الرئيسية » يومياً ... 100% » التعليم غير مدعوم !!

التعليم غير مدعوم !!

*علي عبود


صدمني تصريح معاون وزير التعليم العالي والبحث العلمي ، ولم أصدق إن من يشغل مثل هذا المنصب يجهل إن مامن دولة في العالم تقريبا إلا وتخصص جامعة مجانية واحدة على الأقل لأبنائها غير المقتدرين ماليا .. فهل حقا لايعرف مثل هذه المعلومة البدهية؟قالها معاون الوزير جازما : لايوجد جامعة مجانية في العالم بأسره إلا بسورية .. فهل هذا صحيح؟حسنا سأتكلم عن نفسي ، لقد تخرجت من الجامعة اللبنانية الحكومية مثل آلاف الطلاب اللبنانيين والسوريين مقابل قسط سنوي لم يكن يتجاوز حتى ثمانينات القرن الماضي الـ 50 ليرة لبناينة سنويا !وإذا كان معاون الوزير ، بمناسبة صدور قرار استبعاد شرائح من المجتمع من”جنة الدعم” ، مثل رئيس الحكومة والكثير من الوزراء .. يريد التأكيد بأن التعليم في سورية لايزال مدعوما بالكامل ، فإننا نؤكد بدورنا إن كل من يتحدث عن “تعليم مدعوم” يُخطىء بالتعبير اما قصداً أوجهلاً !التعليم في سورية لم يكن يوما في عداد برامج الدعم الحكومية ، فهو مجاني بقوة الدستور ، وليس منّة حكومية يمكنها أن تحوله جزئيا أوكليا إلى مأجور بقرار أو بقانون!!ونؤكد مجددا بأن غالبية دول العالم بغربها وشرقها لديها تعليم حكومي مجاني ، وهذه الميزة لاتقتصر على سورية فقط ، فأنا درست جميع المراحل التعليمية في لبنان مجانا بمدارس حكومية حتى التخرج من الجامعة!وسبق وراسلت عدة جامعات حكومية في أوروبا وكندا وأوستراليا لمتابعة الدراسة فيها مايؤكد إن “معلومة” معاون وزير التعليم العالي خطأ بخطأ! ويذكّرني هذا الأمر بمشادة كلامية مع وزير مالية سابق حول ضريبة ريع العقارات بحضور عدد من الزملاء ،وقد سألت الوزير آنذاك: لماذا لاتعفون مالك العقار الذي يسكنه من ضريبة الريع مثل لبنان ؟فرد جازما وهويشير إلى مجموعة ضخمة من الملفات على مكتبه : لايوجد دولة في العالم تعفي المالك من ضريبة العقارات !!أجبته جازما أيضا : اهلي يملكون عقارا في لبنان منذ عشرات السنين وهم معفون من ضريبىة العقارات!ارتبك وزير المالية حينها وتراجع متمتماً: سأتأكد من الأمر!!مانريد قوله إن على المسؤول أن لايتحدث في قضايا غير متمكن فيها 100 %ّ!

مهما أطلق المسؤولون من آراء حول التعليم في سورية يُفترض أنهم الأدرى بأنه غير مدعوم ، بل هو مجاني بقوة الدستور سواء دستور 1971 أودستور 2012 .. وليس بقرار حكومي!المادة /37/ من دستور 1973 السابق نصت على التالي : التعليم حق تكفله الدولة وهو مجاني في جميع مراحله وإلزامي في مرحلته الابتدائية وتعمل الدولة على مد الإلزام إلى مراحل أخرى وتشرف على التعليم وتوجهه بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج .ونصت المادة /29/ من دستور 2012 النافذ على التالي:

(1ـ التعليم حق تكفله الدولة، وهو مجاني في جميع مراحله، وينظم القانون الحالات التي يكون فيها التعليم مأجوراً في الجامعات والمعاهد الحكومية.

  2 ـ يكون التعليم إلزامياً حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي، وتعمل الدولة على مد الإلزام إلى مراحل أخرى. ).

3 ـ تشرف الدولة على التعليم وتوجهه بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع ومتطلبات التنميةماذا نستنتج من هذه البنود الدستورية؟التعليم إلزامي في المرحلة الأساسية وتسعى الدولة لمده للثانوي ،بل ويُعاقب من لايرسل اولاده إلى المدارس الحكومية ، والدولة “وليست الحكومة” تشرف على التعليم لأنه العامل الحاسم والفعال بتقدم وتطور وتنمية المجتمع والإقتصاد ، ولا يوجد كلمة واحدة في دستوري 1973 و 2012 تشير أوحتى يُفهم منها ان الحكومة مسؤولة عن دعم التعليم في سورية!نعم .. بإمكان الحكومة أن “تُمنّن” الناس بدعم الخبز والزيت والرز والمحروقات ، لكنها ملزمة دستوريا بتخصيص الإعتمادات في الموازنات العامة لتأمين التعليم المجاني للسوريين وتوفير كل الإمكانيات لاستيعاب جميع المواطنين في مرحلة التعليم الإلزامي ، ولا يجيز لها الدستور أن تسمي هذه الإعتمادات دعما!وبما أن دعم بعض السلع والخدمات من صلاحيات الحكومة  فهي صاحبة القرار بتخفيض الدعم أورفع أسعاره ، لكنها ليست صاحبة القرار بإلغاء التعليم المجاني أوجعله في المدارس الحكومية مأجورا ولوجزئيا!!

الخلاصة: التعليم المجاني موجود في الكثير من دول العالم ، ولكنه يتميز في سورية بشموليته وإلزاميته في المرحلة الأساسية ، والأهم انه  بقوة الدستور ليس خدمة للسوريين فقط بل هواستثمار في القوة البشرية لتكون أداة فعالة في تقدم المجتمع وإعداد الكوادر والخبرات التي تتطلبها عملية التنمية الإجتماعية والإقتصادية .. وبالتالي على الجهات الحكومية بمختلف مسمياتها ومتدرجاتها الكفّ عن الحديث عن دعم التعليم فهو مجاني بقوة الدستور لا بقوة أي حكومة!!

(سيرياهوم نيوز20-2-2022)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

آن الآوان لتعديل قانون الانتخابات؟

  علي عبود للمرة الأولى يفعلها مجلس الشعب ويقترح فقدان عضوية ثلاثة فائزين بالدور التشريعي الرابع لفقدانهم أحد شروط العضوية في المجلس، وهو حملهم لجنسية ...