- أيهم مرعي
- الخميس 6 آب 2020
تفجّرت، في خلال الأيام القليلة الماضية، حالة التوتر بين الأهالي و«قسد» في ريف دير الزور الشرقي، في صورة اشتباكات أظهرت علوّ كعب العشائر، وقدرتها على تبديل المعادلات. ولعلّ إدراك واشنطن لذلك الواقع هو ما دفعها سريعاً إلى محاولة استرضاء العشائر، خشية فقدان السيطرة على المناطق التي تتركّز فيها حقول النفط وآباره
وبحسب مصادر أهلية تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن «عناصر حواجز قسد في المنطقة حاولوا تفريق المحتجّين بالرصاص، ما أدّى إلى إصابة عدد من المدنيين». وأضافت المصادر أن «الأهالي تجمّعوا من جديد، وهاجموا مقرّات قسد بالأسلحة الخفيفة، وسيطروا على كلّ مقرّاتها في الحوايج والشحيل وذيبان، احتجاجاً على استخدام قسد الرصاص الحي». وتابعت أن «الأهالي سيطروا على المقرّات لساعات وانسحبوا منها لاحقاً، كرسالة على قدرتهم على طرد قسد من المنطقة». وعلى إثر تلك التطوّرات، أعلنت «قسد»، أمس، حظراً تامّاً للتجوال في البلدات التي شهدت احتجاجات في ريف دير الزور الشرقي حتى إشعار آخر، مع نشر مئات من عناصرها عند مداخل ريف دير الزور الشرقي ومخارجه.
تدرك واشنطن و«قسد» أن تمرد العشائر سيهدّد سيطرتهما على حقول النفط
ولا تُعدّ التظاهرات والاشتباكات الأخيرة الحدث الأمني الأبرز منذ سيطرة «قسد» على المنطقة، إلا أن تزامنها مع حوادث الاغتيال ولّد ردود فعل واسعة في الأوساط العشائرية. وسبق أن شهدت غالبية قرى ريف دير الزور الشرقي وبلداته تظاهرات ضدّ ممارسات «قسد» والواقع المعيشي السيّئ في المنطقة، كان أعنفها في أيار/ مايو من العام الماضي، بعد مقتل سبعة مدنيين خلال مداهمة «قسد» حيّ الكتف في بلدة الشحيل.
وبالعودة إلى حوادث الاغتيال، وجّه شيخ مشايخ قبيلة العكيدات، إبراهيم خليل الهفل، في تصريحات إعلامية، أصابع الاتهام إلى «قسد وخلايا داعش»، معتبراً أن «داعش وقسد يسعيان للتخلّص من كلّ وجهاء العشائر الذين يرفضون مشاريع الطرفين، وخصوصاً في ريف دير الزور الشرقي». ودفع الزخم الإعلامي المرافق لعمليات الاغتيال، الولايات المتحدة، إلى إصدار بيان دانت فيه «الهجوم على مشايخ قبيلة العكيدات». وقالت السفارة الأميركية في دمشق، على صفحتها على موقع «فيسبوك»، إن «العنف ضدّ المدنيين غير مقبول، ويعيق الأمل في حلّ سياسي دائم للصراع في سوريا». من جهتها، اتهمت «الإدارة الذاتية»، في بيان، «أياديَ إرهابية تتبع لأجهزة استخباراتية وأمنية باستهداف السيارة التي كانت تقلّ شيوخ العشائر»، متوعّدة «باجتثاث جميع هذه البؤر في مناطق الإدارة الذاتية أينما وجدت». كما كان لافتاً سيل البيانات العشائرية من غالبية عشائر سوريا، وخاصة المتمركزة في مناطق سيطرة «قسد»، والتي أعلنت «التضامن مع قبيلة العكيدات، والاستعداد للوقوف بجانبها بكلّ الإمكانات المتاحة».
وأعادت هذه الحوادث تسليط الضوء على علوّ كعب العشائر، وقدرتها على التأثير في المشهدين الأمني والعسكري، وهو ما ظهر من خلال التعزيزات المسلحة التي وصلت إلى ريف دير الزور لمؤازرة الأهالي ضدّ «قسد». ومن المتوقع أن يسعى «التحالف الدولي» و«قسد» إلى الاجتماع بشيوخ العشائر ووجهائها من أجل امتصاص الغليان الشعبي في المنطقة، وإعادة الحياة إلى طبيعتها تدريجياً. وتدرك كلّ من واشنطن و«قسد» أن أيّ تمرّد منظّم من العشائر ضدّها سيهدّد سيطرتها على أهمّ آبار النفط وحقوله، والتي تتركّز جميعها في مناطق عشائرية تشهد انتشاراً لقبيلتَي العكيدات والبكارة. كما أن عجز الولايات المتحدة عن ضبط الأوضاع في تلك المناطق سيجعل من قواعدها ودورياتها هدفاً لأبناء العشائر، والذين سبق أن اتهموا الأميركيين بالوقوف إلى جانب «قسد» ضدّهم.
وكانت وفود عشائرية طالبت، خلال لقائها ممثل الخارجية الأميركية في سوريا وليام روباك وممثلين عن «التحالف الدولي» في حقل العمر مطلع هذا العام، بـ«إخراج قسد من مناطقها، وتسليم إدارتها لأبنائها». وفي هذا السياق، يؤكد مصدر عشائري لـ«الأخبار» أن «العشائر تلقوا وعوداً أميركية بتخفيف سطوة الأكراد على القرار في دير الزور، وإعطاء صلاحيات عسكرية ومدنية لأبناء العشائر». ويضيف المصدر أن «الأميركيين وعدوا بمشاريع تنموية تساعد في تحسين الواقع الاقتصادي والمعيشي، لكن ذلك لم يحصل حتى الآن». ويلفت إلى أن «ريف دير الزور يعاني من فقدان الكهرباء والمراكز الصحية، وشحّ في المياه والخبز، وتوقّف للنشاط الزراعي بسبب تعطّل شبكات الريّ»، معتبراً أن «المأساة الكبرى هي عدم توفر المحروقات في المنطقة التي تعوم على آبار من حقول النفط». ويتوقع المصدر أن «تتصاعد الاحتجاجات في حال بقيت مطالب أبناء العشائر دون آذان صاغية من التحالف وقسد».
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)