آخر الأخبار
الرئيسية » شخصية الأسبوع » الموسيقي المبدع(شادي أحمد)

الموسيقي المبدع(شادي أحمد)

بقلم: ميرفت أحمد

علي فيما يلي بانُوراما (وَمْضَويَّة) للموسيقيِّ الجميل (شادي أحمد) ابن محافظة طرطوس بوصفهِ مُبدِعاً (صامِتاً) ، و عرَّاباً موسيقياً فَطيناً (1) (شادي أحمد)…المُبدعُ الصامتُ: يُملي عليكَ الناتجُ الإبداعيُّ ــ الموزاييكيُّ و السيميائيُّ ــ الذي يتخذ منه الناقد و المؤلف الموسيقي الشاب (شادي أحمد) عراباً لتأطير سَمته الفني، و لإبراز مُحدِّدات خبرته و مُعاينته المديدة لفنّ الموسيقا و الغناء العربيين …أن تتلقَّفَ دراساته و مطالعاته و مكاشفاته بعميقِ شغفٍ، و بكثيرِ افتتانٍ و اندهاشٍ بما يخطّ هذا المؤلف الأغرّ من قيّمِ إبداعٍ، و بديعِ أداء. (شادي أحمد)، إنّه المؤلفُ و المقيّمُ (الصامت)، اللاطئُ في ظلالٍ من العزلة الاجتماعية، المترفّعُ بمخزونهِ الثقافي العام و النّوعي الموسيقي عن مُغرياتِ الأبواقِ الإعلاميةِ التي باتتْ حِكراً على أشباهِ الموهوبين، بل فاقدي المعرفةِ الحقَّةِ بمداخلِ الفنِّ و مخارجه. و لأنّه فنانٌ جميل، فإنَّ نسائمَ الزمنِ الطربيِّ الجميلِ هي أكثرُ ما تداعبُ حسَّه التذوُّقي الُمجوِّد، و انتقائيَّتهُ البارعةِ، و التقاطاتِه المظفَّرة لرعشاتِ الجمالِ و خلْجاته، و لهبوباتِ ريحهِ المندَّاةِ بشذا الخلودِ و التأصيلِ و العراقةِ، ما حدا بـ (أحمد) إلى أن يتخذَ من أساطينِ ذلك الزمنِ مادةً سائغةً مستعذبةً للدراسةِ و التحليلِ و التمحيصِ و التنقيبِ عن المآثر بغيةَ الإشادةِ بمحاسنِ الفنِّ الناجز، و بمفاتِن النغمِ الخلَّاب. فيتوقفُ مطولاً في استعراضاتٍ بحثيةٍ تحليليةٍ عند تجربةِ الهرمِ الرابعِ في الموسيقا العربية (محمد عبد الوهاب)، مُبرزاً أبعادَ مغامرتهِ الحداثيةِ في تنويعِ مقاماتِ الموالِ العربي، و في إدخالِ آلاتٍ غربيةٍ على المختبرِ الموسيقيِّ الشرقي؛ لينالَ عن استحقاقٍ لقبَ رائدِ التجديدِ في الموسيقا العربية، ناهيكَ عن تنوعِ خامتهِ الصوتيةِ و رحابتها، و انفتاحِ ثقافتهِ الموسيقيةِ على الغرب. و يعرّجُ على (سيد درويش)، مُبرزاً دورهُ الخلاق في تثويرِ الموسيقا العربيةِ و عَصرنتها، و إرساءِ قواعدِ فنِّ الأوبريتِ المسرحي،استكمالاً لدورِ المسرحِ القبانيّ الشاميّ، و إثباتاً لاستقلاليةِ الموسيقا العربية عن التبعيةِ التركية. و يستعرضُ الملكةَ الغنائيةَ الفريدةَ التي حَظيتْ بها (اسمهان)، بدءاً من خامةِ الصوتِ الملائكيّ الشجيِّ، وصولاً إلى ملامحِ التجديدِ و التطور في أدائها الفنيّ و رصيدها الغنائيّ على مدى سبعِ سنوات. مروراً بـ (رياض السنباطي) أو (بلبل المنصورة)، رائدِ الأصالةِ في الغناءِ العربي، و المرجعيةِ الشرقيةِ الخالصة. وصولاً إلى (بليغ حمدي) محرّرِ الجُملِ الموسيقيةِ الباهرةِ، و المُغامرِ الموسيقيِّ الأشدِّ إرباكاً للنقاد الموسيقيين. و ليس انتهاءً بـ (صباح فخري) سفيرِ الغناءِ العربيِّ في الحواضرِ و الأمصار، و (شادي الألحان) و المقاماتِ المتنوعةِ، و صاحبِ المساحاتِ الصوتيةِ المتمايزةِ المناسبةِ لكلِّ مقامٍ و مقال. إنّه (شادي أحمد)..المُبدعُ الصامتُ، الناقدُ المتأمِّلُ، المؤلفُ الهادئُ، المقيّمُ المُتفلسف. رياضيُّ الدراسةِ، موسيقيُّ الهوى، المُطالعُ الحكيمُ الرصينُ، الآخذُ من كلِّ علمٍ بطرف، و من كلِّ تجربةٍ بمدَد، و من كلِّ معرفةٍ بزاد. و حسبُه فخراً أنّه استعرضَ تجاربَ صنَّاعِ الموسيقا العظام، و أخذَها بالتمعُّنِ و بالتدقيقِ، و بالمقاربةِ و بالمُباعدةِ، و بالتمايُزِ و بالتشابهِ، و -بالمزجِ و بالفصلِ، و ببيانِ الرأيِ و الفضلِ.. و حريٌّ بشبابِ اليومِ أن يستَقيدوا بهِ ، و يترسَّموا مواقعَ أقدامهِ في مذاهبهِ الشريفةِ، و مراميهِ النظيفةِ لتجذيرِ فنِّ الموسيقا و الغناءِ الراقييْنِ، و تأصيلهما في النفوسِ، و تخليدهما في الذواكرِ؛ خشيةً عليهما من التبخُّر و الذوبانِ في مهبِّ ريحِ السطحيةِ و الابتذالِ السائدينِ اليوم. و هو القائلُ: (لقد خلقَ اللهُ هذا العالمَ جميلاً، و مِن أجملِ ما فيهِ الموسيقا، و من أقبحِ مافيه صوتُ المدافعِ و الرشاشاتِ بيدِ الظالمين). **************** (2) (شادي أحمد) عرَّابُ الفنِّ الموسيقيِّ و الغنائيِّ الخالد: موروثهُ الثقافيُّ و مكنونهُ المعرفيُّ أدهشُ من أن يعبَّر عنهما بطرأةِ فكرةٍ على بال، أو بصريرِ قلم، فهو ابنُ حاضنةٍ أسريَّةٍ أدمنتِ الولعَ بالفنون، و تشرَّبتْ سلسبيلَ مناهلِها، و عبَّتْ من تدفّقاتها أباً عن جدّ، و حفيداً عن ابن. و ليسَ بغريبٍ أن تُخرجَ هذهِ الجِبلّةُ الوازنةُ العريقةُ مثقفاً و أستاذَ موسيقا و نقدٍ بحجمِ شادي أحمد، الذي أخذَ نفسهُ بالدُّربةِ و المرانِ و التمرُّسِ في فنِّ الموسيقا و الغناءِ و الطربِ؛ فغدا أستاذاً مُجيداً، و دارساً بارعاً، و ناقداً حقّاً، و تلميذاً نجيباً لكبارِ الفنانينَ و العازفينَ، بل و صديقاً مقرَّباً لهم. و يُؤثرُ بعد هذا و ذاكَ أن يُسدلَ ستارةً من تواضعِ النفسِ و الأنفةِ، و النأيِ بالذاتِ المبدعةِ عن كلِّ خطرةٍ للتكبُّرِ و الغرورِ و المُباهاة. آمنَ بالرياضياتِ أسَّاً للعلومِ، و تعمَّقَ في الفلسفةِ كمنهجِ تفكيرٍ و تنوير، و عشقَ اللغة العربية كمنبعٍ فيَّاضٍ للبلاغةِ و للإعجاز، و عاينَ الحياة معاينةَ المتفهِّمِ لأمزجتِها المتقلبةِ، المتقبِّلِ لحُلوها و لمُرِّها، و احتكَّ بأبرزِ رجالاتِ الفكرِ الموسيقيِّ و أساطينهِ؛ فتهافتتْ عليهِ شهاداتُ الأساتذةِ تستفيضُ في امتداحِ أدائهِ الخلاقِ كدارسٍ مطّلعٍ و كناقدٍ حصيفٍ، و كمؤلفٍ ناجزٍ. فمِن شهادةِ الدكتورة (شادن اليافي) و إشادتهِا بموسوعيّةِ خبرتهِ و بحسنِ تلقّيه و تمثّلهِ، إلى (صفوان بهلوان) الذي تنبَّأ لهُ بفطنةٍ و بارتقاءٍ، إلى (محمد قدري دلال) الذي اعتبرهُ استحداثاً نقديَّاً، إلى (سليم سروة) المُشيدِ المُفتتنِ بروعةِ عزفهِ و تمثّلهِ للموسيقا. فطُوبى لكَ شادي، و طُوبى لنا بكَ، أيُّها الآخذُ من كلِّ علمٍ بطرف، و من كلِّ تجربةٍ بمدَد، و من كلِّ معرفةٍ بزَاد.

(سيرياهوم نيوز7-1-2022)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

المطربة السورية الراحلة ربى الجمال 

  اعداد محمد عزوز   ولدت ربى الجمال واسمها الأصلي «زوفيناز خجادور قره بتيان» في مدينة حلب بسوريا عام 1966 لأب حلبي من أصل أرمني ...