*بقلم:سلمان عيسى
بصرف النظر عن منتدى دافوس ونتائجه وتقييماته لنتائج العملية التربوية في اي دولة أو بقعة في الأرض، و بصرف النظر عن اليونسكو وهي المنظمة العالمية المعنية بتدقيق النتائج التربوية وتقييم نتائج العملية التربوية في كل بلدان العالم المنضوية تحت لواء هذه المنظمة المشهود لها .. بغض النظر عن ذلك فإننا نقول صراحة أن الواقع التربوي، والعملية التربوية برمتها في بلدنا ليست بخير .. بدأ تدني مستوى التعليم، مع بداية الترخيص لإحداث مدارس خاصة كانت ( الفندقة ) فيها أهم بكثير من المحتوى التعليمي .. وعندما بدأت هذه المدارس تستقطب المعلمين والمدرسين من أصحاب السمعة الحسنة في الأداء التربوي، في الوقت الذي كان .. وما زال الأجر الشهري لهؤلاء يعادل الأجر الشهري لأي موظف في نفس الفئة الوظيفية .. ومع تدني المستوى التعليمي في المدارس الحكومية، وارتفاع معدلات القبول الجامعي خاصة للكليات الطبية والهندسية، بدأت المدارس الحكومية بالتراجع، و نشط بشكل ملحوظ اعتماد الطلاب والأهالي على الدروس الخصوصية، ليس ذلك فقط بل إن هناك الكثير من الأساتذة والمعلمين أسسوا معاهد لهذه الغاية وشكلوا صفوفا دراسية، مهمتها تدريس مواد محددة بأسعار مرهقة .. لكن لا بد منها .. إذ أن هناك من اقنع حتى أصحاب القرار أن جودة التعليم هي بتحصيل أعلى المعدلات والدرجات لذلك فقد نشطت هذه التجارة بشكل كبير خلال الخمس عشرة عاما الأخيرة. . وكان كل اهتمام القائمين على العملية التربوية ينصب على الشهادات إن كانت الإعدادية أو الثانوية العامة. . مع إغفال أهمية التعليم المهني ودوره في رفد القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية بالكوادر المتخصصة التي ترفع من شأن هذا القطاع أو ذاك .. لذلك فقد أهمل الاهل أيضا التعليم المهني على اعتبار انه غير مجدٍ ولا أفق له .. بل ذهب البعض إلى أبعد من ذلك فقد اعتبر أن التعليم المهني هو عبء على المجتمع والعملية التربوية برمتها ..
في آذار من عام 2008 كنت من الصحفيين الذين تثنى لهم حضور مؤتمر تقييم مرحلة نصف القرن من عمل اليونسكو الذي أقيم في الدوحة، وترأس الوفد السوري حينها إلى المؤتمر الدكتور علي سعد وزير التربية .. لن أتحدث عن فعاليات المؤتمر ونشاطاته، بل سأتوقف عند نشاط آخر يخص بعض الإعلاميين الذين حضروا المؤتمر، حيث طلبنا زيارة المدارس المهنية، وحضور بعض الأنشطة فيها .. ما سمعناه حينها أن ( دولة قطر ) تمكنت من رفد قطاع الغاز فيها بحوالي أكثر من 20 بالمئة من الكوادر العاملة في هذا القطاع خلال أقل من عشر سنوات .. ولأن التعليم المهني في سوريا بدأ منذ أكثر من أربعين عاما، وما زال غير مقنع للبعض، ولم تتمكن الجهات التربوية من إبرازه كحالة تربوية لها خصوصيتها، لذلك لن ينفع ان اقتنعنا بنتائج دافوس أو اليونسكو .. مع يقيننا أن نتائجها مسيسة ، وليس لها أبعاد تربوية أو أخلاقية. . بل الذي ينفعنا فعلا هو إعادة النظر بالعملية التربوية برمتها، من التعليم الخاص إلى ضبط التعليم في المدارس الحكومية لجهة انتظام المعلمين والمدرسين اولا بالدوام حتى الانتهاء من شرح منهاج الثانوية والإعدادية. وعدم تشميع الخيط مع بداية الفصل الثاني ..!؟
(سيرياهوم نيوز27-11-2021)