«كل شيء إلى التأجيل» ، تقول أم سامر: منذ سنين لم تقضِ وأسرتها أيام العيد في بلدتها البعيدة، على أمل أن يكون القادم أفضل، شراء الثياب الجديدة يؤجّل ، حتى تفاصيل حياتنا اليومية تؤجل، لأنها تتجه من ضيق إلى ضيق.. حال أغلبية الناس..
وحدهن أمهات الأطفال في بلادي يخفن من الأعياد, لأنهن بتن عاجزات تماماً عن شراء فرحة صغيرة ترمم ولو جزءاً بسيطاً من قلوب أطفالهن التواقة إلى الفرح , هذا هو الواقع, حتى السفر لأريافهن البعيدة لا يستطعن القيام به بالرغم من سياسة التقشف الشديد بغية هواء جديد ينعش أرواحهن في تلك الأمكنة البعيدة عن العاصمة, وهذا الشعور الذي لم يعرفه إلا سكان الأرياف الذين اعتادوا السفر كلما سمحت لهم الظروف, بدليل أن العشوائيات تكاد تفرغ من ساكنيها خاصة في الأعياد.
هذا المشهد يتكرر في كل مناسبة, حيث تعمد كل أسرة إلى تخفيض نفقاتها وإلغاء قائمة من المتطلبات حتى لم تبقَ منها إلا النزر اليسير بما يضمن بقاءها على قيد الحياة , حتى وصل الحد بالبعض أن يقف عاجزاً تماماً عن تأمين قوت يومه, ناهيك بمتطلبات إضافية ولاسيما أننا في شهر «المونة» التي اختصرت إلى النصف أو تم إلغاؤها ..وكل ذلك يقصم ظهر أي أسرة مهما تقشفت ومهما تعددت جبهات العمل والدخل لديها .
في المقابل أعلنت الحكومة عن تقديم قرض بقيمة مئة وخمسين ألف ليرة لشراء مواد استهلاكية وغذائية بالتقسيط من مؤسسات التجارة الداخلية_ أي غذاؤنا بالتقسيط – ربما غاب عن ذهنها أن ذلك الموظف (الشحاذ) لم يبقَ من راتبه شيء, فكيف سيسدد قسطاً جديداً ثمناً للأكل اليومي من راتب يعادل ما قيمته (فرنكات )؟!, أم عليه الانتظار على أمل أن يأتي يوم يلبي أطفاله بفرح حتى ولو كان لمرة واحدة بعد سنوات طويلة من الحرب ..وكل عيد وحكومتنا الموقرة على قيد الإنسانية!.
(سيرياهوم نيوز-تشرين)