أحمد ضوا
تتوضح يوما بعد آخر أبعاد التأثير الأميركي على أوكرانيا قبل العملية العسكرية الروسية ومدى انخراط الحكومات الأوكرانية منذ العام ٢٠١٤ في تنفيذ الاستراتيجية الأطلسية لتهديد الأمن القومي الروسي ومحاصرة موسكو.
كشفت زيارة وزيري الخارجية والدفاع الأميركيين إلى كييف والتعهد الذي أطلقاه هناك لدعم الحكومة الأوكرانية بالسلاح حتى آخر جندي أوكراني عن جانب كبير مما كانت تعول عليه واشنطن في توظيفها لأوكرانيا بصراعها العالمي ضد الاتحاد الروسي تحديدا وفي استراتيجية الحفاظ على إخضاع أوروبا للسياسة الأميركية على المستوى العالمي وقطع الطريق أمام فرنسا وألمانيا اللتين كانتا تحاولان تعبيد طريق يودي في نهاية المطاف إلى التخلص ولو جزئيا من أعباء ارتهان السياسة الأوروبية للهيمنة الأميركية.
قليلا ما يترافق وزير الدفاع والخارجية الأميركيان وذهابهما معا إلى كييف له تفسيران: الأول مضي واشنطن في إطالة أمد الحرب في أوكرانيا رغم الخسائر والأضرار الكبيرة التي يتكبدها الشعب الأوكراني وخضوع الرئيس إلا وكراني بالكامل للقرار الأميركي.
والثاني ارسال رسالة إلى كل الدول المنخرطة في تأييد الموقف الأميركي بارادتها أو رغما عنها بأن واشنطن ماضية في مواجهتها مع موسكو على الأرض الأوكرانية حتى آخر لحظة.
إن ما يقلق الولايات المتحدة هو بداية تصدع الموقف الأوروبي مما يجري في أوكرانيا وإدراك بعض الدول أن هذه الحرب التي تعمل واشنطن على إطالة أمدها تستهدف الأمن القومي الأوروبي وسعي الولايات المتحدة لإعادة جميع الدول الأوروبية إلى الحظيرة الأميركية دون الأخذ بمصالح الشعوب الاوروبة التي بدأت تتضرر بشكل كبير من تداعيات العقوبات التي فرضتها حكوماتها على موسكو.
إن خطأ التقديرات الأوروبية في مسألة تأثير العقوبات على القرار الروسي ومجاراتها للسياسة الأميركية في ذلك وضع الاتحاد الأوروبي في مأزق كبير فهو غير قادر على التراجع عن هذه العقوبات وفي نفس الوقت عاجز عن تطبيقها أو التعجيل في تصعيد عواقبها على الاقتصاد الروسي الذي واجه الصدمة ولم ينهار وبدأ يتكيف مع العقوبات الغربية وتوظيفها في الإطار الذي يعزز الاقتصاد والصناعة الروسية وفي إلحاق الأضرار الجسيمة بالاقتصاد الأوروبي مستخدما عوامل الطاقة وإمكانيات روسيا وعلاقاتها الواسعة مع باقي دول العالم التي رفضت الانخراط في تأييد الاستخدام الأميركي لأوكرانيا وتصعيد الصراع مع روسيا بدلا من العمل على الاستجابة إلى الطلبات الروسية.
تدرك القيادة الروسية خطط الناتو والولايات المتحدة في أوكرانيا وتبني استراتيجياتها العسكرية والسياسية لإيصال الحكومة الأوكرانية إلى الطريق المسدود قريبا وبالتالي دفعها إلى قبول الشروط الروسية الأمر الذي سيكون ضربة حاسمة لاستراتيجية واشنطن بإطالة الحرب في أوكرانيا.
يطلب بعض قادة الدول الغربية في اتصالاتهم السرية مع نظيرهم الروسي العمل على الإسراع في تحقيق أهداف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وقطع الطريق على واشتطن وتدير موسكو هذه المعركة لتعم نتائجها الإيجابية على العالم الذي يتطلع إلى أفول الهيمنة الأميركية بفارغ الصبر.
(سيرياهوم نيوز3-الثورة29-4-2022)