الزمن تغير، ولغة التحريض انتهت، ووجوهكم بانت، وسقطت الأقنعة عنها، وباختصار زمن الإرهاب انتهى ولا عودة له.
(سيرياهوم نيوز-الوطن)