بقلم:معد عيسى
بدأت معادلة الطاقة العالمية تأخذ منحى جديداً مع ارتفاع سعر الغاز عالمياً بعدة أضعاف خلال شهر واحد، فالصين زادت من اعتمادها على الفحم الحجري وكذلك بريطانيا، فيما توجهت دول أخرى إلى النفط لتعويض نقص الغاز، وهذا تسبب برفع أسعار النفط خلال الأيام الأخيرة، أساس المشكلة بدأ من النرويج التي تعتمد بشكل كبير على توليد الطاقة من العنفات الريحية بنسبة كبيرة وتستوفي حاجتها المتبقية من الغاز الذي تصدر منه كميات كبيرة إلى أوروبا، ولكن هذا العام انخفضت سرعة الرياح إلى مستويات عالية لم تشهدها النرويج منذ مئة عام، الأمر الذي قلب معادلة الطاقة لديها فأصبحت تعتمد على الغاز بشكل كبير ما خفض صادراتها منه إلى أوروبا فكانت البداية لمشكلة ارتفاع سعر الغاز عالمياً.
نحن لسنا خارج هذا العالم وعلينا أن نتعلم مما يحصل في رسم معادلة الطاقة التي حسب الواقع فشلنا حتى اليوم في رسمها، فالانطلاقة الصحيحة للبدء بالخروج من الأزمة يكون بتنويع مصادر الطاقة كي لا نقع عند أول مطب، ففورة الطاقة الشمسية يجب أن يرافقها على التوازي إنشاء مزارع ريحية لأنها أكثر أماناً وتعطي طاقة على مدار الساعة بعكس الشمس التي تتوقف طاقتها مع غيابها وبالتالي الزيادة في الاعتماد عليها قد يؤدي إلى هبوط التوتر مع غيابها وحينها يحصل التعتيم العام، الخطوة الثانية يجب أن تبدأ باستثمار الموارد المحلية المتاحة ولا سيما السجيل الزيتي الذي يمكن أن يكون وقوداً مجانياً لمحطات توليد الكهرباء لأكثر من مئة عام، ومن يلمح بالأثر البيئي فهو أقل أثراً من الفحم الحجري، والدول التي ترفع شعارات البيئة هي الدول الأكثر استخداماً للفحم الحجري، وإن لم نستخدم هذه الثروة في ذروة حاجتنا فقد يأتي يوم تكون فيه اتفاقيات البيئة العالمية ملزمة وتحرمنا من استخدام ما ادخرناه في عز حاجتنا فينطبق علينا المثل ، “الله بيبعت حمص للي ليس له أضراس”، أي عندما كان متاحاً لنا استثمار السجيل الزيتي لم نستثمره، وعندما قررنا استثماره أصبح ممنوعاً علينا.
وزارة الكهرباء المتضرر الأكبر مما نحن فيه ، فكل مراكز التحويل بحاجة لمضاعفة طاقتها لأنه عندما يتم تغذية منطقة معينة بالكهرباء فكل جهاز يعمل على الكهرباء في هذه المنطقة يتم تشغيله للاستفادة من ساعة الوصل وهذا لا يشعر به إلا عاملوا هذا القطاع.
تصريحات وزير الكهرباء توصيفية وموضوعية ولا تحمله أخطاء سنوات الضياع ولكن عليه تحمل الأعباء، فالإدارة الحقيقية لملف الكهرباء في التوليد المعني بوضع خطط تلبية الطلب على الطاقة واستثمار الموارد الذاتية وبناء حالة التوازن في استثمار مصادر الطاقة.
قبل سنوات الحرب تم رفض عدة استثمارات في توليد الطاقة من النفايات بحجة البيئة ورغم أنه لا يوجد تبرير لذلك فإننا نقول قد يكون وجود خيارات أخرى عزز الحجة، واليوم يبرر البعض عدم التوجه لاستثمار السجيل الزيتي بالبيئة وهنا يمكن أن نسال هل نحن أحرص من غيرنا؟ وهل نحن نعيش في ظروف تسمح لنا بالانتقاء؟ وما هي البدائل والخيارات؟
خيارات الخروج من الأزمة متاحة وبنفس الاعتمادات المخصصة، فكيف نراهن على الغاز الذي لا نعلم إمكانية توفيره، ونتجاهل توفر مصادر أخرى؟
(سيرياهوم نيوز-الثورة12-10-2021)