*يونس خلف
من الخطأ أن يعتبر بعض أصحاب الشأن أنه عندما يتم توجيه الحكومة بفتح الأبواب للإعلاميين ليس لأن ذلك لتسهيل عمل الصحفيين أو لمصلحة الإعلاميين فقط ، وإنما هولمصلحة الحكومة أيضاً ومصلحة الدولة قبل كلّ شيء ، ولعل ما يدلل على ذلك أن السيد الرئيس بشار الأسد أكد على استخدام الإعلام كأداة عصرية في قمة التطور في مواجهة احتياجات الحياة والتطوير والتنمية ، وبالتالي كان المأمول هو أن يدرك الجميع أن الإعلام حاجة وضرورة وليس نشاطاً موازياً أو لتبييض صفحات ، ولذلك نلاحظ أن عدم توظيف الإعلام واستثماره بشكله الصحيح في مواجهة المعلومات يواجه تحديات كثيرة منها الاستمرار والإصرار على كتم المعلومة ، وطلب الموافقات المسبقة والمهمات الرسمية اليومية لقيام الصحفي بواجبه ومسؤولياته ، والأمر لايقتصر على حجب المعلومات، فثمة من يقدم أحياناً معلومات غير صحيحة عن الأداء وهذا الأمر يشكّل خطورة على عمل المؤسسات لأنه يشبه المريض الذي لا يشرح أعراض مرضه الحقيقية للطبيب، وبالتالي لا يستطيع أن يقدّم له العلاج المناسب للشفاء ، وهذه الظاهرة موجودة ومستمرة تدفع أصحاب الشأن في المؤسسات لتقديم معلومات غير صحيحة عن الأداء ، ولا نغالي عندما نقول: إن بعض أصحاب الشأن في المؤسسات يعانون أيضاً من فقر شديد في المعلومات ولا يملكون الحد الأدنى من المعلومات الكافية وإن ملكوها يتسترون عليها.
ولعلّ من بين مصائب العمل الإعلامي أيضاً الخلط بين الإعلام والإعلان لدرجة أن الذين يشتغلون بالإعلانات أصبحوا هم في الصدارة لا بل يقدّمون المحاضرات ويقيمون الدورات لتدريب وتأهيل الإعلاميين.
مشكلتنا أيضاً في عقلية بعض الأشخاص الذين يقودون العمل الإعلامي في المؤسسات والذين مازالوا يعملون بعقلية ومنطق الإخضاع وليس الإقناع، وكأن العالم لم يتغيّر من حولهم.
أما المعادلة الصعبة والمعقدة والمركبة التي لايريد بعض أصحاب الشأن تجاوزها في كلّ الحكومات المتعاقبة إن الإعلام يحتاج إلى رفع سقف الاهتمام والدعم والفهم الصحيح لكي يتحول من مرآة للحكومة إلى مرآة للوطن ، والسقف الثاني الذي ينتظر الارتفاع أيضاً هو سقف الأجور لكي لا يضطر الصحفي إلى توزيع جهوده ووقته في أكثر من مكان وفي اختصاصات إعلامية مختلفة لكي يستطيع مواجهة تكاليف الحياة الصعبة . فهل يوجد الآن صحفي سوري يكرّس جهوده وموهبته ووقته لوسيلة إعلامية واحدة يعمل بها ويشعر بالانتماء لها وبالأمان الحقيقي فيها ليعطيها بقدر ما تعطيه وأكثر.
يبقى أن نُذكر بعضنا أيضاً بأن كلّ الذين جاؤوا إلى الإدارات والمؤسسات الإعلامية عن طريق الخطأ الذي يستند إلى قواعد المحسوبيات والوساطات وكلّ أشكال الولاء الشخصي هم الذين يمثلون نقطة الضعف الكبيرة التي تعاني منها الإدارة، وهي المشكلة الأساسية التي تتمثل أساساً في أهم معوقات التطوير والتحديث ، ولعل ارتباط مجيء وذهاب هذه الإدارات ومن يقود العمل في المؤسسات الإعلامية بمجيء وزير وذهابه أكبر نقطة ضعف ،لأن ذلك يؤكد غياب آليات ومعايير التقويم والتغيير والعدالة في تكافؤ الفرص للقدرات الرائعة في الإعلام السوري ، واللافت إن هذه التغييرات عمرها قصير ومرتبطة بمن يأتي ويذهب ولذلك تتسبب بإرباك للعمل كلّما حصلت.
من هنا يمكن التوقف عند إشكالية مركبة أيضاً ، ففي الوقت الذي لا نزال ننادي بفتح الأبواب أمام الصحفيين تواجهنا بعض العقول المغلقة التي لم تتجاوز إشكالية الفهم والتفاهم مع الإعلام ودوره ، وأنه إعلام دولة وليس إعلام حكومة.
مطلوب كإعلام وطني أن نواجه التحديات وأن ننافس امبراطوريات إعلامية ونتصدى لها ، ومطلوب منا تعزيز مساهمة الإعلام في إبراز دور سورية والمكانة التي تتبوَّؤها إقليمياً ودولياً، وهذا يتطلب فتح الأبواب والعقول وتأمين المتطلبات والمقومات الأساسية بما يمكن الإعلام والإعلامببن من التحول إلى قوة حقيقية تليق بسورية وصناع انتصاراتها وشجاعة وحكمة قائدها، بالتوازي مع الدفاع عن مصالح الصحفيبن وتحسين أوضاعهم المعيشية. فهل نبدأ بأنفسنا ونعمل على ترتيب البيت الإعلامي وتدعيم أساساته وتعزيز طوابقه قبل أن نقول عن بيوت الآخرين أنها آيلة للسقوط.
(سيرياهوم نيوز-الثورة8-11-2021)