الرئيسية » كتاب وآراء » بعقل بارد..مابعد أوكرانيا

بعقل بارد..مابعد أوكرانيا

(1) ‏ د. عماد فوزي شعيبي‏

ينقسم الصراع على اوكرانيا إلى قسمين ‏قسم يتصل بما يروجه الغرب، ‏وقسم يتصل إلى حد كبير بالجيوبوليتيك. ‏ما يراه الغرب أن هنالك ضرورة للوصول ‏إلى محيط الاتحاد الروسي وتطويقه بسلسله من الصواريخ النووية أو على الأقل إحاطته بحلف الناتو. ‏وهذا نوع من التحرش الهدف منه إن نجح ما سبق، وأن لم ينجح التوصل إلى مساومة مع روسيا بحيث لا تنضم إلى المواجهة مع الصين وهي الاهم بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية. ‏اليوم، وبعد ما حدث، يريد الغرب إن يتخذ النصر في أوكرانيا أشكالًا مختلفة. أهمها أنه لا يجب أن يؤدي النصر الروسي إلى تسوية مستدامة. (‏مجلة الشؤون الخارجية 18 شباط)، ‏ويذكرون بأنهم قد فعلوا ذلك في غير مكان وصل إليه الروس ‏(راجع What if Russia Wins? ‏A Kremlin-Controlled Ukraine Would Transform Europe By Liana Fix and Michael Kimmage، Foreign affairs)، حيث يعطلون التوصل إلى تسوية، و أنه على أوكرانيا أن تكون كذلك، خصوصاً أنهم يرون أن ماحدث يمكن أن ينطوي على تنصيب حكومة ممتثلة في كييف أو تقسيم البلاد. وبدلاً من ذلك ، فإن هزيمة الجيش الأوكراني والتفاوض على استسلام أوكرانيا يجب بالمنظور الغربي أن يتم تحويله في أوكرانيا فعليًا إلى دولة فاشلة. ‏ويرى الغرب أنه بكل الأحوال وحتى وإن وصل الوضع إلى عدم التوصل إلى تسوية مستدامة ، كما يخططون، او طلب الوصول إلى دولة فاشلة. ومع أي من هذه النتائج ، ستكون أوكرانيا قد انفصلت فعليًا عن الغرب. وعليه فإنه إذا حققت روسيا أهدافها السياسية في أوكرانيا بالوسائل العسكرية ، فلن تكون أوروبا كما كانت قبل الحرب. فلن يتم فقط التأهل لتفوق الولايات المتحدة في أوروبا؛ وعندئذ فإن أي شعور بأن الاتحاد الأوروبي أو الناتو يمكن أن يضمن السلام في القارة، سيكون بمثابة قطعة أثرية لعصر ضائع. ‏أي سيفقد الناتو و الولايات المتحدة الأمريكية فاعليتهما ومكانتهما في العالم ولدى الحلفاء. ولن يكون لدى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي القدرة على سياسات طموحة خارج حدودهما. ‏والواقع أن هذا هو أشد ما تخشاه الولايات المتحدة الأمريكية والغرب؛ أن مابعد أوكرانيا سيكون إيذانًا بأفول ليس فقط أمريكا إنما أيضًا ‏المنظومة الغربية التي تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية. ‏والأخطر أن الدول التي كانت تدور في فلك الولايات المتحدة الأمريكية والغرب سوف تبدأ بالتفكير إما بالانفلات عنهما ‏وتشكيل حالة اكثر استقلالية، أو بالربط مع روسيا أو المنظومة الشرقية التي هي في طور التشكل. ‏ والأهم أنه كل ما تأخرت الولايات المتحدة الأمريكية في إدراك هذه الحقيقة، كلما كانت خسائرها في يالطا جديدة( ‏لتقاسم النفوذ في العالم) كبيرة. ‏ولن تتوقف الأمور عند هذا الحد، ‏فما تخشاه الولايات المتحدة الأمريكية أن يحدث انقسام جدي في الغرب بخروج دول فاعلة من المنظومة الغربية الأطلسية، ‏وألمانيا هي المرشح الأساسي لذلك. ‏ ‏وليس أدل على ذلك أن روسيا لا تزال تخاطب جيرانها بالشركاء، وقد تلحقها دول أخرى، ‏فتنهار المنظومة الغربية، وستفكر إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا ورومانيا ، التي تحتفظ بأعداد كبيرة من قوات الناتو المتمركزة بشكل دائم على أراضيها، ‏بتغيير تحالفاتها. وللحديث بقية.

(سيرياهوم نيوز-صفحة الكاتب٢٦-٢-٢٠٢٢)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

عن إعادة التموضع.. ودور النُخَب

      بقلم :بسام هاشم   هفي مرحلة ما بعد الانتصار على الإرهاب، وفي سياق إعادة بناء الدولة الوطنية، تجد سورية نفسها أمام تحديين ...