آخر الأخبار
الرئيسية » تحت المجهر » قبل تدخلها في أوكرانيا.. كيف واجهت موسكو تطويق واشنطن والناتو لحدودها؟

قبل تدخلها في أوكرانيا.. كيف واجهت موسكو تطويق واشنطن والناتو لحدودها؟

  • بتول رحال 

العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ليست الأولى من نوعها. فقبل ذلك، قامت موسكو بالتدخل في بلدانٍ مجاورة لها، ضد وجود الولايات المتحدة والناتو وتأثيرهما فيها. 

“هل يجب علينا أن ننظر، مكتوفي الأيدي وغير مبالين، إلى مختلف النزاعات الداخلية في بعض الدول، وإلى فظائع الأنظمة الاستبدادية والطغاة وانتشار أسلحة الدمار الشامل؟ هل نستطيع النظر مكتوفي الأيدي إلى ما يجري؟ سأحاول الإجابة عن هذا السؤال، بالطبع، لا ينبغي لنا النظر مكتوفي الأيدي”. 

(الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر ميونيخ، في الـ10 من شباط/فبراير 2007)

تضمّن هذا الخطاب الشهير للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، آنذاك، انتقاداتٍ لاذعةً للولايات المتّحدة، ودول الغرب، وخصوصاً دول حلف شمال الأطلسي، التي “تسعى لتمدد الحلف نحو حدود روسيا، على الرغم من الوعود التي قدّمها الناتو سابقاً إلى موسكو”، وفق بوتين.

بمقارنة خطاب بوتين قبل 15 عاماً، مع خطابه الذي ألقاهقبيل بدء العملية العسكرية الروسية في دونباس، والذّي أكّد خلاله أنّ المواجهة بين روسيا والقوى القومية المتطرفة في أوكرانيا “لا مفر منها”، وأنّه “لن يسمح لأوكرانيا بامتلاك أسلحة نووية”، نرى أنّ روسيا ما زالت متمسكّةً بموقفها في مواجهة أي تهديدٍ أو تأثيرٍ للولايات المتحدة وحلف الناتو، وخصوصاً في البلدان الواقعة عند حدودها، ولاسيما أنّ هذه ليست المرّة الأولى التي تتدخّل فيها موسكو، أمنياً أو سياسياً، في بلدان مجاورة لها، في وقت لم تتراجع واشنطن ودول الناتو أيضاً عن تطويق روسيا.  

التدخل العسكري الروسي في جورجيا

في السابع من آب/أغسطس 2008، اندلع نزاعٌ مسلّح في جمهورية أوسيتيا الجنوبية، المعترف بها جزئياً في جنوبي القوقاز، وذلك بعد أن شنّت جورجيا هجوماً عنيفاً على عاصمة أوسيتيا الجنوبية، تسخينفالي، وحاولت فرض السيطرة على الجمهورية باعتبارها جزءاً من أراضيها.

بعدها بيومٍ واحد، في الثامن من آب/أغسطس، أعلن الرئيس الروسي آنذاك، ديمتري مدفيديف، إطلاق “عملية عسكرية لتطبيق السلام” في منطقة النزاع – في أوسيتيا وأبخازيا على البحر الأسود -، اختُتمت في الـ12 من آب/أغسطس، بطرد القوات الجورجية من أراضي أوسيتيا الجنوبية وجمهورية أبخازيا، المعترف بها جزئياً أيضاً، وسيطرة الجيش الروسي على عدد من البلدات والمدن الجورجية، وأيضاً باعتراف موسكو بهما دولتين مستقلتين. 

حينذاك، تعهّد الرئيس الروسي، ديمتري مدفيديف، “احترام حياة المواطنين الروس وكرامتهم أينما وُجدوا”، إذ إنّ أوسيتيا وأبخازيا، يتكلّم معظم السكان فيهما الروسية، ويحملون جواز سفرٍ روسياً. بعد ذلك، قام مدفيديف، في الـ16 من آب/أغسطس، مع رئيسي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا والرئيس الجورجي، ميخائيل ساكاشفيلي، بالتوقيع على خطة لتسوية النزاع.

وبشأن سبب قيام جورجيا بهذه الخطوة ضدّ أوسيتيا الجنوبية، أوضح فلاديمير بوتين، الذي كان رئيساً للوزراء آنذاك، أن “مستشارين عسكريين أميركيين شاركوا في الصراع الذي اندلع في جورجيا”، مشيراً إلى أنّ “روسيا وجدت علامات على أن مواطنيين أميركيين كانوا في منطقة العمليات العسكرية في البلاد”.

يُشار إلى أنّ هذه الأحداث اندلعت بعد أشهرٍ قليلة من تعهّد حلف “الناتو” رسمياً، في قمة  بوخارست، في نيسان/أبريل 2008، منحَ كل من جورجيا وأوكرانيا العضوية فيه، عندما “تتوافقان مع معايير الحلف”.

استعادة روسيا شبه جزيرة القرم

بعد أحداث جورجيا بعدة أعوام، أُطيح الرئيس الأوكراني، الحليف لروسيا، فيكتور يانوكوفيتش، في الـ21 من شباط/فبراير 2014، عقب موجة احتجاجات شهدتها العاصمة كييف، عُرفت بحركة “الميدان الأوروبي”، بسبب تعليق الأخير التوقيع على اتفاقية شراكة تجارية مع الاتحاد الأوروبي.

إلا أنّ هناك مَن رفض هذه التحركات ووصفها بـ”الانقلاب”، وبدأت احتجاجات في المناطق الشرقية والجنوبية من أوكرانيا، طلباً لعلاقات أوثق بروسيا، بينما تعدَّدت التظاهرات في شبه جزيرة القرم من أجل فكّ الارتباط بأوكرانيا والالتحاق بالاتحاد الروسي.

لم تغضّ روسيا الطرف عن طلب مواطني القرم، بل سارعت إلى تنفيذه، لتعلن انضمام الإقليم إلى أراضيها في الـ18 من آذار/مارس بعد أن قامت قوات موالية لها بالسيطرة على شبه الجزيرة، وعقب استفتاء أجرته القرم، أيّد 96% من المشاركين فيه هذا الانضمام.

روسيا تدعم لوكاشينكو في احتجاجات عام 2020

أمّا في بيلاروسيا، فقامت روسيا بدعم الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو، في مواجهته  للاحتجاجات غير المسبوقة، التي نددت بإعادة انتخابه  في التاسع من آب/أغسطس 2020، وذلك عن طريق إقرارها بشرعية الانتخابات الرئاسية في البلاد، مبديةًً استعدادها لتقديم المساعدة العسكرية أو غيرها من المساعدات لتطبيق القانون، على لسان رئيسها فلاديمير بوتين.  

وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز”، في تقرير تعليقاً على كلام الرئيس الروسي، أن تحذير بوتين من أن روسيا يمكن أن تتدخل لاستعادة النظام، يشير إلى “الدعم الكامل للوكاشينكو بقدر أقل من إرساله رسالة إلى الغرب، مفادها: إذا واصلتَ الضغط على بيلاروسيا، فسيكون لديك أوكرانيا أخرى بين يديك”.

حينها، اتهم لوكاشينكو الدول الغربية بالتدخل المباشر في الوضع في البلاد. أمّا وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، فوصف الاحتجاجات التي شهدتها البلاد بـ “الثورة الملوَّنة” التي تقدّم الولايات المتحدة مساعدةً تقنية إليها، عبر تأجيج التوترات، مؤكّداً أنّه كان للثورة الملونة عدة أهداف، من بينها “تعطيل تكامل دولة الاتحاد مع روسيا، وتخريب العلاقات بين موسكو ومينسك”.

يُذكَر أن تلك الاحتجاجات حدثت في وقت كان حلف شمال الأطلسي يعمل على تحسين بنيته التحتية العسكرية، وتخزين المواد والوسائل التقنية والأسلحة والمعدات العسكرية بالقرب من حدود الاتحاد الروسي. 

إدخال قوات حفظ السلام الروسية لكازاخستان

على الخطى نفسها، سارت روسيا في كازاخستان، التي شهدت في مطلع العام الحالي موجة احتجاجات بدأت بمطالب اقتصادية، تحولت إلى اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن في عدد من المدن، بينها ألما آتا كبرى مدن البلاد. 

قامت موسكو، مع تصاعد الاحتجاجات في كازاخستان، بإدخال قوات حفظ السلام الروسية، العاملة ضمن مهمة منظمة معاهدة الأمن الجماعي، للبلاد، تلبيةً لطلبٍ من الرئيس الكازاخي، جومارت توكاييف، من أجل تنفيذ المهمات الموكلة إليها بشأن حماية المنشآت الحيوية والبنية التحتية الرئيسة هناك.

وخرجت قوات حفظ السلام الروسية بعدها بأسبوع عقب انتهاء مهماتها، وإعلان السلطات إنهاء عملية “مكافحة الإرهاب” في ألما آتا ومنطقتين في جنوبي البلاد، الأمر الذي وصفه توكاييف بأنّه “نجاة من عملية انقلاب”.

وتبيّن بعد ذلك أنّ “المظاهرات في كازاخستان مُعَدّة مسبقاً لزعزعة استقرار الوضع في البلاد، وأن منظّميها تلقوا دعماً من الخارج”، وفق رئيس اللجنة التنفيذية لرابطة الدول المستقلة، سيرغي ليبيديف. وهو ما تدخّلت روسيا ودول منظمة الأمن الجماعي، بحسب بوتين، من أجل إيقافه. 

وبحسب الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشنكو، فإنّ التدخّل حدث لأنّه “لا يمكن التخلي عن كازاخستان كهدية، مثل أوكرانيا، إلى أميركا وحلف شمال الأطلسي”.

اتّخذت روسيا، منذ زمن، قرار مواجهة الأحادية الأميركية، ووضعٍ حدّ لتوسّع الناتو، وهي من أجل ذلك لا تتوانى عن حماية حدودها ومجالها الحيوي أمام أي مخاطر تواجهها، إن كان من خلال تشكيل التحالفات العسكرية والسياسية، مثل معاهدة الأمن الجماعي، أو توقيع المعاهدات الأمنية مع جيرانها من الدول، مثل الاتفاقية التي تمّ الإعلان عنها مؤخراً بين روسيا وأذربيجان، أو من خلال العمليات العسكرية كالتي تحدث الآن في أوكرانيا، وحدثت سابقاً في عدد من الدول. 

(سيرياهوم نيوز-الميادين26-2-2022)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

رفض الابادة الصهيونية رغم الضغوط ومحاولات القمع: الجبهة الطلابية مستمرّة في جامعات أميركا

    رفض الابادة الصهيونية رغم الضغوط ومحاولات القمع: الجبهة الطلابية مستمرّة في جامعات أميركا   مدفوعة بمشاهد الموت والدمار الآتية من غزة والمنتشرة على ...