| مايا سلامي
مع انتصاف السباق الرمضاني استعادت الدراما السورية الخالصة مجدها السابق وأثبتت أن الأعمال المشتركة التي لا تمت إلى واقعنا بصلة مجرد سحابة صيف عابرة لا تترك وراءها أي أثر، وأن الأساس الثابت والمتين كان لتلك الأعمال التي لامست ببساطتها قلوب الناس وكانت قريبة من حياة المجتمع وقضاياه.
وإن غلب على الأعمال الاجتماعية في الآونة الأخيرة طابع القسوة والعنف والتركيز على مخلفات الأزمة السورية إلا أن مسلسل «على قيد الحب» تأليف فادي قوشقجي وإخراج باسم السلكا، جاء ليعيد لم شمل العائلة السورية التي تتعرض لبعض المشكلات الطبيعية بين الزوج والزوجة، الأب وأولاده بعيداً عن المبالغة والابتذال فكان له نصيب من محبة الجماهير في الموسم الحالي.
قصة المسلسل
تدور قصة المسلسل حول أمين وحسان اللذين تمتد جذور صداقتهما لسنوات طويلة وفيما بعد أصبحا أقرباء بالمصاهرة ليشكلا معاً عائلة واحدة تسودها الألفة والمحبة، حتى تمر عليهما بعض الأزمات والمشكلات العائلية فتوضع علاقتهما تحت اختبار كبير سببه تصرفات أبنائهما والقرارات التي يتخذونها حيث تقوم لينا ابنة حسان بالزواج سراً من شاب آخر ويفتضح أمرها منذ الحلقة الأولى، كما تفشل تجربة الزواج الثانية لأروى ابنة أمين وتتخذ قرارها بالانفصال عن زوجها، وبالتأكيد لا تشكل هاتان الحالتان فقط أحداث المسلسل بالكامل بل كانتا النار التي أشعلت فتيل جملة من الخطوط الإنسانية والاجتماعية التي تتقاطع فيما بينها لتخلق حالة درامية مميزة افتقدناها لمدة طويلة، فيصور العمل مجموعة من القضايا والمشكلات الطبيعية التي لا تخلو منها كل عائلة بقالب اجتماعي بسيط وبجرعة عالية من الدفء والحب ليتهمه البعض بالمثالية المفرطة.
حالة حنين
استطاع المسلسل أن يخلق حالة حنين ويعود إلى الزمن الجميل من خلال بعض التفاصيل الدافئة التي مرت به وبشكل مقصود كصورة المخرج الراحل حاتم علي التي علقت على أحد الجدران وظهرت في العديد من المشاهد إضافة إلى موسيقا الفصول الأربعة، فأحيا هذا العمل عصر الفن الراقي وأعاد تصوير الحياة الطبيعية للعائلة السورية باجتماعاتها العفوية والبسيطة البعيدة عن البهرجة والتزييف، كما قدم جملة من الحوارات الهادفة والعميقة التي تجلت في حديث شخصياته فحمل بين طياته رسائل أخلاقية وتربوية لامست تلك الأجيال الوفية للفن الراقي.
الحب العفوي
كما ضم العمل عدداً من ثنائيات الحب التي خلقت له توليفة مميزة وأعادت تجسيد الحب العفوي والبسيط البعيد عن المظاهر والاستعراض وقصص الخيانة المبتذلة، فكانت بمنزلة إضافة جميلة للعمل بثت فيه روح الأمل والتفاؤل بأنه ما زال للحب الصادق متسع في الدراما السورية وما زال هناك أيضاً الشباب الذين يحلمون ويخططون لمستقبلهم. وما عاب هذا الجانب هو تطور الأحداث بشكل كبير وسرعة وقوع الشخصيات في حب بعضها منذ أول لقاء الأمر الذي جعل بعض المشاهدين يحكمون عليه بالبعد عن المنطق والغلو في اللاواقعية.
قيمة مضافة
ومن الأشياء المهمة التي ميزت العمل هي العودة الكبيرة لكثير من الشخصيات التي طال غيابها عن الدراما السورية وأبرزها كان إطلالة الفنان أسامة الروماني الذي يجسد شخصية «حسان» صديق «أمين» الذي يؤدي دوره الفنان دريد لحام، ليجتمعا من جديد بعد مضي ما يقرب الـ40 عاماً على لقائهما السابق في مسرحيتي «غربة» و«ضيعة تشرين» فشكل ذلك قيمة مضافة للعمل جذبت الأنظار إليه.
وكان أسامة الروماني قد تحدث إلى «الوطن» بتصريح خاص عن مشاركته في مسلسل «على قيد الحب»، وقال: «هناك جهد واضح من المخرج لتقديم دراما اجتماعية عائلية ولزمن طويل اشتقنا لمشاهدة هذا النوع من العلاقات العائلية التي تمتحن بأحداث قد تكون مأساوية في بعض الأحيان وكيفية التغلب عليها، والكاتب فادي قوشقجي حاول أن يسبر في عمق الشخصيات وهذا ما تلمسناه أثناء عملنا في التصوير، وأتمنى أن يستمر وهج العمل حتى النهاية».
كما شهد العمل أيضاً عودة الكاتب فادي قوشقجي بعد غيابه لسبع سنوات منذ تأليفه مسلسل « في ظروف غامضة» الذي عرض عام 2015.
وجهة نظر معاكسة
كشف الصحفي والناقد لؤي سلمان بحديث خاص مع «الوطن» عن وجهة النظر المعاكسة لما سبق، فقال: «لا يمكن مقارنة مستوى الأعمال الدرامية التي تنتج وتعرض حالياً بالأعمال السورية التي قدمت قبل عقد من الزمن لا من حيث النص ولا من حيث الإخراج أو الأداء وهناك الجانب الأهم هو الجمهور الذي يتلقى تلك الأعمال، فهل يستطيع أن يتلقي عملاً اجتماعياً أو رومانسياً في ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية»؟
وأضاف: «لا يمكن أن تتجاهل الشركات المنتجة ولا كتّاب السيناريو أن المشاهد السوري اليوم لم يعد موجوداً وإذا كان هناك أجيال تؤمن بالرومانسية والعلاقات الاجتماعية فهي اليوم غائبة أو ضائعة بين الهمّ المعاشي اليومي والمستقبل الغامض».
وأشار إلى أنه لا يمكن تجاهل ثورة منصات العرض التي اعتادت عليها الأجيال الجديدة التي لا تطيق الرتم الهادئ والثرثرة الروائية، كما أن السيناريو لم يخل من المباشرة بتوجيه النصائح ورسائل المحبة وكأن المتفرج يجلس على مقعد مدرسي وهذا ما أضعف العمل.
وأكد على أن هناك خطوطاً درامية في العمل تستحق المشاهدة لكنها للأسف كانت تنوس أحياناً، وأن ما يميز العمل أنه موجه للمجتمع السوري خاصة بآماله وصراع الأجيال بما تحمله من أفكار.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن