حسين صقر:
نتيجة الصعوبات الكبيرة التي يواجهها الطلاب في جميع المراحل التعليمية بالوصول إلى مدارسهم، يضطر الأهالي للتعاقد مع حافلات نقل خاصة تقل أولادهم، وذلك بهدف تخفيف المعاناة عنهم، واختصاراً للوقت، والذهاب إلى المدرسة والعودة منها بمواعيد محددة تقيهم شر مصاعب الانتظار.
الذهاب في حافلات النقل تلك، ورغم إيجابياته الكثيرة، إلا أن هناك مخاطر مختلفة، تتراوح نسبتها من شخص لآخر، أي حسب البيئة التي تربى ويعيش فيها.
من تلك المخاطر استماع هذا الطالب أو ذاك عنوة لما يختاره سائق الباص من المذياع أو يضعه في آلة التسجيل الموجودة بالحافلة من أغان مختلفة، حيث لا يقدر بعضهم تلك المخاطر، ولا يأخذ بها، وتكاد لاتهمه أصلاً، وتراه يستمع لبعض الأغاني الهابطة، حيث كلماتها غير مدروسة، ولا تتناسب مع عقولهم وتربيتهم.
والد أحد الأطفال رفض ذكر اسمه قال: إن الأغاني الشعبية الهابطة تلوث عقل الطفل وتهدد لغته، تغرس فيه سلوكيات سلبية، بالإضافة إلي أن اندماجه مع هذه النوعية منها، خاصة وأن تلك الأغاني وإذا كان مؤديها معروفاً، يجعل منه هذا الطفل أو ذاك بما يشبه المثال أو القدوة، وهكذا يبدأ بتقليد صوته على الإذاعة، ويترقب ظهوره على الرائي، ويبدأ بتقليد شكله وحركاته، ويستمد من معاني أغانيه المعاني المختلفة.
من ناحيتها أكدت السيدة ريم محمود أنه أصبح لمثل هذا اللون من الأغاني معجبوه ومستمعوه، ومن بينهم أو أهمهم الأطفال الذين تأثروا به، وتزيد خطورة هذا النوع بأنه يرافقهم في بعض حافلات النقل، حيث أخذ هؤلاء يرددون تلك الأغاني في مدارسهم، ويحفظونها أكثر من دروسهم، ويهتمون بها أكثر من واجباتهم، ما انعكس علي مفرداتهم واللغة التي يستخدمونها فيما بينهم، كما أنها أثرت سلبياً علي سلوكهم وطريقة تعاملهم مع الآخرين، وهناك أمثلة كثيرة على تلك الأغاني وباتت معروفة.
سعد مرعي قال: لاحظت في الفترة الأخيرة أن أبنائي يرددون كلمات لا معنى لها لأغان رائجة، وقد باتت نتاجا لا يرقى إلى المستوى الفني والاجتماعي أو اللغوي، بل هي حالة من تدني مستوى الأغاني، خاصة أن الأطفال هم أكثر الفئات المتأثرة بها، بل ويتخذون من مفرداتها ولغتها قاموساً يتعاملون به فيما بينهم كلغة سرية غائبة عن الآباء.
علا سمية قالت: بسماع تلك الأغاني في أماكن مختلفة منها حافلات النقل، يتبنى الأطفال أنماطاً مغايرة للغة الاجتماعية، لأن الألفاظ والمعاني الواردة فيها غالباً تصنع من قبل فئات معينة وهي الأكثر تأثيراً على الأطفال كونهم يريدون خلق لغة سرية، ولأنهم يجدون لغة الأغاني الشعبية مغايرة عن الواقع والعامية المتداولة فيقومون باتخاذها لغة خاصة بهم.
وفي هذا السياق أكد المرشد الاجتماعي حسن نمورة أن هناك تعرضا دائما للأطفال للأغاني الشعبية، وإذا استمر ذلك في حافلات النقل أو الأماكن العامة، فإنه سيشكل خطراً على مستقبلهم وذلك في ظل غياب الأغنية التربوية الهادفة، حيث كانت سائدة سابقاً في المدارس، لأن الأطفال يحفظون الأغاني أكثر من دروسهم، ويفهمونها نتيجة تكرارها كما أكد ربما من مرة واحدة أو مرتين، فيما البعض الآخر يهتمون بحفظها وترديدها دون فهمها، في حين أن معظم الأطفال يستخدمون الألفاظ الواردة بالأغاني الشعبية في الحديث.
وأضاف أن معظم صناع تلك الأغاني يروجون لها بلا ضوابط، فهم يهتمون بالربح وكذلك المحطات الإذاعية و الفضائية التي أصبحت تذيع كل ما يقع في طريقها سواء الجيد أو المبتذل دون وعي بأن هذه الأغاني تغزو عقول اليافعين وتؤثر عليهم بالسلب، وبالتالي فالطابع الحاد الذي تقدم به هذه الأغاني في وقتنا الحالي والموسيقا الصاخبة التي تتبعها تجعل الطفل حاد الطباع يميل إلى العشوائية وعدم النظام، كما أن الأغاني متاحة طوال الوقت علي معظم الشاشات يتابعها الصغار لفترات طويلة، خاصة في ظل انشغال الأب والأم، كما أن هذه الأغاني أخذ كتابها يجمعون مفرداتها من هنا وهناك دون الاهتمام باللغة، بما يساهم في تشويه لغة الأطفال ومفرداتهم. وأشار أن غياب الأغاني المخصصة بالأساس للأطفال هو السبب الرئيس وراء انسياق الأطفال خلف الأغاني الهابطة، فمن خلال عقد مقارنة بين أغاني الماضي والحاضر، نجد انعدام الرقابة على الأغاني في الوقت الحالي، كما أنها تفتقد إلي اللغة الفصحى والعامية على حد سواء، فاللغة الواردة بها تفتقر إلي المعنى والهدف، أما في الماضي فكانت هناك أغانٍ موجهة للأطفال تتميز بلغتها العامية السهلة على أذن الطفل وتمنحه الهدوء النفسي والطاقة الإيجابية والعادات الحسنة، كما أن الموسيقا المستخدمة بها هادئة ومناسبة للأطفال.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة