يسعى الجيش السوري والأجهزة الأمنية الحكومية بخطى حثيثة وسريعة، نحو تطبيق تسويات أمنية في سائر مدن محافظة درعا وبلداتها، وذلك بعد النجاح الذي حقّقه الاتفاق الجزئي في درعا البلد، ما يعني إمكانية تكرار التجربةدرعا | بدأ الجيش السوري استنساخ مسار «التسوية» التي تَحقّقت الأسبوع الفائت في جزء من درعا البلد، لتطبيقه على بعض بلدات ريف درعا، وتحديداً الريف الغربي، ما يؤسّس لإنهاء وجود المسلّحين هناك، وعودة الدولة السورية بكلّ مؤسّساتها إلى كامل المحافظة الجنوبية. وفي غضون أسبوع واحد، استكمل الجيش عملية التسوية في بلدة اليادودة غربي درعا، ثمّ انتقل إلى بلدة مزيريب المجاورة، لينجز اتفاقية مشابهة لما تمّ في درعا البلد، أفضت إلى رفع العلم السوري فوق المؤسّسات الحكومية، وانتشار الجيش داخل المنطقة. وتعتقد الأجهزة الأمنية الحكومية أنها عبر هذه الاتفاقيات، المتمحورة حول تسليم السلاح ونشر الحواجز الأمنية ودخول الفرق الخدماتية، يمكن انتزاع فتيل التفجير، والحدّ من الاغتيالات والكمائن التي طالت شخصيات رسمية وعسكرية وأودت بحياة العشرات طوال سنوات، وضبط الحالة الأمنية.
واختارت الجهات الأمنية بدء التسوية في الريف من بلدة اليادودة، نظراً إلى أهميتها الاستراتيجية، وموقعها المشرف على طرقات حيوية في الاتجاه الشمالي الغربي لمركز درعا البلد، ولكونها شكّلت مركزاً لانطلاق تعزيزات المسلحين في فترة المعارك العنيفة في المنطقة الجنوبية قبل تسوية عام 2018، وبدرجة أقلّ خلال التصعيد الأخير، حيث شهدت البلدة حراكاً عسكرياً داعماً لمسلّحي درعا البلد، عندما بدأ الجيش التصعيد باتجاههم قبل أسابيع. وتمكّنت الدولة من تسوية أوضاع المئات من شبان البلدة، غالبيّتهم من المتخلّفين عن الخدمة العسكرية، بحصيلة اقتربت من 600 شخص، فيما تمّ تسليم أكثر من 80 قطعة سلاح خفيفة ومتوسّطة. ومكّن ذلك من الانتقال إلى بلدية مزيريب لتكون محور اتفاق جديد بعد اليادودة، ما من شأنه أن يفتح الباب على قطاع حوض اليرموك في الريف الغربي بالكامل، بدءاً من بلدتَي تل شهاب ونهج، مروراً بطفس، المفتاح الأهم في سلسلة طويلة من التسويات، قد ينتهي بها المطاف إلى مثلث الحدود السورية الأردنية المتداخلة مع الأراضي المحتلة في الجولان.
تعتبر طفس العقبة الأساس أمام الجيش السوري في طريقه لبسط السيطرة على الريف الغربي
وتُعتبر مدينة طفس في ريف درعا الغربي، العقبة الأساسية أمام الجيش السوري في طريقه إلى بسط السيطرة الكاملة على ريف درعا الغربي. إذ تختلف الأمور فيها من الناحيتين العسكرية والاجتماعية، عن سائر البلدات المحيطة. وكانت طفس قد شهدت دخولاً لقوات الجيش في شهر شباط الماضي، وانتشاراً في عدد من المواقع والأبنية الحكومية، لكن هذه القوات سرعان ما انكفأت تدريجياً قبل أشهر مع بدء التصعيد العسكري حول درعا البلد، وتدهور الأوضاع في الريفَين الشرقي والغربي، وذلك خشية من وقوعها فريسة سهلة بيد مسلّحي المدينة الذين لن يتوانوا عن استهدافها في حال اشتعلت معركة في درعا. وفي المحصلة، أبقى الجيش على قواته الرئيسة في تل السمن الواقع شمال طفس، وعلى طريق «التابلاين» الذي يعدّ المدخل الشرقي إليها.
وتسيطر بعض العائلات الكبرى والعشائر على موقف المسلّحين المتمركزين في طفس، والذين يعلنون رفضهم أيّ اتفاق مع الدولة السورية. لذا، فإن الباب الرئيس للدخول إلى المدينة عبر التسوية، لا يكون سوى بالاتفاق مع وجهاء المدينة وشيوخ عشائرها، الذين «لا مشكلة لديهم بدخول الجيش والانتشار داخل أحيائهم، لكن في ظلّ ضمانات جدّية تحمي أولادهم وتمنع توقيفهم وتعريضهم للملاحقة»، بحسب ما قال أحد وجهاء المدينة الذي فضّل عدم كشف اسمه لـ«الأخبار». كذلك، فإن مجموعة من زعماء المسلحين في المنطقة الجنوبية تبرّعوا للقيام بدور الوسيط، مدفوعين بقربهم من أحمد العودة، متزعّم «اللواء الثامن ـــ تسوية» والذي ينشط في ريف درعا الشرقي، وقرب الحدود الإدارية مع السويداء، ويعمل بإمرة الشرطة العسكرية الروسية. وبناءً عليه، تنتظر اللجنة الأمنية والعسكرية الحكومية، والتي تدير عمليات التسوية في المنطقة الجنوبية، إقفال ملفات القرى المحيطة بطفس، لتبدأ بعدها المحادثات بخصوصها، معتمدة بشكل أساسي على الميزة الاجتماعية والعشائرية، وأيضاً على ضعف موقف مسلّحي المدينة، بعد دخول غالبية المنطقة المحيطة ضمن التسويات
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)