آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » إسرائيل تختار الرقص في العرس الإيراني

إسرائيل تختار الرقص في العرس الإيراني

مصدر عسكري إسرائيلي: ما جرى سيساهم في «تأخير البرنامج النووي، لكن ليس لفترة طويلة» (أ ف ب )
شهد الأسبوع الماضي سلسلة انفجارات «غامضة» استهدفت برنامجَي إيران النووي والصاروخي. من المحتمل أن تكون هذه الانفجارات مفتعلة، إمّا بعمل أمني مباشر على الأرض أو عبر طائرات «كوادكوبتر» مفخخة، أو بهجمات سيبرانية.ومن المحتمل أيضاً، أن تكون بعض الانفجارات التي حدثت عرضية، أو ناجمة عن خطأ بشري. لكن المؤكد أن هناك نمطاً لما جرى، وبعض المواقع المستهدفة تخدم إمّا برنامج الصواريخ أو البرنامج النووي، المشروعين اللذين يثيران مخاوف الولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج العربي.
لكنّ الجهتين الوحيدتين اللتين تملكان القدرة على تنفيذ مثل هذه الهجمات هما الولايات المتحدة وإسرائيل. ما يشير إلى احتمالية تورّط إحداهما، أو كلتاهما، هو ما أوحى به رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، أثناء لقائه المبعوث الأميركي الخاص لإيران براين هوك في القدس المحتلة الأسبوع الماضي، عن وجوب منع إيران من امتلاك السلاح النووي. وما يزيد الشبهة حول دور إسرائيلي كبير، ما نقلته وسائل إعلام العدو، عن مصادر عسكرية إسرائيلية، شرحت ما جرى في نطنز.
كذلك نقلت وسائل إعلام أميركية عن مصادر «استخبارية شرق أوسطية» (الصفة التي تعطى عادة لضباط العدو الذين يتحدّثون لوسائل إعلام أجنبية بسبب منع الرقابة العسكرية لهم من التصريح)، أن «هجوماً مدبراً» استهدف المنشآت الإيرانية.
ماذا جرى في الأيام العشرة الماضية؟
فجر 26 حزيران/ يونيو، دوّى انفجار، في قاعدة بمنطقة «خجير» على بعد 24 كلم، شمالي غربي قاعدة بارشين شمالي طهران. المكان، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، عبارة عن منشأة «لإنتاج الصواريخ والوقود السائل والصلب المستخدم في الصواريخ، ويشتبه منذ فترة طويلة بأنه موقع رئيسي لترسانة إيران من الصواريخ الباليستية».
بعدها بأربعة أيام، دوّى انفجار بمركز طبي في منطقة تجريش شمالي طهران (على خلاف قواعد «المعارك بين الحروب» التي تتجنب إسرائيل فيها القتل، أدّى هذا الهجوم إلى مقتل 19 شخصاً، ونفى مساعد وزير الصحة الإيرانية ارتباط مشفى «سينا أطهر» المستهدف بأي نشاط نووي. وفي تغريدة له على «تويتر» الجمعة، قال رئيس «معهد الأمن القومي» عاموس يادلين إن الانفجارين اللذين وقعا – بارشين وسينا أطهر – مرتبطان بمنشأة خوجير لتصنيع الصواريخ).
في كلا الحادثين قالت السلطات الإيرانية، بحسب التحقيقات الأولية، إن الانفجار سببه تسرّب غاز، وإن الهجوم السيبراني مستبعد بالحالة الأولى بسبب عدم ربط منشأة الغاز بأي شيء إلكتروني. في اليوم ذاته، قال نتنياهو بعد اجتماعه بهوك إن إسرائيل «ستفعل كل ما في وسعها لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية». وبحسب البيان الصادر عن مكتبه: «لقد عقدت اليوم اجتماعاً مهمّاً مع المبعوث الأميركي الخاص بإيران، برايان هوك، ونتخذ إجراءات عسكرية قوية بشكل متكرر ضد إيران وحلفائها في سوريا، وفي أماكن أخرى، بحسب الحاجة».
في 2 تموز/ يوليو الجاري، انفجر مخزن في مفاعل نطنز النووي. هذه المرّة قالت صحيفة «نيويورك تايمز»: «بخلاف التفجيرات التي شهدتها إيران: الانفجار الضخم في منشأة بارشين العسكرية في طهران، والانفجار في مشفى بالمدينة، فإن كل الإشارات تؤدّي إلى أن ما حدث في نطنز هو هجوم مدبّر». ونقلت الصحيفة عن «مصدر استخباري شرق أوسطي»، أنّ «الانفجار سببه جهاز متفجّر وضع داخل المنشأة، وأضاف إنّه تسبّب بدمار كبير في الأقسام فوق الأرضيّة من المنشأة حيث وضعت أجهزة الطرد المركزي الجديدة». هذه الرواية أكدها مصدر عسكري إسرائيلي لقناة «كان» الإسرائيلية يوم الجمعة الماضي، بقوله إن التفجير في نطنز «جزء من مساعي إحباط البرنامج النووي الإيراني». ونقلت المراسلة العسكريّة لـ«كان»، كرميلا مناشيه، عن المصدر أن ما جرى سيساهم في «تأخير البرنامج النووي الإيراني، لكن ليس لفترة طويلة. لدى إيران 1700 كلغ من اليورانيوم المخصّب، وهي كمّية لم تكن موجودة عندها من قبل، وهذا قرّبها من العتبة النوويّة أشهراً».
أمّا محلل الشؤون الأمنية والعسكرية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، فقال إن «سلسلة الانفجارات والحرائق الغامضة في إيران لم تكن عفوية، بشكل يتزايد تأكيده»، ملمحاً إلى أن «جهة ما مهتمّة بالبرنامج النووي والصاروخي الإيراني حاولت تمرير رسالة للقيادة في طهران، تقضي بوقف تخصيب اليورانيوم أكثر من الكمية التي يسمح بها الاتفاق النووي مع الدول الكبرى، والتوقف عن تطوير وبناء أجهزة طرد مركزي حديثة وسريعة لتخصيب اليورانيوم، والتوقف عن تطوير وبناء صواريخ طويلة المدى بإمكانها حمل سلاح نووي». ونقل بن يشاي عن خبراء أميركيين قولهم إنه أقيم «في نطنز قبل فترة قصيرة مصنع لتطوير أجهزة طرد مركزي متقدّمة لتخصيب اليورانيوم»، وبسببها «ينتاب القلق كل من يخشى أن تطور إيران قدرات لصنع سلاح نووي. فالخوف ليس من كمّيات اليورانيوم المخصب التي جمعتها إيران، خلافاً للاتفاق النووي، وإنما من وجود أجهزة الطرد المركزي بالأساس».
التخوّف من التطور النووي الإيراني أكده أيضاً المراسل العسكري للقناة «13»، ألون بن دافيد، الذي قال إنّ التفجير استهدف «مختبراً جرت فيه اختبارات على أجهزة طرد مركزي متطوّرة تسرّع من وتيرة تخصيب اليورانيوم، وكانت ستُنصب في المنشأة تحت الأرضيّة». وزعم أنّ التفجير «أدّى إلى ضرر كبير للبرنامج النووي»، وشرح أن الانتقال إلى مرحلة متطورة من أجهزة الطرد المركزي هو المرحلة المقبلة لإيران.
أوّل من أمس، وقع الانفجار الرّابع ضمن سلسلة الانفجارات. هذه المرّة استهدف التفجير محطة كهرباء زرغان في الأهواز جنوبي غربي إيران. قد يبدو المكان المستهدف غريباً، إلا إن كان هناك منشأة سرّية تثير القلق، وربما حصل بسبب عطل فني، لكن من المؤكد أن توقيت الانفجار يثير الريبة.

تعيش إسرائيل، بحسب بن دافيد، «حالة من الحذر خشية من رد إيراني» يرجّح أن يكون سيبرانياً

ما يجري في إيران اليوم، يعود بالذاكرة إلى ما جرى في العراق السنة الماضية، من انفجارات غامضة، استهدفت مخازن «الحشد الشعبي»، تبيّن لاحقاً أن بعضها نُفّذ عبر طائرات «كوادكوبتر». هذا النمط من العمل الأمني حاول العدو الإسرائيلي تنفيذه في منطقة معوّض في ضاحية بيروت الجنوبية، حيث أراد تنفيذ عملية بلا بصمة، بإرسال طائرتَي «كوادكوبتر» لتفجير ما ادعى إعلام العدو أنه «خلاط وقود صلبة» للصواريخ الدقيقة، إلا أن تلك المحاولة باءت بالفشل وكشفت أسلوب العمل الجديد. أمّا في ما يتعلّق بوضع عبوات أو إشعال حرائق في الأماكن المراد تدميرها، بهدف إخفاء البصمة، فهو أسلوب قديم متّبع إسرائيلياً. فبحسب المراسل العسكري للقناة «13»، والكاتب في صحيفة «معاريف»، ألون بن دافيد، في مقال نشره في نيسان/ أبريل الماضي، فإن إسرائيل نفّذت عمليّات في لبنان لمواجهة مشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله، منها إرسال «حوّامة مسلحة، في آب من السنة الماضية، على خلاطة وقود صلبة كانت تقف في ساحة في بيروت، وفي بداية هذه السنة نشب حريق في منشأة أخرى مجاورة لمطار بيروت».

تعيش إسرائيل، بحسب بن دافيد، «حالة من الحذر خشية من رد إيراني» يرجّح أن يكون سيبرانياً

حالياً، تعيش إسرائيل، بحسب مداخلة تلفزيونية لبن دافيد، «حالة من الحذر خشية من ردٍ إيراني». ويرى أنه «لا يجب الاستعداد لردّ إيراني عملي»، أي عسكري عبر إطلاق صواريخ، «إنما لردّ إيراني سيبراني». من جهته، نشر رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان) سابقاً في جيش الاحتلال، عاموس يادلين، تغريدةً على «تويتر»، قال فيها: «هل سيُواصِل الإيرانيون الادعاء بأنّ ما يحدث من تفجيرات وعمليات سببها حوادث غير مقصودة؟ أو أنّهم، كما يحدث اليوم، يُوجّهون أصابع الاتهام لكل من إسرائيل وأميركا؟». وتابع: «إنّ لهذا الأمر أهمّية كبيرة بالنسبة إلى ردّة الفعل الإيرانيّة»، مُضيفاً إنّه إذا تمّ اتّهام إسرائيل بالمسؤولية عن الأحداث الأخيرة في إيران، يتعيّن على الدولة العبريّة أن تكون جاهزة من الناحية العملياتيّة لإمكانيات الردّ الإيراني، الذي سيكون: هجوماً سيبرانياً واسع النطاق، أو إطلاق صواريخ من سوريا باتجاه العمق الإسرائيلي أو تنفيذ عمليات وراء البحار، أي ضدّ أهداف إسرائيلية ويهودية.

ليس رداً على الهجوم السيبراني
في نهاية نيسان/ أبريل الماضي، كشف موقع «واي نت»، عن هجوم سيبراني نفذته إيران ضد منشآت مياه إسرائيلية. في 7 أيار/ مايو الماضي، عقد المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) جلسة استثنائية، لبحث الهجوم. في اليوم التالي، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، بشكل مفاجئ، عن توجه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إلى تل أبيب. في 9 أيار/ مايو الماضي، ردّت إسرائيل بتنفيذ هجوم سيبراني استهدف الحواسيب في ميناء «الشهيد رجائي» في بندر عباس، ما أدّى إلى تعطّل حركة الملاحة في المرفأ. بعدها بأربعة أيام، وصل بومبيو، أراد نتنياهو التحدّث عن الملف الإيراني لكن بومبيو ركّز على الملف الصيني، إلا أن ذلك لا يعني أنه لم يتم الاتفاق على النقاط الأساسية لمواجهة الملف الإيراني، وخاصة أن زيارة بومبيو كانت الأولى له خارج الولايات المتحدة في ظل انتشار وباء «كورونا». وما يشير إلى أن الهجمات الأخيرة ليست رداً على الهجوم السيبراني الإيراني، وأن مسارها مختلف، هو كشف إسرائيل عن تنفيذها الهجوم السيبراني ومنح قائد شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «أمان»، اللواء تامير هايمن، شهادات تقدير لعدد من الوحدات في الشعبة. وذكرت صحيفة «هآرتس» العبرية، في الـ 25 من الشهر الماضي، أن هايمن شكر وحدات الشعبة، على رأسهم الوحدة «8200»، على جهودهم في نجاح هجوم السايبر، الذي استهدف الميناء.

إسرائيل اختارت إيران على «الضم»
في الـ 24 من الشهر الماضي، نشر «معهد السياسة والاستراتيجية» الإسرائيلي ورقة عن «المخاطر المستقبلية المهمّة ـــ السياسية والأمنية – التي ينطوي عليها تنفيذ الضم في يهودا والسامرة (التسمية العبرية للضفة المحتلة) وفي غور الأردن». اعتبرت الورقة أن «التركيز المطلق لإسرائيل على الخطوة يمس منذ الآن بقدرتها على التصدي والصد لتهديدات قائمة، وعلى رأسها البرنامج النووي الإيراني المتسع». فبالنسبة إلى المعهد، اختار نتنياهو «في توقيت حرج التخلي عن الوقوف في جبهة الكفاح العالمي ضد التهديد الإيراني»، وخاصة أن إيران زادت منذ شباط/ فبراير الماضي مخزونها «بنحو 50 في المئة من اليورانيوم منخفض التخصيب، والذي يبلغ اليوم 1.571 كلغ». وقال المعهد: «إذا ما قررت إيران، في السيناريو المتطرّف، الاقتحام لقدرة نووية عسكرية، فإن هذه الكمية تسمح لها بأن تنتج مادة مشعة لقنبلة نووية في غضون عدة أشهر». وبحسب بحث آخر أعدّه معهد «بيغن سادات»، فإن إيران ستتمكن خلال أربعة أشهر من تخصيب ما تحتاج إليه من يورانيوم لصناعة أول قنبلة نووية، وحصولها على هذه القدرة هو خطر وجودي على إسرائيل. وبالعودة إلى ورقة «معهد السياسة والاستراتيجية»، فإن على إسرائيل «تجنيد العالم لوقف البرنامج النووي للنظام في طهران، بدلاً من إجبار حلفائها على استثمار طاقة وجهود كبيرة بالذات في محاولة لإحباط خطة الضم». ووفق الورقة، فإنه «لا يمكن لإسرائيل «أن ترقص في عرسين» – أن تضم وأن تتصدى بأفضل شكل للتحدّي الإيراني في آن واحد». فهل اختارت إسرائيل الرقص في العرس الإيراني

(سيرياهوم نيوز-الاخبار)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

كوريا الجنوبية: الرئيس المعزول يرفض المثول أمام المحققين للمرة الثانية

Site Logo البث المباشر الرئيسية أخبار سياسة   رفض الرئيس الكوري الجنوبي المُقال يون سوك يول، استدعاء فريق تحقيق مشترك لاستجوابه بشأن إعلانه الأحكام العرفية ...