بقلم:عبد الفتاح العوض
هل يمكن إيقاد شمعة وسط كل هذه الأعاصير؟
الذين يجيبون عن هذا السؤال أحد ثلاثة: الأول: في قلبه كثير من نور يبادر مسرعاً وربما متسرعاً بنعم واثقة، فهو يرى الأمل صناعة الروح، ومحرك المستقبل وهو قبل وبعد كل شيء حاجة الحاجات وصانع المعجزات.
والثاني: في قلبه كثير من الخيبات أسقطته أرضاً بضربات اليأس يبادر مسرعاً بالقول: لا أمل، يصل إلى ما وصل إليه كازانتزاكسي في روايته “المسيح يصلب من جديد” عندما قال لا أمل يا يسوع لا أمل. والثالث: يميل مع الأحداث حيث تميل، تارةً يرى شعاع أمل فيظنه شمساً توشك أن تشرق، وتارةً يصادف ضباباً فيظن السماء قررت أن تهديه خيبة جديدة. الشيء المؤكد أن الأمم وهي تقف على حافة الأمل بحاجة إلى إشراقات من هنا وهناك حتى تبقى على قيد الأمل، وحتى تستطيع أن تعيد التوازن لذاتها، وحتى تمتلك القوة لتجاوز محنها. ونحن هنا وبعد كل ما مرّ بنا بحاجة فعلاً إلى إشراقات مميزة حتى يبقى الأمل ممكناً وحتى تكون زراعة التفاؤل قابلة في أرض قلوبنا. لو نظرنا إلى حياة الأفراد الذين حققوا إنجازات مميزة فإن القاسم المشترك بينهم جميعاً أنهم عقدوا معاهدة عدم طلاق مع الأمل. فلو استسلم أي منهم لأوجاعه وأوضاعه وظروفه لما أكمل حتى فرصة الحياة. فقط الكبار استطاعوا أن يلتقطوا الأمل في الأوقات الصعبة. وفي سورية وعلى مدى السنوات السابقة امتلأت حياتنا بالصعوبات و الأخطار. ببعض الأمل تجاوزنا بعضها ويلزمنا كثير من الأمل لتجاوز معظمها لست بائع أوهام، لدي يقين مطلق بأن شعباً عانى ما عانى لا بدّ أنه يمتلك من الصبر والأمل ما يمكنّه من تجاوز ما بقي. المسألة ليس خياراً أن تكون مع الأمل أو من دونه. المسألة إرادة حيث تعلن انحيازك للتفاؤل.
(سيرياهوم نيوز-الوطن٢٦-٨-٢٠٢٠)