آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » صعوبة مخاض تشكل النظام العالمي

صعوبة مخاض تشكل النظام العالمي

‏د. عماد فوزي شعيبي

تعلمنا التجارب التاريخية أن تشكيل نظام دولي يكون عادةً إثر حرب عالمية، ‏أو أثر انهيار الموضوع بسبب انهيار قطبها الآخر. ‏لكن انهيار الاتحاد السوفيتي لم يؤدِ ‏إلى نشوء نظام دولي فقد أدى إلى حالة انعدام القطبية، ‏مع انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بجزء كبير من القرار الدولي، ‏لكن هذا لم يكن نظامًا دوليًّا. ‏كان تعبيرًا عن الفراغ في النظام الدولي. ‏وكان من الصعب أن تنشأ حرب عالمية؛ لأن الكبار يملكون القدرة النووية، ولهذا كان من الطبيعي أن تكون (الحروب بالوكالة، والموضعية) مع الاستنزاف الاقتصادي لكل من الأطراف ‏هو الطريق لتشكيل نظام دولي يعترف بأن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد الرقم الأول فيه. ‏وكانت الحروب التي تعكس الفوضى العارمة جزءاً من عملية الانتقال في النظام الدولي ولكن هذا الأمر طالت مدته، ‏ولم تأتِ لحظة الحقيقة لتعترف الولايات المتحدة الأمريكية بأنها لم تعد الرقم الأول، ‏فاستمرت ‏الحروب في غير مكان من العالم لأن لحظة الجلوس على الطاولة لم تحن.
‏تعتبر روسيا بأن حرب أوكرانيا هي لحظة فارقة في تشكيل النظام العالمي لكن الولايات المتحدة الأمريكية تريدها حربا مفتوحة كباقي الحروب، ‏للاستنزاف من ناحية ولإبقاء الأمور على وضعها من ناحية أخرى ‏حتى لا يتبدل النظام الدولي، ‏وسيكون من التفاؤل الكبير أن تنتهي أزمة ‏أوكرانيا بالجلوس على الطاولة لكنه تفاؤل قد يكون أقرب إلى التفكير الرغبوي، ‏إلا أنه من المؤكد أن هذه الحرب ستضع المقدمات المهمة لتشكيل النظام الدولي المنشود، وأهمها تراجع القدرة الأمريكية على أن يكون الدولار هو المهيمن، ‏وهو ما باتت الولايات المتحدة الأمريكية تدرك أنها أخطأت كثيرًا في اعتماد العقوبات الاقتصادية على الكبار؛ الصين واليوم روسيا، حتى أن وزيرة الخزانة الأمريكية قد أطلقت صيحة التحذير في 14 نيسان 2022 قائلة: يجب علينا العمل مع الصين لتجنب نظام مالي ثنائي القطب
و لكن لا تزال الصين بعيدة من هذا السجال ‏ولم تدخل حتى الآن في الصراعات المباشرة، ‏ ‏و القول الأخير في تشكيل النظام الدولي ‏سيكون مع الصين، فهي الأكبر اقتصاديًا اليوم، وربما يأخذ هذا الأمر عقداً آخر سِمته الكبرى هي الفوضى واستمرار الحروب الموضعية، ‏والحروب الاقتصادية والمساومات هنا وهناك، ‏لكن المؤكد أن الدولار لن يعود كما كان! ‏سيحتاج الأمر ‏الى وقت وإلى أزمات وإلى شدة نفسيه اقتصادية عالمية، لكن خطأ الولايات المتحدة الأمريكية في اتخاذ أدواتها الاقتصادية للحرب على الكبار سيكون بمثابة تأريخ لبدء تغير العالم.
(سيرياهوم نيوز-صفحة الكاتب16-4-2022)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بعد الفيتو الامريكي على وقف القتل: خطوتان مجديتان

  ا. د. جورج جبور       الخطوة الأولى: *انتقال صلاحيات مجلس الأمن الى الحمعية العامة بموحب قرار التوحد من أجل السلم. يتخذ قرار ...