لقيت التعديلات الدستورية في الأردن التي وافق على اقراراها مجلس النواب الاردني اعتراضاً واسع النطاق سرعان ما تحول الى وقفات واجتماعات وبيانات بدأت تنادي برفضها الكامل للتعديلات المثيرة للجدل و لما تشكله بالانقلاب على الدستور برمته وانقلاباً واضحاً على مبدأ الشعب مصدر السلطات برأي كثيرين.
ويبدو أن تلك التعديلات جاءت في توقيت الشارع فيه أساساً محتقن سياسياً ويغلي تجاه العديد من الملفات والقضايا التي فشلت الحكومة في إدارتها ، فعملية تمرير تلك التعديلات من قبل الحكومة وصبغها بطابع ديمقراطي في مسعى لترويجها بطريقة منمقة قوبلت وجوبهت بسخط شعبي ولازال الشارع المنتفض يقول للحكومة أن تعزيز قيم الإصلاح والممارسة الديمقراطية، تبدأ من الانتقال لحكومات منتخبة أو حزبية، وليس بالعبث بالمبدأ الدستوري.
وفي هذا الجانب ، أعتبرت أحزاب وشخصيات سياسية أردنية أن التعديلات التي قدمتها اللجنة الملكية لتعديل الدستور ووافق عليها مجلس نواب ، غير مقبولة ، ولا ترقى للمطالب الشعبية.
وطالبت أن يكون الملك رمز النظام ، مبتعدا عن العمل التنفيذي ومواجهة الشعب.
ورأى العديد من المراقبون أن بعض التعديلات التي جرت في الأردن عبارة عن “ممارسة غير اعتيادية” لم تأخذ وقتها الكافي وتم سلقها بعجالة ، مشيرين إلى انه هناك قوى لعبت دور محكم ومتقن في عملية توزيع الادوار تحت القبة للوصول الى مشهد العبث الدستوري”.
فيما وصفت قوى المعارضة التعديلات بالخطيرة ورأت أن صانع القرار لا يريد الإصلاح السياسي في البلد، وعبرت عن قلقها من احتمال دخول البلد في مرحلة جديدة وخطيرة إضافة إلى مما سمته قمع المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية والرافضين لتلك التعديلات من اجل الحفاظ على الوطن والاستخفاف بإرادة الشعب الاردني المنادي برفضها جملة وتفصيلاكما ورد في بيان مجموعات حراكية وبيان لحزب جبهة العمل الاسلامي.
وفي الاطار ذاته ، انتقد الحراك الأردني الموحد (تحالف حراكات شعبية معارضة)، التعديلات الدستورية المقترحة التي توسع صلاحيات الملك عبد الله الثاني، معتبرا إياها “انقلابا على مفهوم الدولة وانقلابا على نظام الحكم الدستوري والسياسي الذي نص على أن الحكم في الأردن نيابي ملكي وراثي”.
و تابع من ناحيته حزب جبهة العمل الإسلامي( أكبر أحزاب المعارضة) بقلق ما جرى من إقرار مجلس النواب بعدد من التعديلات الدستورية التي تقدمت بها الحكومة، لما تمثله هذه التعديلات من تقويض للولاية العامة للحكومة وتقييد لصلاحيات مجلس النواب، وتغيير شكل النظام السياسي في الأردن من نظام ملكي نيابي إلى نظام الملكية المطلقة وجعل الملك في واجهة السلطة التنفيذية، والخروج عن المبدأ الدستوري ” الشعب مصدر السلطات”، بما لا يخدم مصلحة النظام السياسي ويشكل خطراً عليه ويمس استقراره.
ورأى الحزب أن ما جرى من تمرير لهذه التعديلات على عجل ودون إخضاعها لنقاش وطني ومجتمعي والخروج عن الضمانات الملكية بنقل مخرجات اللجة الملكية لتحديث المنظومة السياسية كما هي للبرلمان، يتناقض مع التصريحات الرسمية حول التوجه نحو تحقيق الإصلاح والمشاركة الشعبية في عملية صنع القرار، وبما يفقد مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية كثيراً من فاعليتها بما لا يحقق مصلحة الدولة والنظام السياسي.
واكد الحزب أن استمرار النهج القائم في إدارة شؤون الدولة سيفاقم من حجم الأزمات التي يعيشها الوطن على مختلف الصعد سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ومن فجوة الثقة بمؤسسات الدولة، مما يتطلب التراجع عن نهج التغول على السلطات، وتمكين الإرادة الشعبية من عملية صنع القرار انسجاماً مع مبدأ “الشعب مصدر السلطات” عبر حكومات برلمانية منتخبة، الأمر الذي يعتبر عنصر القوة الرئيس للأردن في مواجهة ما يتعرض له من تحديات داخلية وتهديدات خارجية.
إلى ذلك ، شارك مواطنون من محافظة البلقاء في اعتصام، مساء أمس الخميس، في ساحة العين بمدينة السلط، وذلك رفضا للتعديلات الدستورية التي أقرها مجلس النواب.
وعبر المحتجون عن رفضهم التعديلات الدستورية قائلين إنها تمثّل انقلابا على دستور 1952، وانقلابا على مبدأ “الشعب مصدر السلطات”.
وبحسب الدعوات التي بدأت تنتشر على منصات التواصل من المقرر أن تتوالى في الايام القادمة المسيرات والاعتصامات من قبل الائتلافات الحزبية والسياسية والشعبية احتجاجا التعديلات الدستورية المقترحة.
سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم اليوم