وجبة واحدة يوميا غماسها الجبن والزعتر، هذا كل ما يستطيع الأطفال الفلسطينيون في قطاع غزة تناوله بفعل الحصار الخانق الذي أحكمته إسرائيل على القطاع بالتزامن مع شروعها بشن حرب مدمرة عليه.
تلك الحرب المستمرة منذ 18 يوما تسببت بشح كبير في المواد الغذائية والمياه والطحين، ما ضاعف المعاناة الإنسانية التي يعيشها أصلا سكان القطاع بفعل الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 2006.
فكل ما يحلم به الأطفال الفلسطينيون في قطاع غزة هو أن تنتهي الحرب الإسرائيلية المدمرة وأن يعيشوا بسلام وأن يتوفر لهم الطعام والشراب دون معاناة.
الأطفال يمشون عشرات الكيلو مترات على الأقدام أحيانا في سبيل توفير القليل من الماء (رغم ملوحته) للشرب في ظل ندرة المياه بعد أن قطعتها إسرائيل عن القطاع.
وتقول وزارة الصحة في قطاع غزة، إن سكان غزة يشربون مياه ملوثة، ما أدى لظهور حالات إسهال لدى الأطفال في مراكز الإيواء التي تضم آلاف الفلسطينيين.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قرر في 9 أكتوبر/تشرين الأول فرض “حصار شامل” على غزة، قائلا: “لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود (سيصل للقطاع)”، وفق ما نقلته القناة 13 العبرية.
عبد اللطيف بكر (11 عاما) يقول للأناضول: “لا يوجد لدينا ماء ولا طعام، نعاني في الوصول إلى ماء الشرب، وحتى إذا حصلنا عليها نجدها مياه مالحة”.
وأضاف: “نعد الخبز على الكرتون والقليل من الحطب، فلا يوجد غاز للطهي”.
وتابع بكر: “لا يوجد شيء نأكله، فقط (مسحوق) الزعتر، ودقة (دقيق القمح مضاف إليه التوابل) وجبة واحدة يوميا”.
يشتهي هذا الطفل الفلسطيني أن يأكل طعاما يحتوي على شيء من اللحم، مثل الدجاج، كما يتمنى أن تنتهي الحرب الإسرائيلية على القطاع.
يقول: “بيتنا تضرر بسبب القصف (الذي تنفذه المقاتلات الإسرائيلية يوميا)، أتمنى أن أعود للعب مع أصدقائي، لكن القصف والدمار وهدم البيوت في كل مكان”.
عائلة بكر باتت تفتقر لأدنى مقومات الحياة، فلا ماء ولا غذاء ولا فراش لهم، ولا تستطيع توفير الطعام والماء باستمرار، إذ نفدت أموالها.
من جانبه يقول مجدي الهسي (12 عاما) للأناضول: “الحياة صعبة بنلم (نجمع) الكراتين والحطب لنعمل (نعد) الخبز على النار”.
وأضاف: “الاحتلال دمرنا لا مياه ولا كهرباء ولا أكل (طعام)، نأكل الزعتر الجبنة، والفلفل الحار من قلة الأكل، لا يوجد دجاج ولا لحوم، ونأكل مرة واحدة”.
وتمنى الهسي أن “تنتهي الحرب لكي يتناول وجبته المفضلة وهي السمك”، كما يقول للأناضول، ولفت إلى أنهم “يقطعون طرقا طويلة للحصول على بعض المياه”.
ويحلم الطفل الهسي أن “تنتهي الحرب، وأن لا يخسر أحد من أصدقائه أو أحبابه، وأن يعود ليلعب ويأكل ما يشتهي”.
ويواجه الفلسطينيون في قطاع غزة، أزمة في الحصول على الخبز من المخابز في ظل شح الطحين الشديد الذي يواجهه القطاع في ظل الحرب الإسرائيلية.
ويصطف مئات الفلسطينيين لساعات طويلة على أبواب المخابز في قطاع غزة، بغية الحصول على بعض من الخبز لإطعام أسرهم.
ولا يعمل في قطاع غزة سوى مخابز معدودة بعد إغلاق العديد منها بسبب انقطاع التيار الكهربائي والمياه، وعدم توفر طحين.
ولا يسمح أصحاب المخابز إعطاء الفرد كمية قليلة من الخبز تقارب كيلو جرام واحد، حتى يتسنى إعطاء أكبر قدر من العائلات.
ولا توجد إحصائية لعدد المخابز التي توقفت عن العمل بفعل الحرب، لكن الأعداد العاملة باتت قليلة جدا.
فيما قال محمد بكر (16 عاما) للأناضول: “نسمع أصوات انفجارات عنيفة في كل مكان أطفال تموت ونساء،، الحياة صعبة”.
وأضاف للأناضول: “نعيش حياة صعبة لا طعام هنا، نحصل على الخبز بصعوبة جدا، لا يوجد مخابز هنا ولا مياه”.
وتابع بكر: “نأكل الجبن والفول المعلب والزعتر، لا نستطيع أن نأكل ما نتمنى، تعبنا من الحرب، نعيش بتوتر ويمكن ان نستشهد بأي لحظة”.
ويتمنى بكر أن “لا يفقد أحد من أحبائه أو عائلته بفعل الحرب، وأن يعيش بحرية، ويصلي بالمسجد الأقصى”.
ويعاني سكان غزة (نحو 2.2 مليون فلسطيني) من أوضاع معيشية متدهورة للغاية؛ جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ أن فازت “حماس” بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في 2006.
والأحد، دعت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، إلى توفير خط إمداد مستدام بالمساعدات الإنسانية لتجنب “كارثة” في قطاع غزة.
وقال مدير عمليات “أونروا” في غزة توماس وايت، في تصريحات صحفية إن “وضع الإمدادات الإنسانية فظيع ومحدود جدا، والغذاء والمياه أصبحا نادرين”.
وايت أضاف: “نحن بحاجة لخط إمداد مستدام من المساعدات لتجنب وقوع كارثة في القطاع”.
ولليوم الـ 18 يواصل الجيش الإسرائيلي استهداف غزة بغارات جوية مكثفة دمّرت أحياء بكاملها، وقتلت أكثر من 5791 شهيدا منهم 2360 طفلا و1292 سيدة و295 مسنا، إضافة إلى أكثر من 1500 مفقود تحت الأنقاض.
وخلال الفترة ذاتها قتلت حركة “حماس” أكثر من 1400 إسرائيلي وأصابت 5132، وفقا لوزارة الصحة الإسرائيلية، كما أسرت ما يزيد على 200 إسرائيلي، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم بأكثر من 6 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون إسرائيل.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم