آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » أحجية «آخر انتخابات»: ما الذي يريده إردوغان؟

أحجية «آخر انتخابات»: ما الذي يريده إردوغان؟

محمد نور الدين

 

أَطلق الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، يوم الجمعة الماضي، موقفاً مثيراً للانتباه، بقوله إن الانتخابات البلدية التي ستجري نهاية آذار الجاري، هي «آخر» انتخابات يشارك فيها ويقودها. وعشية لقائه مع «وقف الشباب التركي» التابع لـ«حزب العدالة والتنمية»، قال: «من المعلوم أن انتخابات الـ31 من آذار، ستكون نقطة تحوّل في تركيا. وستكون أنظار العالم الإسلامي كلّها على تركيا. وستكون النتيجة انفجاراً في الأصوات التي ستحصل عليها قضيّتنا». وأضاف: «(أنّنا) نعدو من دون كلل، لأن هذه الانتخابات بالنسبة إليّ هي نهائية. ووفقاً للصلاحيات التي يمنحها القانون، هي آخر انتخابات لي. ولكن النتيجة التي ستخرج ستكون عهد الأمانة الذي نتركه لإخوتنا في المستقبل».وإذ فتح هذا الموقف على تأويلات شتى، فقد رآه البعض إشعاراً بنهاية حياة إردوغان السياسية في عام 2028، وخصوصاً أن الرئيس عطف كلامه على ما يتيحه له الدستور والقانون، فيما رأى معارضوه أنه يخدع الجمهور. وفي هذا السياق، سرد الكاتب مراد يتكين الحالات الانتخابية الكثيرة التي كان إردوغان يعلن أنها الأخيرة له؛ ومن ذلك قوله في انتخابات 2009 النيابية، إنه لن يترشّح مرّة جديدة؛ وفي عام 2012، إنها المرّة الرابعة والأخيرة التي سيترشّح فيها لرئاسة «حزب العدالة والتنمية»؛ وفي انتخابات 2023 النيابية والرئاسية، إنها المرّة الأخيرة التي يطلب فيها من الأمّة منحه أصواتها. ومن جهته، رأى رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، في حديث إردوغان «تهديداً» للأمّة، مذكّراً بأن الرئيس كان قال علناً قبل مدة: «إذا لم تعطوني أصواتكم، فسنقطع عنكم الغاز والخدمات»، فيما ينتقل الآن من التهديد إلى البكاء وإثارة المشاعر. وخاطب إمام أوغلو، إردوغان، قائلاً: «لا زال من ولايتك أربع سنوات، فلماذا تنشغل بإسطنبول إلى هذه الدرجة؟ هناك الكثير ممّا يجب أن تفعله، البطالة والتضخّم وأجور المتقاعدين البائسة والإيجارات العالية».

غير أن وزير العدل، بكر بوزداغ، قد يكون أفضل من «فسّر» كلام إردوغان، بقوله، في اليوم التالي للتصريح، إنه «لا أحد يعرف ما الذي يأتي به الغد. ربّما عندما يحين الوقت، سيجتمع البرلمان التركي ويقرّر تجديد الانتخابات ويفتح المجال أمام رئيس الجمهورية للترشّح مجدّداً». ويشير بوزداغ، هنا، أولاً إلى المادة 101 من الدستور التي تقول: «يمكن الشخص أن يُنتخب رئيساً للجمهورية مرتين على الأكثر»، علماً أن هذا التعديل جاء في استفتاء عام 2017، والذي أُجريت على إثره انتخابات رئاسية ونيابية جديدة، وذلك قبل عام من انتهاء ولاية إردوغان الأولى. ولكن، عندما جاء دور الانتخابات الرئاسية في عام 2023، اعتبر الرئيس التركي ولايته بين عامَي 2014 و2018 وكأنها لم تكن، وأن العداد قام، وفقاً لتعديل عام 2017، بتصفير نفسه مع انتخابات 2018، وأن ترشيحه عام 2023 من جديد هو بمثابة الولاية الثانية وليس الثالثة.

المناخ السائد هو أن انتخابات إسطنبول ستتحوّل إلى «ملحمة كبرى» بين أكرم إمام أوغلو وإردوغان نفسه

 

والآن، عندما يقول بوزداغ إن البرلمان يمكن أن يسمح للرئيس بالترشّح عندما يحين الوقت، إنّما يشير ضمناً إلى المادة 116 من الدستور، والتي تنصّ فقرتها الثالثة على إمكانية أن يترشّح الرئيس الحالي لولاية إضافية ثالثة في حال قرّر البرلمان ذلك بغالبية ثلاثة أخماس أعضائه، ما يعني أنه ليس صحيحاً – وفقاً للقانون – أن هذه الانتخابات هي الأخيرة لإردوغان؛ إذ يمكن له الترشّح للمرّة الثالثة (عملياً الرابعة) إذا وافق البرلمان. وفي حساب عددي، يمتلك «حزب العدالة والتنمية» 264 نائباً، وحليفه «حزب الحركة القومية» 49 نائباً، و«حزب الرفاه من جديد» 4 نواب، و«حزب الدعوة الحرة» 4 نواب، وحزب «اليسار الديموقراطي» نائباً واحداً، بما مجموعه 322 نائباً أي أقلّ بـ38 صوتاً من المطلوب لتعديل الدستور، وهو 360 من أصل 600 نائب. ولذا، لا يستطيع إردوغان تعديل الدستور إلّا بكسب مجموعة من نواب المعارضة، أو عبر الاستفتاء شرط موافقة البرلمان، وعندها تصبح الأبواب مشرعة على كل الاحتمالات، ومنها أن يحقّ للشخص الترشّح ما دام حيّاً. وإذا كان لا يمكن تصوّر «حزب العدالة والتنمية» من دون إردوغان، فقد فتح بوزداغ الباب للتجديد للرئيس عام 2024. أما نائب رئيس الحزب، فقال إن «الأمّة هي التي ستقرّر استمرار إردوغان أم لا. أمّا نحن فنريد إردوغان زعيمنا حتى يفرّقنا الموت».

ووفقاً ليوسف ضيا جومرت، في صحيفة «قرار»، يتبع إردوغان «الحيل الشرعية» في التعاطي مع هذه المسألة، فيما يمكن البرلمان – إذا توفّرت له الأصوات اللازمة – أن «يجدّد» الانتخابات الرئاسية ليستطيع الرئيس الترشّح قبل انتهاء ولايته، فتُحسب ولاية جديدة له. وفي الاتجاه نفسه، انتقد الكاتب محمد علي غولر، في صحيفة «جمهورييات»، إردوغان لأنه يقيم كل يوم مهرجاناً في محافظة مختلفة، «كما لو أنه هو المرشّح لرئاسة البلدية من أضنه إلى إسطنبول، ومن ملاطيا إلى زونغولداق. وكل هذا نتيجة النظام الرئاسي والحزبي الذي أنشأه ولم يبق أحداً في الصف الأول ولا الثاني ولا الثالث. أصبح نظام الرجل الواحد». واعتبر غولر أن «القضية الظاهرة هي الانتخابات البلدية، لكن الأصل هو إعداد دستور جديد، ثم الانتقال ليكون إردوغان رئيساً للجمهورية مدى الحياة». ومن جهته، رأى الكاتب ميتيه قاآن قاينار، في صحيفة «غازيتيه دوار»، أن المناخ السائد هو أن انتخابات إسطنبول ستتحوّل إلى «ملحمة كبرى من الصراع بين أكرم إمام أوغلو وإردوغان نفسه. فإذا فاز خصم إمام أوغلو، مراد قوروم، فإن تعديل الدستور سيسلك طريقه ليتمكّن إردوغان من الترشّح مرّة أخرى للرئاسة. وفي حال خسر قوروم، فإن التعديل الدستوري سيكون عرضة للمخاطر وسيكون صعباً على إردوغان أن يترشّح».

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مظاهرات في كل من ألمانيا وفنلندا والدنمارك وإيطاليا وإسبانيا دعماً لفلسطين

شهدت مدن أوروبية عدة مظاهرات طلابية تضماناً مع فلسطين، واحتجاجاً على العدوان الإسرائيلي الوحشي المتواصل على قطاع غزة. وذكرت وكالة أسوشيتد برس أن الشرطة الألمانية اقتحمت ...