كمال خلف
في هذه الأيام تصاعدت الحملات الدعائية العدائية ضد حزب الله في لبنان، مع افتعال إشكالات ذات طابع اهلي يكون الحزب طرفا فيها ، كما احداث “خلدة” او بلدة “شويا” .
وتبدو هذه الاحداث مدبرة وليست عفوية، وفيها قدر كبير من الاستفزاز للحزب مثل اطلاق النار على مشيعين بينهم أطفال ونساء وقتل وجرح عدد منهم. او اعتراض راجمة للمقاومة قامت للتو بقصف إسرائيل والاعتداء على المقاومين وتصويرهم وشتمهم وشتم الحزب الذي ينتمون اليه.
ورغم ان الحزب في كلا الحادثتين كان هو الضحية، ولم يبادر الى ردة فعل معتمدا على قوته وهو القادر، واكتفى باللجوء الى القانون وأجهزة الدولة، الا ان الحملات المكثفة التي انطلقت عبر السوشل ميديا ، وبعض وسائل الاعلام اللبنانية تهاجم وتجرم وتتهم الحزب، مع إعطاء انطباع مضلل ان المجتمع الأهلي في لبنان ضاق ذرعا بالمقاومة. وهذه المقوله تبدو مثل “كليشه” معممة على مفاتيح الحملة من سياسيين واعلاميين ووسائل تواصل ووسائل اعلام ، وان اختلفت الصياغة او القالب الذي توضع فيه هذه “الكليشه”. كأن يربط الجوع والفساد واحتكار الوقود و تلاعب التجار وانفجار المرفأ وارتفاع الأسعار وانهيار العملة وانقطاع الكهرباء وأزمة الدواء والتهريب وعدم تشكيل حكومة، والاغتيالات واي حادث في أي مكان بالبلاد بحزب الله وسلاح المقاومة.
وتدار الحملات الموجه بكل ما فيها من تحريض مذهبي وطائفي ومناطقي وعنصري وحتى بالتماهي مع خطاب إسرائيل تحت شعار “حرية التعبير”. بالتأكيد معظم النخب السياسية والإعلامية في لبنان تعلم علم اليقين ان هذه الحملات ممولة، وهدفها راس حزب الله وسلاحه خدمة لإسرائيل العاجزة عن مواجهة الحزب عسكريا.
المفارقة ان حزب القوات الذي يقوده “سمير جعجع” راس الحربة في التحريض على حزب الله ، ينتهج أسلوب البلطجة على المدنيين اللبنانيين وغير اللبنانيين، وكان هناك اكثر من حادثة سجلت خلال الأشهر الماضية لأسلوب عمل يحاكي مليشيا الحرب الاهلية بأسوء مراحلها، مع لغة طائفية يمينة عفنة تتجاوز اللبناني الاخر الى السوري والفلسطيني. ومع ذلك يخرج جعجع بين فينة وأخرى متحدثا عن السيادة والدولة والمدنية والمواطنة، والانفتاح على العرب طبعا المقصود بالعرب عند جعجع الدول الخليجية وتحديدا السعودية، والادهى انه يصنف نفسه ضمن قوى التغيير لبناء دولة.
الحملات على الحزب ليست جديدة ، الة الدعاية انطلقت منذ اغتيال الحريري عام 2005 وتضاعفت واتسعت خارج حدود لبنان مع تدخل الحزب رسميا في الحرب السورية عام ٢٠١٣ واخذت بعدا يعتمد على قاعدة مذهبية ” سني شيعي”. علما ان الحزب لم يذهب للقتال في سورية كونه حزبا شيعيا مقابل جماعات سنية . بقدر ما كانت القضية تتعلق بالخيارات السياسية وموقع ودور سورية في الصراع مع إسرائيل والاصطفاف الإقليمي والذي اريد له ان يتغير باتجاه معادة المقاومة في المنطقة عموما وليس اللبنانية فقط في خضم شعارات التغيير والثورة وماعرف بالربيع العربي . وعلما أيضا ان تدخل الحزب الى جانب سورية سبقه تدخل دول خليجية وتركية وإسرائيل لدعم الجماعات المسلحة او بالادق خلق المجموعات المسلحة لهدف اسقاط النظام. ولكن يجري اختصار تلك التدخلات كلها بتدخل حزب الله وايران .
وان كانت أدوات الدعاية والحملات تتنوع عربيا ومحليا الا انها مجرد أدوات تنفيذ لخلق راي عام وشارع عربي ومحلي معاد وضاغط ومحاصر للمقاومة، بينما المايسترو هي الولايات المتحدة والمستفيد هي إسرائيل .
هل تذكرون مرحلة الجهاد المقدس في أفغانستان، وهجرة المقاتلين العرب والمسلمين للجهاد ضد القوات السوفياتية “الكافره” تحت شعار “مسلم وملحد” وكل الحملات والأموال والفتاوى والسلاح . كلها كانت أدوات ساذجة لخدمة الولايات المتحدة في حربها الباردة ضد الاتحاد السوفيتي. ماذا كسب العرب والمسلمين غير الدماء لتربح أمريكا، وتسحقهم في نهاية المطاف عام 2001 ؟ في ذات الوقت كانت فلسطين محتلة والقدس تهود ولم يحج اليها مجاهدوا العرب الاشاوس.
وقبل ذلك عبر التاريخ، كان اعلان راية الجهاد ضد العثمانيين في شبه الجزيرة بتشجيع فرنسا وانكلترا تحت شعار القومية “عربي تركي” والذي انتهى بتقسيم البلاد العربية الى أشلاء جغرافيا ، وتوزيعها كقطعة الحلوى على المنتصرين الكبار في الحرب العالمية واهداء فلسطين للحركة الصهيونية. اننا اليوم امام ذات اللعبة لقوى عالمية مجرمة، تستخدم أدوات جديدة بشعارات جديدة وعبر المال والاعلام والنخب الانتهازية والأنظمة الوظيفية لتضليل الراي العام والشارع العربي لتقطف راس قوى المقاومة في عموم المنطقة، وتزيلها عن طريق إسرائيل المؤمنة ان الشعوب العربية والمسلمة مجرد عبيد وخدم لشعب إسرائيل. لا تجعلوهم يسوقونا كالخراف لتحقيق أهدافهم على حساب كرامتنا وارضنا وشعوبنا ومستقبلنا. لن أقول ان قوى المقاومة ونخبها وجمهورها وانصارها محصنين، لن أقول ان الشعوب يقظة . بل الخطر داهم وقد ينجحون.
سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم