الرئيسية » تحت المجهر » كيف بدأت العمالة الوافدة تُغادر السعودية بأعدادٍ كبيرة بسبب الضرائب والرسوم العالية “لتطفيشها”؟ مُعدّلات غلاء المعيشة في ارتفاع وخاصة السلع الضروريّة والوقود والكهرباء وسعودة الوظائف.. إليكم لقاءات ميدانيّة مع بعض المُغادرين نهائيًّا

كيف بدأت العمالة الوافدة تُغادر السعودية بأعدادٍ كبيرة بسبب الضرائب والرسوم العالية “لتطفيشها”؟ مُعدّلات غلاء المعيشة في ارتفاع وخاصة السلع الضروريّة والوقود والكهرباء وسعودة الوظائف.. إليكم لقاءات ميدانيّة مع بعض المُغادرين نهائيًّا

خالد الجيوسي:
لا يقل المشهد الاقتصادي أهميّةً عن نظيره السياسي في العربيّة السعوديّة، حيث بيئة عمل كانت جاذبة للكثيرين، فيما اليوم باتت موضع تساؤلات، وعلامات استفهام من قبل الذين تركوا أوطانهم وتغرّبوا للعمل على أراضيها، حيث تشير الأرقام وفقاً لمسح أجرته وكالة “الأناضول” إلى مُغادرة 2.24 مليون موظف أجنبي من القطاع الخاص السعودي وظائفهم خلال 51 شهرًا، مُنذ مطلع 2017 حتى نهاية الربع الأول من 2021، أو ما يُعادل أكثر من ربع العمالة الأجنبيّة في المملكة، لكن الإحصاءات الرسميّة السعوديّة تتحدّث عن تراجع في مُعدّل مُغادرة الأجانب للمملكة بنسبة 87 بالمئة للربع الثاني من العام الحالي.
“رأي اليوم” ترصد عوامل ومُلاحظات بناءً على تجارب شخصيّة رويت على مسامعها، تُلخّص وترسم مشهد المملكة بين الأمس واليوم، وتجارب طويلة انتهت بختم الخُروج النهائي:
عوامل استنزافيّة للوافد..
– دفع بدل مادي على الموظف لإقامة كل فرد عن عائلته 400 ريال شهريا/ مثال عائلة خمسة أشخاص (24 ألف ريال سنويًّا) 6400 دولار.
– تحميل الشركات والمؤسسات بدل مادي عن الموظف 400 ريال (108) دولار وسنويًّا (4800) ريال 1280 دولار.
قلّة المشاريع وفُرص العمل:
– القطاع الخاص أصبح غير قادر على ضخ مشاريع في السّوق، وذلك بسبب عجز الشّركات الصغيرة والمُتوسّطة عن المُنافسة لصالح الشركات الكبيرة، والتي لها حظوة عند القطاع الحكومي، فيما تُعلن شركات كبرى أخرى إفلاسها لصالح تنافسيّة شركات أجنبيّة أكثر خبرة تُفضّلها الحكومة لتنفيذ مشاريع الرؤية، وأبرزها في مدينتي العُلا، ونيوم.
– صِغَر المشاريع، وقلّتها، وعدم توفّرها، دفعت بأصحاب الخبرات لمُغادرة المملكة، فالرواتب المطلوبة من قبلهم، لا تتوافق مع الضرائب واحتياجاتهم المعيشيّة، والاقتصاديّة.
– نُدرة العمالة الفنيّة الوافدة المُدرّبة بسبب عدم قُدرتها على دفع بدل الإقامة العالية، كما وإحلال العمالة السّعوديّة غير المُدرّبة مكانها، ومنع مُزاولة مهن فنيّة لغير السعوديين.
ضريبة قاتلة وارتفاع أسعار
– فرض ضريبة القيمة المُضافة، حتى وصل الأمر لفرض 15 بالمئة على جميع القطاعات والمجالات، فالزائر لمطعم وجبات سريعة، سيكون مُضطرًّا لدفع 4 ريالات إضافيّة (ضريبة) لوجبة مُكوّنة من (ساندويش شاورما- بطاطا- مشروب غازي)، ليُصبح سعرها بعد الضريبة 29 ريالاً تقريبًا (8 دولار)، وقبلها 25 ريالاً (7 دولارات)، أو عند شراء مونة عائلة أسبوعيّة بقيمة 500 ريال (133 دولارا) سيضطر المُتسوّق لدفع 75 ريالاً (20 دولارا) لتغطية ضريبة القيمة المُضافة.
– ارتفاع الأسعار غير المسبوق الذي شمل جميع السّلع الذي يُقابله انخفاض الرواتب، مما حوّل بيئة العمل السعوديّة، إلى بيئة طاردة، مُبَدِّدَةً أحلام الوافدين، والمُواطنين على حدٍّ سواء بحياة مُرفّهة، خالية من الضرائب، وأسعار مقبولة، كانت تسمح لعمالة آسيويّة براتب 500 ريال شهريّاً (133 دولارا) ترك بلاده، والقُبول بالغربة، أمّا اليوم فهو يحتاج (العامل) إلى ألفي ريال (533 دولارا)، وهي رواتب يحصل عليها اليوم أصحاب الشهادات.
أسعار الكهرباء والبنزين الجنونيّة!
– ارتفاع أسعار الكهرباء الجُنوني (الفواتير الشهريّة) للمنازل، حيث باتت تصل فاتورة الكهرباء الشهريّة إلى 1500 ريالاً (400 دولارا) وخلال فصل الصيف الحار تحديدًا، الذي يُجبر الوافد والمُواطن على حدٍّ سواء استخدام أجهزة التكييف للتبريد، فيما كانت قبل العهد الحالي تصل إلى 500 ريال (133 دولارا) فقط.
– ارتفاع أسعار البنزين الجُنوني بالنسبة لبلد نفطي كالسعوديّة، سعر اللتر ريالان و33 هللة، ما يُعادل 0.62 دولار مع تأرجح أسعار النفط، وخوض المملكة مُناكفات مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وإصرارها على رفعها.
سعودة التعليم وتخصّصات قمّة
– سعودة قطاع التعليم (100 بالمئة)، وهو ما ساهم بتعجيل عودة المُعلمين الوافدين إلى بلادهم بشَكلٍ نهائي.
– قُدرة السعوديّين اليوم على دراسة تخصّصات القمّة، الهندسة، والصيدلة، وتوطين الصيدلة بنسبة 30 بالمئة، وهو ما سيُساهم مع السنوات القادمة، بالاستغناء تماماً عن الوافدين أصحاب المهن العُليا.
– ارتفاع نسبة التوطين في القطاع الخاص بالسعوديّة خلال الربع الثالث من العام الجاري إلى 23.59%، وذلك بنسبة ارتفاع بلغت 0.96% عن الربع السابق، كما ارتفع عدد العاملين السعوديين خلال الفترة ذاتها بنحو 60 ألف موظّف وموظّفة، وذلك وفقاً للمرصد الوطني للعمل.
خلوّ الشّقق وقلّة السيولة وركود
– بسبب البدل المادي، وعدم قدرة الوافد على تسديد البدل المادي لقلّه راتبه، اضطر الوافدون إلى تسفير عائلاتهم بشكل نهائي، والبقاء لوحدهم، ما أدّى إلى خلو الشقق المُستأجرة، وهو ما ترك أثره السلبي على المواطن السعودي صاحب العقارات،.
– قلّة السيولة والمردود المالي، ساهم بتراجع انتعاش الحياة الاقتصاديّة. مع تشديد الرقابة على سعودة الأعمال، وعدم السماح لغير السعوديين بمُزاولة المهن الفنيّة، ما أدّى إلى تأثّر المحال التجاريّة، وخلوها وعرضها للإيجار، لتتحوّل شوارع محال تجاريّة بأكملها، إلى محال مُغلقة، معروضة ما بين بيع وإيجار.
– تخبّط أصحاب المؤسسات الصغيرة في اختيار المجال الذي يستثمر فيه، وعدم معرفة الجمهور المُستهدف، ويرجع ذلك إلى تراجع نمو المُؤسسات الصغيرة التي تُساهم في حركة الاقتصاد اليوميّة الذي يُسبّب حالة من الركود، على مُستوى محال الخضار، وبيع النظارات، الاتصالات، الجوالات، البقالات.
تسهيلات حُكوميّة
– استشعرت الحكومة السعوديّة مجموعة العوامل المذكورة، فقدّمت تسهيلات للشركات السعوديّة، للسماح بتجديد الإقامة بشكل ربعي، ثلاث أشهر، ست أشهر، تسعة أشهر، سنة، وهو ما يخدم أصحاب الشركات، وبالتالي الوافدين في تخفيف أعباء رسوم تجديد الإقامة، لكن ومع هذا لا يبدو أن أرقام الوافدين الخارجين بشكل نهائي في تراجع، حيث شكاوى سعوديّة تتزايد مع ما تشهده الأسواق المحليّة من إغلاقات وإفلاس، كان عُنصرها المُحرّك الوافدين.
– تسهيل إجراءات الوافد كافّة، من خروج وعودة، وتجديد الإقامة، وتجديد الرخصة، وعمل وكالة وغيرها، كما تسهيلات العقد الفني، حيث يستطيع الوافد نقل كفالته بعد انتهاء عقده، حال عدم رغبته بالتجديد، في مُحاولة للتخفيف من سلبيّات نظام الكفيل، والانتقادات العالميّة التي تطاله، ورغبة في تحسين ملف حُقوق الإنسان في المملكة.
ماذا عن المرأة؟
– بعد الانفتاح، أصبح بإمكان المرأة على اختلاف جنسيتها، التمتّع بحريّة أكبر، تشمل العمل، والتنقّل، وقيادة السيارة، والتخفيف من ضوابط المُلاحقة الدينيّة المُتعلّق بهندامها الشخصي، والحجاب والنقاب، حيث رقابة رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصبحت من الماضي.
– بات إلى جانب العباءة السوداء (رداء المرأة الشهير في السعوديّة) عدّة ألوان أخرى للعباءة، وتستطيع المرأة اختيار لباسها في الأماكن العامّة وفق ضوابط مُحتشمة، ودون العباءة، والحجاب.

سيرياهوم نيوز 6 رأي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

حلفاء كييف يستعدون للأسوأ: «التنازل» عن الأراضي حتمي؟

ريم هاني       لم يعلن أي من الرئيسين، الأميركي المنتخب دونالد ترامب، أو الروسي فلاديمير بوتين، عن شروطهما التفصيلية لإنهاء الحرب في أوكرانيا ...