بقلم:علي عبود
يكفي إن تشرف سفيرة أمريكا في بيروت مباشرة على تمرير الغاز “المصري” إلى لبنان عبر سورية كي تُثار الشكوك حول هذا الكرم الأمريكي المفاجئ الذي استثنى سورية من قانون قيصر!!وعلى حد تعبير أعداء سورية في لبنان فإن السفيرة الأمريكية أمرت الحكومة اللبنانية بالتوجه (زحفا زحفا إلى سورية)!ولكي لانظلم أعداء سورية في لبنان فإن أمريكا أمرت أيضا الحكومتين المصرية والأردنية بالتواصل مع سورية لتمرير الغاز (المصري) إلى لبنان !ترى ماسر الاتصالات الرسمية الفجائية بين حكومات لبنان والأردن ومصر مع سورية بعد قطيعة استمرت بأمر أمريكي أكثر من عشر سنوات؟نعم .. السبب هو قرار حزب الله استيراد المحروقات من إيران ، فأمريكا التي تريد “إفشال” مبادرة المقاومة اللبنانية بكسر الحصار الاقتصادي ، سمحت للحكومة اللبنانية “بالزحف” نحو سورية لتوافق على تمرير الغاز |”المصري” والكهرباء “الأردنية” عبر سورية !وبزمن قياسي زار وفد حكومي رسمي دمشق دون أن نسمع صوتا واحدا من الذين أدمنوا العداء لسورية على مدى عشر سنوات على الأقل .. يهاجم هذه الزيارة ، وبخاصة من قبل تيارات وأحزاب على شاكلة جعجع والحريري وجنبلاط !!وبزمن قياسي أيضا انعقد اجتماع في عمان لوزراء النفط والطاقة في لبنان وسورية ومصر والأردن اختتم بالموافقة على تمرير الغاز “المصري” إلى لبنان عبر سورية! ولم يكن الاجتماع بروتوكوليا ولا شكليا ،أي من باب رفع العتب، فالطلب الأمريكي من حكومتي الأردن ومصر واضح جدا : تأكدوا من جاهزية البنية التحتية لأنبوب الغاز وسلامة المنشآت واصلحوا المخرب منها فورا!
أكثر من ذلك .. أمرت الإدارة الأمريكية ،وتجاوزا لقانون قيصر ، بوضع جدول بمهل محددة وخطة عمل لإيصال |”الكهرباء الأردنية” و”الغازالمصري” إلى لبنان عبر سورية !وتم ترجمة الأمر الأمريكي بتشكيل لجان فنية لدراسة التفاصيل الإدارية واللوجستية والتقنية والمالية، في سلسلة اجتماعات تنسيقية ستنتهي باجتماع وزاري رباعي آخر يتم خلاله التوقيع على اتفاقية بهذا الشأن!وبأمر أمريكي أيضا تواصل وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية مع البنك الدولي الذي سيمول صفقة الغاز المستجر من مصر إلى لبنان عبر سورية!وقد لفتنا طلب وزير النفط والثروة المعدنية المصري بوضع خارطة طريق حتى يُعاد ضخ الغاز عبر الخط العربي إلى لبنان في أقرب وقت ممكن!
لفتنا الأمر .. لأن حكومته لم تتقدم بمثل هكذا طلب لتزويد سورية مثلا بتأمين احتياجاتها من الغاز بعد تحربر درعا التي يمر الخط خلالها وفتح الحدود رسميا مع الأردن!كما لم تُقّدم الحكومة المصرية أي تسهيلات لناقلات النفط القادمة إلى سورية عبر قناة السويس ، بل منعت مرور اكثرها ، وكلنا يتذكر الناقلة النفطية التي صادرتها بريطانيا خلال التفافها في رحلة طويلة بعد منعها من المرور بالقناة!!
حسنا .. بما ان امريكا جادة بتزويد لبنان بالغاز والكهرباء عبر سورية كبديل عن الخيار الإيراني ، ولكي لاتحقق المقاومة أي انتصار يجلب لها التأييد حتى من خصومها .. فإننا لسنا من المتحمسين لاستجرار الغاز المصري ولا الكهرباء الأردنية عبر سورية !لسنا متحمسين لأن الغاز الذي سيضخ إلى لبنان سيكون غازا إسرائيليا وكذلك الكهرباء الأردنية التي يتم توليدها من غاز إسرائيلي!ولمن لايعرف فإن مصر غير مكتفية من الغاز الطبيعي ومرتبطة بأمر أمريكي سابق باتفاقية طويلة الأمد مع حكومة العدو لتصدير الغاز الإسرائيلي مع ضخ كميات منه إلى السوق المصرية !كذلك الحكومة الأردنية مرتبطة بأمر أمريكي مع حكومة العدو باتفاقية طويلة الأجل لاستجرار الغازالإسرائيلي لتشغيل محطات توليد الكهرباء !والسؤال : لماذا لم تستورد الأردن حاجتها من الغاز من مصر بدلا من إسرائيل في حال كان لدى مصر فعلا فائضا من الغاز؟وحتى لو جزمت الحكومة المصرية إن الغاز الطبيعي الذي ستضخه إلى لبنان عبر سورية هو فعلا مصري 100 % .. فمن المؤكد انها ستسترد مايوازيه أو أكثر من الغاز الإسرائيلي!
كل ذلك يدفعنا للتساؤل: لماذا تريد أمريكا تزويد لبنان بالغاز المصري الذي سيستغرق وصوله عدة أشهر وليس عبر ناقلات من دول خليجية يمكنها أن تصل إلى مرفا بيروت خلال أقل من أسبوعين؟الخلاصة : الغاز الذي سيصل إلى لبنان عبر سورية قد يكون رسميا بمسمى “غاز مصري” لكنه فعليا هو “غاز إسرائيلي” صاف 100 % ، وهنا نكتشف سر الحماسة الأمريكية لتزويد لبنان بالغاز والكهرباء من دولتين حليفتين لإسرائيل سياسيا واقتصاديا!!!
(سيرياهوم نيوز12-9-2021)