زيارة مصالحة تلك التي قام بها الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى السعودية، حيث سعى إلى تحصيل المزيد من الدعم المالي في ظلّ التعثُّر الاقتصادي المتوقَّع في مصر على خلفيّة تسارع وتيرة الأحداث الدولية، وانكفاء السياحة الروسية والأوكرانية القاهرة | على عكس زياراته المعتادة للمملكة، لم تَدُم زيارة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، للسعودية أكثر من ساعات قليلة. فالوتيرة المتسارعة للحدث العالمي فرضت تعديل موعدها، وسط توخّي الجنرال المصري نتائج على مستوى الوضع الاقتصادي المتدهور في بلاده، وخصوصاً في ظلّ تكرار الحديث، أخيراً، عن احتمال تعديل سعر الصرف على خلفية استمرار تراجع الإيرادات الدولارية بسبب توقُّف السياحة الروسية والأوكرانية.
زيارة السيسي للرياض التي التقى خلالها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، بعدما استقبله وليّ عهده محمد بن سلمان، حمَلَت مصالحةً رعاها مدير المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، بين الرئيس المصري والأمير الغاضب من بعض مواقف الأخير. وبدا لافتاً حضور كامل مع الوفد المصري الذي ناقش مسائل اقتصادية وسياسية مرتبطة بالوضع الإقليمي، ومن بينها الملفّ السوري وعودة دمشق إلى “الجامعة العربية”. وفي تفاصيل الزيارة، بدا أن الهدف الرئيسي منها، استشراف الموقف السعودي من الصراع الدائر في أوكرانيا، وإمكانية الحصول على مساعدات اقتصادية من الرياض، في ظلّ التعثُّر المتوقَّع للاقتصاد المصري على المدى المتوسط، فضلاً عن الموقف الذي يجب أن تتّخذه القاهرة تجاه الأزمة في أعقاب الضغوط التي تعرّضت لها من جانب الأوروبيين، فيما حَسَمَ السيسي أمره بالإبقاء على موقف معتدل ظاهريّاً يتماهى فيه مع مواقف الرياض وأبو ظبي خصوصاً، في محاولة منه للاستفادة بأكبر قدر ممكن من الأزمة. وحمل الرئيس المصري في هذه الزيارة طلبات جديدة للحصول على دعم سعودي في ظلّ هروب المستثمرين المتساوق مع موجة الخروج من الأسواق الناشئة، في موازاة العمل على تجاوز العديد من المشكلات بين البلدين، والناتجة من تعارض المواقف في عدّة ملفات إقليمية.
حمَلَت زيارة السيسي للسعودية مصالحةً رعاها مدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل
وسبق هذه الزيارة اشتغال اللواء عباس كامل على تسريع ترتيب اللقاء وإصلاح ما أفسدته السياسة، مع وعد بطيّ صفحة الخلافات، وخاصّة بعدما نشطت العلاقات بين القاهرة والدوحة بشكل أكبر ممَّا كانت عليه مع الرياض، وهو ما أثار حفيظة السعوديين والإماراتيين. ويرغب الجنرال المصري في الحصول على تمويل مالي يدعم من خلاله الاقتصاد، ويحسّن وضعه على المستوى الشعبي، فضلاً عن طلبه من السعوديين مجدّداً دعم الموقف المصري في قضيّة “سدّ النهضة” الإثيوبي.
صحيح أن ابن سلمان حرص على إظهار حميمية في التعامل مع السيسي، لكن الواقع أنها كانت زيارة مصالحة، فيما لم يكن لقاء الرئيس المصري مع الملك السعودي سوى إجراء روتيني لم يستغرق وقتاً طويلاً، بينما جرت جميع المناقشات الرئيسيّة مع وليّ العهد. وحضر على طاولة البحث ملفّات عديدة، من بينها الملف اللبناني والليبي والتونسي، وكذلك العلاقات مع تركيا وآلية التعامل معها في الفترة المقبلة. كما جرى التطرّق إلى الوضع الفلسطيني على استحياء وبشكل محدود، فيما أبلغ ابن سلمان السيسي أن صفحة جديدة في العلاقات مع الولايات المتحدة ستكون مفتوحة من جانبه، وأن اتصالات رفيعة المستوى ستجرى بينه وبين المسؤولين الأميركيين.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)