بقلم:علي عبود
لسنا مع “دعاة” الدعم النقدي بل نطالب بزيادة الدعم “السلعي” إلى أن يصل إل مستوى الإكتفاء الذاتي من السلع الأساسية لملايين الأسر السورية!
ونستغرب جدا عدم قيام مجلس الشعب بالضغط على الحكومة لإلزامها بتقديم سلة غذائية تضم جميع المواد الأساسية للحياة المعيشية اليومية لكل أسرة سورية !
وإذا كانت “نخبة” من الأكاديميين المنظّرين تسوق لمقولة “الدعم النقدي للمستحقين” مستندة إلى معطيات غير واقعية .. فإلى ماذا يستند بعض أعضاء مجلس الشعب بالدعوة أيضا إلى الدعم النقدي؟
النائب عبد الرحمن الخطيب طالب بإلغاء الدعم وتحويله لمبالغ مالية معتبرا “أن طريقة الدعم الحالية للمازوت والخبز والأرز والسكر والغاز وسواهم من المواد، تشرعنّ الفساد، وتساعد على ازدهار السوق السوداء، وطالما هناك سعرين للمواد المدعومة لن يتم ضبط الأسواق”!
حسنا .. هل تكفي هذه المبررات لإلغاء دعم بعض المواد الأساسية؟
بما أن البطاقة الألكترونية ضبطت توزيع بعض المواد المدعومة “جزئيا” .. فإن ضبط مافيات تجار المواد المدعومة اصبح سهلا جدا في حال كانت الوزارات المعنية جادة باجتثاث مافيات الفساد بالأفعال لا بالأقوال!
لقد توصل النائب الخطيب إلى نتائج “مهولة” كانت كافية لأن يطالب بزيادة الدعم السلعي لا باستبداله إلى دعم نقدي!
ماهذه النتائج المهولة؟
أن تكلفة دعم المواد الموزعة لـ 3.7 ملايين بطافة الكترونية تبلغ 5336 مليار ليرة سنويا !
يوحي الرقم بأنه “مهول” لكن سرعان ماسنكتشف إن هذا الدعم هزيل جدا فهو لايتجاوز مبلغ 1.442 مليون ليرة للبطاقة الألكترونية الواحدة أي 3950 ليرة يوميا للأسرة الواحد!!
ترى ماذا يشتري هذا المبلغ النقدي الهزيل للأسرة السورية ؟
بالكاد يكفي ثمن سندوشة فلافل للفرد الواحد من أسرة مكونة من خمسة أشخاص ؟
وبدلا من المطالبة بتقيم الدعم النقدي للمواد المدعومة حاليا بأسعار السوق السوداء .. وهو حسب النائب الخطيب يبلغ 120200 ليرة لكل أسرة من 5 أشخاص أي بمعدل 4000 ليرة يوميا .. لماذا لايضغط مجلس الشعب لتطبيق الدستور أي رفع الحد الأدنى للأجر إلى الرقم الذي يؤمن المستلزمات الأساسية للمعيشة اليومية؟
لو كانت الأسعار مستقرة سواء في صالات التدخل الإيجابي أم الاسواق لسهل الحديث عن الدعم النقدي ، ولكن لايمر يوم إلا وترتفع فيه عدة سلع في القطاعين العام والخاص يتجاوز أضعاف الدعم النقدي المقترح!
لقد قالها وزير التجارة الداخلية بوضوح : لايمكن تسعير السلع بأقل من تكلفتها ، وهذا يعني إن الدعم سيهزل أكثر فأكثر بدليل رفع أسعار السلع المدعومة كالسكر والأرز ، بل ورفعها مع تخفيض كمياتها كالمازوت!!
وبما أن الحكومة تؤكد أنها اعتمدت البطاقة الألكترونية لإيصال الدعم لمستحقيه ، فإن الترجمة الفعلية للدعم في هذه الحالة تكون بتبني الحكومة سلة غذائية شهرية تتضمن المواد الأساسية لكل أسرة ، وبسعر لايشفط أكثر من 25 % من دخل الأسرة لأنها تحتاج إلى بقية الدخل لتغطية متطلبات السكن والنقل وغيرها من الإحتياجات اللاكمالية!
وكما قلنا ليس المطلوب من الحكومة تأمين المواد والخدمات في صالاتها بأقل الأسعار وإنما بأسعار تناسب الدخل !
وبما أن تحقيق هذه المعادلة مستحيل سواء الآن أوفي المستقبل المنظور ، فلا حل إلا بتعديل أجور عام 2011 وفق سعر الصرف الحالي ، أو بتوزيع سلة غذائية متكاملة ، أو بتنفيذ الدستور أي حد أدنى للأجر يؤمن مستلزمات المعيشة اليومية!
ودون إقرار واحد من هذه الحلول العملية سيقى الدعم هزيلا .. هزيلا!!
(سيرياهوم نيوز17-10-2021)