وائل العدس
ربما من المبكر تقييم أي عمل درامي منذ حلقاته الأولى، لكن مسلسل «تاج» كسر هذه القاعدة ولفت الأنظار منذ المشهد الأول رافعاً سقف التوقعات من خلال الأحداث المتسارعة التي لا تعرف المهادنة.
في فترة الأربعينيات من القرن الماضي، وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، تدور الأحداث في دمشق في إطار اجتماعي مملوء بالتشويق والإثارة مع بطل ملاكمة سابق، تربى على القيم الأخلاقية وحب الوطن ومقاومة الاستعمار، قبل أن يُتهم بالخيانة ويخسر كل ما لديه. ورغم تعرضه للعديد من الخسارات والانكسارات، يكمل طريقه بثبات وعنفوان متمسكاً بأخلاقه التي نشأ وتربى عليها.
العمل من تأليف عمر أبو سعدة وإخراج سامر البرقاوي وبطولة تيم حسن وبسام كوسا ونورا رحال وفايا يونان وجوزيف بونصار وكفاح الخوص وموفق الأحمد وإيهاب شعبان وسوسن أبو عفار وفرح الدبيات ودوجانا عيسى وسهيل جباعي وأندريه سكاف ونوار سعد الدين وجان دحدوح وباسل حيدر ومحمد مراد ولوريس قزق ونتاشا شوفاني وجهاد الزغبي ونضير لكود وغسان عزب وفواز سرور وأميرة خطاب وجمال قبش وأسامة السيد يوسف وجهاد الزغبي ووضاح حلوم ومحمد خاوندي، إلى جانب ظهور خاص لسنديانة الشاشة منى واصف.
الملامح الأولى
شخصية «تاج» هي شخصية درامية افتراضية، وهو في العلن يعمل في مهنة الخياطة ولكنه يعمل سراً في المقاومة، ويعيش حالة تخبط في حياته بسبب التشكيك في وطنيته وولائه للمجموعة السرية التي ينتمي إليها، ما يجعله يعيش حالة نفسية صعبة، وهي الفترة التي تعيد تشكيل شخصيته وحياته من جديد، ويسعى إلى استعادة شرفه وسمعته ووطنيته إضافة إلى سعيه لاستعادة زوجته وابنته مرة أخرى من غريمه «رياض».
يستغل «تاج» عمله مع الجنود الفرنسيين في تدريبات الملاكمة في إخفاء عمله مع المقاومة، حيث يعمل مع مجموعة سرية يطلق عليها «القمصان الحديدية» ولديه لقب سري هو «المقص»، فيظهر وهو يقوم بمهمة سرية من أجل اغتيال قائد عسكري فرنسي في منزله، ولكن العملية تفشل في اللحظات الأخيرة ويستطيع الهرب بأعجوبة في النهاية.
ويتعرض «تاج» إلى أزمة بعد ذلك تتسبب في انقلاب حياته رأساً على عقب، وذلك بعد اتهامه بالخيانة والعمل مع الاحتلال الفرنسي.
لكن التأثير الأكبر في حياة «تاج» هو انفصاله عن زوجته «نوران» ونزاعهما على حضانة ابنتهما، وذلك بعد أن تغيرت حياتهما بالكامل من المشاهد الرومانسية بينهما في البداية إلى الانفصال والخلافات.
واستحوذت علاقته القوية بابنته على إعجاب الكثيرين باعتباره أظهر مشاعره كأب حنون رغم قوته.
صراع خفي
يشهد العمل صراعاً خفياً بين «تاج/تيم حسن» و«رياض/بسام كوسا» المتعامل مع الفرنسيين والذي يسعى للوصول إلى السلطة بأي شكل كان.
العلاقة بينهما ندية تحكمها طبيعة الحكاية الدرامية، فهما قطبان في القصة لذا فالصراع بينهما أساس في البناء الدرامي للمسلسل.
هذا الصراع يسفر عن نوع مختلف من المشاهد التي تجمعهما، في موازاة السياق الدرامي المشوق، ليحمل العمل فكرة الصراع بين مفهومي العمالة للمستعمر من جهة والوطنية من جهة أخرى، بظاهرهما وباطنهما، ما يراه الناس في العلن وما يختبئ سراً خلف المظاهر، وهو صراع حول الحقيقة وكيف يمكن لنا إظهارها في وقت ينادي فيه البعض بالمثاليات والقيم على المنابر، ويخفون حقيقتهم التي تتمحور حول الخيانة والعمالة للعدو! وآخرون يُتّهمون بالخيانة ظلماً، وهم في الحقيقة شرفاء ووطنيون.
هذا هو التباين الذي يخلق محور الصراع وأبعاده على امتداد حلقات المسلسل.
انفصال وتحكم
وخلال أحداث العمل، يحقق «رياض» حلمه في حدوث الانفصال بين «تاج» و«نوران»، ليتزوج من الأخيرة، ويحقق لها جميع أحلامها، مع محاولاته المتكررة في جلب ابنتها «سلمى» لها المتواجدة مع والدها.
ينجح «رياض» مرة أخرى في إيقاع «تاج» المهووس بلعب القمار، حيث يتفق مع أحد الأشخاص بإعطاء الأخير مبلغاً كبيراً للدين، وعند توقيعه السند لا يتنبه بأن مالكه هو «رياض».
ويزور «رياض» منزل «تاج» ويخبره بأنه لن يأخذ الدين المترتب عليه في حال أعاد «سلمى» لوالدتها، وإلا فسيتجه للشكوى عليه ويكون مصيره السجن.
يطرق «تاج» جميع الأبواب لطلب مساعدة الجميع، لكنه يفشل ويستسلم لمصيره، بسبب عدم قدرته على تأمين المال ليتوجه إلى طليقته ويسلمها ابنتهما، فيترك «تاج» منزله ويأخذ جميع أغراضه ويتوجه للسكن في منزل شقيقته التي ترعاه بشكل دائم، وتقدم له النصائح.
أما «نوران/فايا يونان» فتعاني في حياتها الزوجية مع «رياض» الذي يبدأ بالتحكم في حياتها الشخصية وشكلها الخارجي، وذلك بسبب غيرته الشديدة عليها، ما يسبب الأذية لعلاقتهما وبدء كرهها له.
ويحاول «رياض» إبراز علاقته بالشكل الجميل مع «نوران» أمام «تاج»، لكونه يعلم بقصة الحب العميقة التي كانت تجمعهما.
وكشفت الحلقة الخامسة عن سبب زواج «نوران» من «رياض»، حيث رفضت الأولى الفكرة في البداية، لكن والدتها أقنعتها به، لأن «رياض» سيساعدهم في التخلص من الديون المترتبة عليهم.
تجسيد دقيق
مع بداية عرض الحلقة الأولى، استطاع صنّاع العمل لفت أنظار المتابعين إلى تجسيد دقيق لحضارة وجمالية دمشق في فترة الأربعينيات.
وأشاد الجمهور بتوصيف دمشق من خلال الديكورات المبهرة وطريقة التصوير والإخراج.
الشركة المنتجة قامت ببناء مدينتين بأحياء كاملة استغرق خمسة أشهر بهدف تقديم عمل واقعي، وهو ما يبرر التكلفة الضخمة لإنتاج هذا العمل، وخاصة أن التحضيرات بدأت قبل سنة ونصف السنة.
كما تميزت الشخصيات النسائية بإطلالات كلاسيكية بفترة الأربعينيات التي كانت مشهورة بإكسسوارات الشعر المميزة واللباس الأنيق.
سيرياهوم نيوز1-الوطن