آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » اكتب لكم من اخر مواقع للفدائيين خارج فلسطين بين الجبال على الحدود السورية اللبنانية كنت هناك اثناء تناقل انباء عن قصف اسرائيلي للمواقع… نعم بقي شيء اخر غير التاريخ

اكتب لكم من اخر مواقع للفدائيين خارج فلسطين بين الجبال على الحدود السورية اللبنانية كنت هناك اثناء تناقل انباء عن قصف اسرائيلي للمواقع… نعم بقي شيء اخر غير التاريخ

كمال خلف

في هذه الايام يسجل تحليق مكثف للطيران الاسرائيلي فوق مناطق الجنوب اللبناني والبقاع شرقا وتحديدا فوق جبال السلسلة الشرقية الفاصلة بين لبنان وسورية .  كان هذا ربما احد الموضوعات التي كنت اسال عنها  بشكل دائم المسؤول العسكري في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة “خالد جبريل”  وهو نجل الامين العام للجبهة “احمد جبريل”  ووريث شقيقه جهاد الذي اغتالته اسرائيل بتفخيخ سيارته في بيروت عام 2002 .

  بين وديان السلسلة الشرقية تقع مواقع عسكرية قديمة العهد منذ بداية الثمانيات او قبل ذلك بقليل  للجبهة ، تعرضت هذه المواقع  للقصف بشكل متكرر كان اخرها بداية هذا العام حيث خصص الطيران الاسرائيلي ساعات متواصلة للاغارة على تلك المواقع . ويوم امس سرت انباء عبر بعض وسائل الاعلام  عن قصف جديد لتلك المواقع لكن الامر لم يكن سوى حريق قريب من المنطقة صورته بعدسة هاتفي  تم ربطه بالتحليق الدائم للطيران الاسرائيلي للقول ان مواقع الجبهة تعرضت للقصف .

مع سريان انباء ذاك القصف المزعوم  امس كنت متواجدا مع فدائيي الجبهة في احد الانفاق المحصنة بالجبال .لم نسمع اي اصوات لدوي انفجارات بينما تحرك مقاتلون لمعرفة ماهية سحب الدخان المنبعثة من فوق التلال ليكتشفوا انه حريق .

لم ازر سابقا تلك المواقع التابعة للفدائيين  ،  هذه هي المرة الاولى، وجدتها فرصة نادرة  لزيارة ما تبقى من حياة عسكرية للفدائيين الفلسطيين  خارج حدود الوطن المحتل ، بعد ان اقفلت كل الجبهات الخارجية لاي عمل فلسطيني مسلح تدريجيا منذ اجتياح بيروت والخروج الشهير لفصائل الثورة الفلسطينية اثر الاتفاق سيء الصيت السمعة مع المبعوث الدولي فليب حبيب . ومنذ ذلك التاريخ الفاصل عام 82  في مسيرة الكفاح المسلح الفلسطيني الذي انطلق بزخم منتصف الستنيات وحتى اتفاق الطائف في لبنان اثر الحرب الاهلية  العام 1990 اغلقت جميع المقرات العسكرية والمواقع للفصائل الفلسطينية كافة ، ومع توقيع اتفاق اوسلو عام 1993  وسبقه مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الاوسط سادت اجواء سياسية عربية تبشر بالسلام في المنطقة  ، وهو ما اثر على الفصائل الفلسطينية الرافضة لاتفاق اوسلو ، وجعلها في حالة من الضعف  محافظة على تواجد شكلي في الخارج وشبه معدوم التاثير سوى في اطار وجود راي سياسي فلسطيني رافض للتسوية لكنه غير قادر على وقف القطار المندفع بقوة جنونية . وهذا طبعا لم ينسحب على فصيلي  التيار الاسلامي ” حماس والجهاد”  في داخل فلسطين المحتلة حيث بدا يصعد هذا التيار بالتزامن مع تراجع العمل من الخارج .

 في هذا المشهد بقي هناك اسثناء واحد في الخارج تمثل في محافظة” الجبهة الشعبية القيادة العامة” على كافة مواقعها العسكرية في سورية ولبنان . نهاية الثمانينات كان التنظيم يبتكر اسلوب عمليات عسكرية جديد في الكفاح المسلح اشهرها عملية الطيران الشراعي باتجاه معسكر غيبور قبيل ايام من اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الاولى عام 87 . منتصف التسعينات كان التنظيم شريك المقاومة اللبنانية في مواجهة العدوان الاسرائيلي على الجنوب في عناقيد الغضب وحرب الايام الستة . ومعارك الكاتيوشا . وبعد تحرير الجنوب عام 2000 غادر التنظيم  المناطق الحدودية في الجنوب  ولم يعد على تماس مباشر مع حدود فلسطين المحتلة . وتحولت ممهمة مواقعه العسكرية الى فتح التعاون مع التيار الاسلامي الفلسطيني لتصبح مواقع تدريب لمقاتلي القسام وسريا القدس ،وتطوير منظومات الصواريخ ونقل السلاح الى غزة  باشراف ودعم سوري ايراني وتنسيق مع حزب الله لبناء قوة فلسطينية معتبرة في قطاع غزة .

الطريق بين وديان ومنحدرات سلسلة الجبال الشرقية ليس سهلا , تشعر للحظة انك وصلت الى مكان لم تمر فيه قدم بشرية ، تميل السيارة يمينا وشمالا على وقع وعورة الطريق وحركة تحكم السائق  ذو السحنة الفلسطينية السمراء والواثق من الطريق .وحين وصلنا اطل احد الفدائيين يرتدي بدلة عسكرية مرقطة ويضع على راسه كوفيه فلسطينية يلفها على كامل راسه , في مشهد لم اره  منذ كنت طفلا في المخيم وبعد ذلك  في افلام التوثيق للثورة الفلسطينة او في رسوم الفنان الفلسطيني ناجي العلي حين كان يجسد صورة الفدائي على هذه الهيئة  .

رفع الفدائي حاجزا حديدا واكلمنا طريقنا دون ان  ارى اثرا لبناء او مقر انما مزيد من الصخور والمنحدرات الوعرة ، حتى وصلنا الى فتحه صغيرة بين الصخور دخلنا بها بحذر لان كل ما كان حولها قيل لي انه ملغم بالكامل تحسبا لاي تسلل او انزال ليلي .

خلال ممر ضيق بتنا في قلب الجبل  في مكان شديد التحصين ومعد لكل الاحتياجات الضرورية وحولي مجموعة من المقاتلين الفلسطينيين بعضهم بعمر الشباب واخرون ممن عاصروا المراحل المبكرة للثورة الفلسطينية ومازالوا مقاتلين من يومها الى يومنا هذا . تفاجات بحجم هذا العمل البالغ الاتقان والحرفية خاصة مع انتقالي من نفق الى اخر ومن صخرة تحتها موقع كامل الى شجرة خلفها تحصينات .

بدء مسؤول الموقع رجل في العقد السادس من العمر يشرح عن دور هذه المواقع ومجموعته المقاتلة في التصدي للجماعات التكفيرية خلال محاولتهم السيطرة على السلسلة الشرقية  خلال سنوات الحرب في سورية . ارادت المجاميع المهاجمة ان تشق طريقها من الحدود السورية عبر السلسلة الشرقية للسيطرة على سهل البقاع اللبناني يقول المسؤول العسكري . وقد حاولوا التفاوض لتحييد مواقع الجبهة والمرور والسيطرة على المنطقة دون قتال ، الا ان الفدائيين رفضوا وقرروا القتال الى جانب حزب الله لطردهم من المنطقة وانقاذ لبنان من مصير اسود كان ينتظره . يتحدث الرجل بحسرة عن فدائيين استشهدوا في هذه المعارك . ويتحدث بفخر عن اعجاب مقاتلي حزب الله والجيش السوري ببسالة وعناد مقاتليه الفدائيين ، ويتحدث باسهاب عن مرارة ضعف الامكانات وانعدام وجود اي دعم لتطوير القدرات العسكرية ، بشكل اوضح اهمال الحلفاء .

الانطباع الذي خرجت به ان هؤلاء الفدائيين لم يكونوا سوى رجال مؤمنين بقضيتهم ، باعوا جماجمهم لله ، يختلفون عنا بانهم طوعوا الموت وبات خارج حساباتهم ، هم فقراء وبسطاء ، وزاهدون بمغانم الحياة ، يفكرون بفلسطين بنقاء  . متمسكون بكونهم فدائيون رغم جور الزمن وقساوة الظروف . الزمن ربما الان ليس زمانهم لكنهم لا يفكرون بذلك . هم بلا شك لا يحلمون بعودة الزمن الى الوراء ، لكنهم مازلوا مؤمنين  برمزية الفدائي الفلسطيني وعصره الذهبي بين اخوته العرب وشعوب هذه المنطقة . هم يحلمون ويستعدون ليكونوا جزءا من اية مواجهة مع العدو الاسرائيلي . يقول لي احدهم نريد ان نصلي خلف السيد حسن نصرالله بالقدس ونحن نلبس البدلة العسكرية كمقاتلين وشركاء في صنع النصر.

 

سيرياهوم نيوز 5 – رأي اليوم 15/7/2020

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل يعلن ترامب الحرب على الصين؟

نور ملحم في وقت يستعد فيه الجيش الأمريكي لحرب محتملة ضد الصين، ويجري تدريبات متعددة لمواجهة ما سُمي بـ«حرب القوى العظمى»، بدأت بكين في بناء ...