آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » مجازر العدو الصهيوني احتفظت بها الكاميرا … السينما السورية رصدت ارتكابات الاحتلال وصّوَر المعاناة التي عاشتها فلسطين

مجازر العدو الصهيوني احتفظت بها الكاميرا … السينما السورية رصدت ارتكابات الاحتلال وصّوَر المعاناة التي عاشتها فلسطين

 

| مصعب أيوب

 

انطلقت سورية من إيمانها بالقضايا العربية وسعت بشكل دائم إلى أنسنة القضايا والوقوف إلى جانب إخوتها العرب ومساندتهم ومناصرتهم، ولاسيما في مواجهة الاحتلال والظلم والإرهاب، فعملت السينما السورية منذ بداية انطلاقتها على تجسيد وتكريس انتمائها هذا عن طريق الإنتاجات السينمائية العديدة التي رصدت واقع ومرارة المعاناة الفلسطينية وضنك التهجير والتشرد، وقد تصدى الكثير من الأعمال السينمائية لنقل هموم ومعاناة الفلسطينيين وحمل على عاتقه مهمة نقل آلامهم للخارج وتعريف الجميع بما يعيشونه في ظل التهجير القسري والنزوح الدائم وقلة المواد الأولية والقمع والإرهاب والممارسات اللاإنسانية التي لا يمل ولا يكل العدو الغاشم من فرضها وهو الذي احتل الأرض واستباح الممتلكات على غير وجه حق.

 

بطولة جماعية

 

الكثير من هذه الأعمال أصبح أقرب إلى الوثيقة التاريخية بقالب فني درامي تكلمت بروح فلسطين وخلدت تضحيات أبطالها، فحفرت صورتها في الوجدان، وقد شارك في تلك الأعمال نخبة من ألمع نجوم الفن وأسماء كبيرة لها وقعها في الساحة الفنية، وهو ما يدل على استعداد كل فئات المجتمع لتقديم الدعم والمساعدة لكل ما يخدم القضية، فقد كان للبطولة الجماعية في تلك الأعمال عظيم الأثر في استقطاب الجمهور والحصول على نسب مشاهدة عالية، علاوةً على إيمان الشعوب العربية المطلق بحق إخوتهم الفلسطينيين وضرورة استرداد الأرض والحقوق المنهوبة.

 

تبعات وأثر

 

أظهر فيلم «كفر قاسم» رد فعل أهل القرية على القرارات التي كانوا يستمعون إليها عبر المذياع الذي وصلهم حديثاً ليكشف وجهات النظر المختلفة وانعكاساتها على القضية الفلسطينية من وجهة نظر أهل القرية، فقدم العمل القضية على أنها قضية قومية عربية، وليست مجرد تبدلات وتقلبات داخلية، فأبرز العمل حب أهل القرية للمقاهي وكثرة ارتيادهم لها للاستماع إلى آخر الأخبار والمستجدات، كما أنه سلط الضوء على معاناة الشاب الفلسطيني الذي يسعى لتغيير اسمه ليتمكن من دخول تل أبيب بحثاً عن عمل، كما تناول الفيلم المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني بحق قرية كفر قاسم، فيركز على تبعات تلك المجزرة ويحلل المعاناة الفلسطينية في الداخل.

 

وقد شارك في هذا العمل كل من عبد الرحمن آل رشي وسليم صبري وعصام عبه جي وعبد الهادي صباغ وغيرهم وهو من إخراج برهان علوية.

 

ممارسات وحشية

 

في فيلم «الأبطال يولدون مرتين» تتمحور الأحداث حول المقاومة الشعبية الباسلة ضد الاحتلال الصهيوني، فيركز حول جد وحفيده الذي يحاول مراراً أن يصبح فدائياً، ولا يخلو من رصد الواقع الفلسطيني وتصوير مرارة الحياة اليومية والوقوف على أبرز آثار وتبعات الممارسات الوحشية والقمعية التي اقترفها العدو الصهيوني، وهو عمل يعزف على وتر المشاعر الوطنية ويحفز الحماسة.

 

ومن أبطاله منى واصف وسامية الجزائري وزيناتي قدسية وعبد الرحمن أبو قاسم وتيسير أدريس وهو من إخراج صلاح دهني.

 

إيمان بالحقوق

 

كما قدم عبد اللطيف عبد الحميد أفلام عدة تدور في جوهرها حول تداعيات القضية على الشعبين الفلسطيني والسوري، فكانت البداية من فيلم «ليالي ابن آوى»، حيث قدم عبد الحميد إسقاطات واضحة لعمق المعاناة مبيناً الاهتمام الشعبي الواسع في سورية بالقضية والإيمان الكبير بنصرتها وحقوقها، وقدم فيما بعد «قمران وزيتونة»2001، فتمحورت أحداثه حول معاناة أرباب الأسر بعد نكبة 1948 فبعد أن كان الرجل الشجاع المقدام الذي يتمتع بشجاعة وبسالة منقطعة النظير، بات شخصاً عاجزاً لا حول له ولا قوة.

 

الهجرة اليهودية إلى فلسطين

 

فيلم «المتبقي» 1995، للمخرج الإيراني سيف اللـه داد، وكانت لؤلؤة أبطاله الفنانة سلمى المصري، فهي الجدّة الفلسطينية التي ستقاتل بأظفارها، لاستعادة حفيدها الرضيع من العائلة اليهودية، وقد أكد على واقعة الهجرة اليهودية من جميع أنحاء العالم إلى فلسطين وتشكيلهم جماعات وعصابات ارتكبت أفظع المجازر واستولت على الأرض واستباحت العرض وتطاولت على كبار السن والنساء.

 

فتمثلت في العمل نكبة الفلسطيني الذي طرد من بيته وأرضه بقوة السلاح الصهيوني العنصري مكرهاً ليبقى في حالة شتات وضياع ومن نزوح إلى تشرد إلى مالا نهاية، فأسبغ بعداً إنسانياً عميقاً على النكبة الفلسطينية.

 

والمتبقي من أكثر أفلام السينما الإيرانية شهرةً في تجسيد القضية، لاسيما وأنه اقتبس عن رواية الأديب الفلسطيني الكبير غسان كنفاني.

 

وقد شارك فيه علاء الدين كوكش وجيانا عيد وسلمى المصري وغسان مسعود وبسام كوسا وصباح بركات.

 

مصير محتوم

 

أما في الأيقونة السينمائية «المخدوعون» فتتجلى الحبكة الدرامية بثلاثة رجال فلسطينيين يسعون إلى السفر للكويت ليتم سرد المعاناة الخاصة لكل فرد فيهم على حدة.

 

فالأعمار الثلاثة (الكهل والشاب والفتى) التي يجري التمثيل لها يشكلون كل الأجيال الفلسطينية التي تعرضت للخداع وسيمثل الخادعين أبو الخيزران «عبد الرحمن آل رشي» الرجل الذي فقد رجولته في الحرب وصار أنانيًا وهمه الوحيد جني المال، وتتمثل الأجيال الثلاثة بالعجوز أبي قيس والشاب أسعد ومروان الذي أنهى بالكاد مرحلة الطفولة.

 

وقد أضاء العمل على التغيّرات التي ضربت المجتمع الفلسطيني إبان النكبة، فيتجه الشخص إلى البحث عن لقمة عيشه في ظل الظروف الحالكة، وهو ما يعزّز مبدأ الأنانية ومنهج التخلّي، ولكنها تكون في بعض الأحيان أنانية مبررة كما في حالة والد مروان العجوز، فهو رجل تخلى عن أسرته وذهب للزواج بامرأة فقدت ساقها بسبب الحرب، إلا أن بيتاً تملكه يجعله يقرر الزواج منها.

 

لا بد أن عنوان الرواية التي اقتبس منها الفيلم «رجال في الشمس» لغسان كنفاني ينم عما تخبئ بداخلها من أحداث وصراعات، فرأينا الرجال الثلاثة في الصحراء القاحلة الماحلة، وتغطيهم شمس شهر آب الحارقة والحرارة الخانقة لشهر آب وتوهج قرص الشمس.

 

وبينما كان أبو الخيزران منشغلاً في إنجاز المعاملات الجمركية والحصول على الموافقات الرسمية لعبور الحدود يعرقل رجل الجمارك الكويتي الفاسد عملية سير المعاملات، فيؤخر بطريقة مأساوية أبو الخيزران عند سؤاله عن بعض الحسناوات وكيفية تدبير بعض السهرات الشيطانية برفقة بعض الماجنات وبنات الهوى.

 

كان الرجال الثلاثة يعانون من الغليان داخل خزان الشاحنة الذي تحول إلى فرن آلي يمكن إعداد وليمة ضخمة بوساطته في دقائق، وهو ما يدل على العزيمة الجنونية للمهاجرين والتي لا جدوى منها أساساً ولكن الأمل يبقى موجوداً في الوصول إلى نهاية سعيدة من المفترض أنها الحالة الطبيعية التي تتلو الكارثة التي أصابت الشعب الفلسطيني ولاسيما بعد حملات التهجير القسري التي فرضتها قوات الاحتلال.

 

ينتهي الأمر باختناق الرجال الثلاثة وموتهم جميعاً في الخزان الذي يقف لساعات تحت وقع حرارة الجو، وفساد الهواء وتراكمهم داخل العربة من دون أن يجرؤ أحد منهم على طرق حديد الخزان الذي راح ينفث اللهب هنا وهناك فيتحول إلى مقبرة جماعية.

 

ومن أبطال العمل إضافة لآل رشي، بسام لطفي وثناء دبسي ومحمد خير حلواني وهو من إخراج توفيق صالح.

 

القائمة تطول ولن تكفي مادة صحفية واحدة لتحصي وتفند كل الانتاجات السينمائية السورية التي أعطت القضية حقها ووقفت على آلامها وصورت همومها، ولكن المؤكد والجلي أن حضور فلسطين فيما أنتجته الثقافة السورية كان زاخماً ومنصفاً ومنطلقاً من التسليم بأن القضية الفلسطينية قضية كل عربي.

 

سيرياهوم نيوز1-الوطن

x

‎قد يُعجبك أيضاً

رحيل عضو مجمع اللغة العربية الدكتور شفيق البيطار عن عمر ناهز 59 عاماً

نعى مجمع اللغة العربية بدمشق الدكتور الراحل محمد شفيق البيطار عضو مجمع اللغة العربية عن عمر ناهز 59 عاماً إثر حالة صحية ألمت به. والراحل البيطار ...