هل بدأ الشارع العربي يصحو من وهم «الربيع العربي»، أم إن هناك من يصرّ على التوهّم؟
سؤال يراود الكثير من المحللين والمتابعين، وحتى الناس البسطاء على طول وعرض الساحة العربية.
فما حدث للدول العربية التي طالتها الخديعة الكبرى بشأن الحرية والديمقراطية التي انخرط بعض أبنائها فيها، سواء عن دراية أو عن تضليل وتغرير يشي بحجم الكارثة المدمّرة التي أصابتها بفعل المؤامرة الدولية واسعة النطاق التي لم تقتصر حتى الآن على الدول التي استهدفتها مباشرة منذ العام 2011، بل إن دولاً تقف اليوم في دائرة الخطر وإن بقيت بعيدة عن الانفجار والاستهداف حتى هذه اللحظة.
إن ما يشكّل مثالاً حياً عما ذكرناه آنفاً هو ما تعانيه ليبيا منذ أكثر من عشرة أعوام من انفجار وتدمير ممنهج لكل بُناها السياسية والاقتصادية والاجتماعية أشعلت فتيله أياد خارجية هي ذاتها الآن من تتصارع على النفوذ والسيطرة على منابع النفط والغاز، وفي مقدمتها فرنسا وإيطاليا ونظام أردوغان الذين انخرطوا في نزاع علني ومباشر في الصراع من خلال وكلاء داخليين وخارجيين وكل منهم يتكلم بوقاحة وتبجح عن “حماية الليبيين والدفاع عن حقوقهم ومصالحهم”.
بكل تأكيد لا تتوافق أفعالهم مع أقوالهم، وقسم كبير، إن لم نقل أغلب الليبيين، أصبحوا يدركون حجم المكيدة التي دبرت لهم لضرب استقرارهم وازدهارهم وأمنهم ونهب ثرواتهم.
لهذا كلّه يصبح من الضروري، بل من الملح، طرح السؤال التالي: لماذا كل هذا التهافت على ليبيا؟ ولماذا كل هذا الإصرار ممن هم على الساحة علناً وفي الكواليس خفية على التدخل في مسألة ليبية هي داخلية خالصة؟ الجواب المختصر والدقيق هو: النفط والغاز والثروات الداخلية الهائلة التي تخفيها الأرض الليبية في داخلها.
فالكل لديه شهية «الحيوان المفترس» للاستحواذ على كامل الفريسة، وفي أسوأ الأحوال اقتسامها أو الفوز بجزء منها.
فهل يدرك الليبيون كل هذه الحيثيات ويتحاشون أن يكونوا أشبه بحجارة النرد تحرّكهم أطراف خارجية للفوز بلعبة السيطرة على ثرواتهم ومقدراتهم، وإن اقتضى الأمر تحطيمهم أو إخراجهم خارج الطاولة نهائياً.
(سيرياهوم نيوز-تشرين)