الدكتورة حسناء نصر الحسين
ما بين العناوين المعلنة والأهداف الخفية والاستثمار بالنتائج عملت الولايات المتحدة الأمريكية على جعل الإرهاب دوليا لتكون محاربته عنوانا والاستفادة منه هدفا استراتيجيا لتحقيق مشاريع لم يعد بإمكان جيشها النظامي وجيش حلفها الاطلسي ان يحققها .
حيث كان محاربة الارهاب في افغانستان بعد احداث ١١ سبتمبر هو العنوان الكبير الذي مهد الطريق امام سياساتها للمضي قدما للوصول لتحقيق بنك اهدافها في دول الشرق الاوسط ، فكانت سورية الدولة الأهم في سياسات واشنطن التي لو سقطت لسقطت بقية دول المنطقة كأحجار الدومينو، ولما كان اسقاط الدولة السورية ليس بالأمر اليسير على واشنطن قررت ادخال اخطبوط الارهاب الدولي بقلوبه الثلاث واذرعه المتعددة ، لتكون منظمة داعش خراسان من اوائل الحاضرين المنخرطين بمشروع واشنطن بإسقاط الدولة السورية عبر تقديم المساعدة في بناء هياكل تنظيمية لمجموعات ارهابية تتفق وتنسجم مع فكر القاعدة ومساندتها لهم ودعمها في اسقاط العاصمة الاقتصادية لسورية حلب ومن ثم ادلب ، وبالنظر لتصريحات كبار التنظيمات الارهابية في سورية الذين يعترفون بفضل واشنطن عليهم في تحقيق انتصاراتهم في هذه المدن والتي ما كانت لتكون بدون دعم غرفة العمليات الامريكية السعودية جنوب تركيا بالإضافة للدعم الغربي .
وأمام حاجة واشنطن لعنوان يسمح لها بالتدخل العسكري في سورية يمهد لها هدفها بانشاء قواعد امريكية في سورية اعلنت واشنطن وعلى لسان رئيسها باراك اوباما عن تنظيم خراسان الذي صرح عنه منذ ذلك التاريخ بأنه التنظيم الذي سيكون الأشد خطرا بين التنظيمات الارهابية مستقبلا وقال ” كنا نعرف بوجود هذا التنظيم ونتابعه منذ عام ٢٠١٢ في افغانستان” ، الا ان واشنطن في عام ٢٠١٥ قررت الاعلان عنه لتستخدمه ذريعة لتحصل من خلاله على تأييد الرأي العام لشنها غارات جوية وبحرية عسكرية على الاراضي السورية بهدف القضاء على تنظيم خراسان الذي يحتوي بين اعضائه على اشخاص كانوا ضمن هجوم البرجين الامريكيين. وبعد عدة غارات جوية اعلن البنتاغون عن انتهاء تنظيم داعش خراسان في سورية ، وبتلك العبارة اختفى اثر تنظيم خراسان من على وسائل الاعلام ولم يعد يتداول اسمه حتى الهجوم الارهابي الذي استهدف محيط مطار كابل ليعلن الرئيس الامريكي جو بايدن عن تهديدات ارهابية محتملة تستهدف عمليات الاجلاء لعسكرييه وعملائه واعلن عن ان تنظيم داعش خراسان هو من يشكل هذا التهديد ، وما إن حصلت التفجيرات الارهابية الثلاثة حتى اتهم بايدن هذه الجماعة ومن خلفه البنتاغون بهذه الهجمات ، وبذا يكون هذا التنظيم عاد من جديد بقوة كبيرة من حيث تعداد المقاتلين الذين رفدوا بالفارين من السجون الافغانية بعد ان احكمت طالبان سيطرتها على كابل وغيرها من المناطق .
والجدير ذكره ما جاء على لسان سماحة السيد حسن نصر الله بأن تنظيم داعش الذي استهدف مطار كابل هو صناعة امريكية تم احضاره الى سورية ومن ثم قام الامريكان وخلال عمليات انزال جوية في سورية والعراق ليتم نقل قادتهم وكوادرهم الى افغانستان ، وفي هذا دليل واضح عن سبب تغييبهم عن سورية بهدف الحفاظ على حياتهم لاستخدامهم في مخططات واشنطن المستقبلية .
وكان رئيس الاستخبارات الروسية الكسندر بورتنيكوف قد اعلن محذرا في عام ٢٠١٩ ان داعش خراسان يحاول انشاء قاعدة جديدة للتوسع بأعماله الارهابية في جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقا انطلاقا من افغانستان ، ليأتي هذا التحذير الروسي عقب عمليات ارهابية قامت بها داعش خراسان على طاجيكستان .
وبالعودة لتصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اثناء عمليات الاجلاء الامريكي ، الذي طالب فيه بعقد لقاء مع رابطة الدول المستقلة والتي كانت تشكل جمهوريات الاتحاد السوفييتي لدراسة سبل تعزيز التعاون العسكري والامني خشية من استهداف التنظيمات الارهابية كداعش والقاعدة لأمن واستقرار هذه الدول مما يشكل خطرا كبيرا على روسيا والصين وايران التي لها حدود مع افغانستان .
بالعودة لاستراتيجيات حكومة بايدن التي عنونت مسار عملها في الفترات القادمة بالخروج من الشرق الاوسط والتوجه لمواجهة الخطر الاكبر على الولايات المتحدة الامريكية المتمثل بالصين وروسيا نستطيع ان نقرأ المشهد في افغانستان من خلال الظهور الارهابي لتنظيم داعش خراسان الذي لن تقف عملياته عند مطار كابل بل سيتمدد خطره ليشمل كافة الدول التي تنضوي تحت ما عنونته تنظيم الدولة الاسلامية ( ولاية خراسان ) وهي افغانستان وجزءا من باكستان كما انها تشمل ايران وأوزباكستان وكازخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان .
وهذه التسمية تنسجم انسجاما تاما مع مشروع واشنطن الذي بدأ ليلة تفجيرات مطار كابل لتتحول هذه الجماعة الى كابوس يهدد امن واستقرار هذه الدول ويمنع افغانستان من الحصول على الامن والاستقرار بعد خروج الاحتلال الامريكي منها.
سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم