آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » أعداء التعاون!

أعداء التعاون!

| علي عبود

تمتد تجربتي مع أعداء التعاون والعمل التشاركي على مدى ثلاثة عقود كانت “حبلى” بالمفاجآت والخيبات والكثير من الإحباطات!

وكان مشروع دمر السكني “ضاحية الشام الجديدة” الذي دبت فيه الحياة بشكل فعلي في منتصف ثمانينات القرن الماضي نموذجيا في كل شيىء باستثناء العمل التعاوني بين سكان البناء !

وإذا كانت أي تجربة جديدة مثل لجان الأبنية تمر بإشكالات وصعوبات ، فإن المنطق يقول إن التجارب تنضج مع الزمن وتقترب من الكمال أكثر فأكثر، لكن تجربة لجان الأبنية كانت الإستثناء ، فهي أثبتت إن غالبية السوريين ،بل 99% منهم غير متعاونين ويرفضون التشاركية فيما يخص تطوير الخدمات العامة للأبنية التي يشغلونها ، بل إن طريقة تعاملهم مع لجان أبنيتهم تؤكد يوما بعد يوم أنهم أعداء التعاون وأعداء لأي عمل تشاركي ولوكان في مصلحتهم!

قد نفهم ان السكان في جميع الضواحي السكنية الجديدة لاتعكس سوى شريحة محددة من السوريين ،وبالتالي ليس مستغربا أن تكون مكونات هذه الشريحة متنافرة ، وتجد صعوبة في التأقلم مع السكان الجدد وترفض  المشاركة بأي أعمال تقوم بها  لجان الأبنية لصالحهم أولا وأخيرا!

لكن الوضع في مشروع دمر مختلف تماما فقد حرص المخطط والمصمم له أن يكون كل بناء صورة مصغرة عن سورية حيث يسكنه شرائح من (الأطباء والمحامين والمهندسين والمعلمين والفنانين والمثقفين والحرفيين والإعلاميين ..الخ) ، فكل بناء كان يضم أعضاء من كل جمعيات التعاون السكني سواء كانت نقابية أم مهنية !

وبما إن المرافق العامة مشتركة فقد ارتأت الجهات المخططة والمنفذة ان يُطبق على سكان المشروع تجربة لجان الأبنية تتولى عمليات الصيانة والإصلاح والترميم والتجميل وهكذا انطلقت تجربة (هيئات الشاغلين ولجانها الإدارية) لتتكرس فيما بعد بالقانون رقم /55/ لعام 2002 الذي يُطبق حاليا في معظم المحافظات السورية!

وكما قلت فإن تجربتي مع الشاغلين أي السكان بدأت في عام 1985 ولا تزال مستمرة لتاريخه لكنها كانت كما قلت : تجربة مريرة “حبلى” بالمفاجآت والخيبات والكثير من الإحباطات!

لاتزال النسبة العظمى من الشاغلين (99 %) بعد ثلاثة عقود ترفض حضور الإجتماع السنوي للهيئات العامة ، وترفض تسديد اشتراكاتها الشهرية ، وترفض دفع حصتها من فواتير المياه وكهربة المصاعد أوتسديد الدفعات المالية الطارئة لإصلاح الأعطال الناجمة عن القدم والإهتراء وكثرة الإستخدام !

تصوروا برجا سكنيا من52 شقة لايقل شاغلوها عن 200 شخصا لايحضر منهم سوى بضعة أشخاص أي اجتماع  سنوي أوطارىء لمناقشة وضع المرافق العامة التي يستخدمونها يوميا وجميعهم من المقتدرين ماليا  باستثناء قلة من العاملين في جهات حكومية أي بأجر محدود!

نعم .. من يرفض حضور الإجتماعات ويرفض تسديد الإشتراكات ودفع نصيبه من الفواتير المترتبة على المرافق العامة هم المقتدرون ماليا : محامون وأطباء ومهندسون وحرفيون ومدرسون خصوصيون ..الخ.

ولا ينفع مع هؤلاء أي حوار ، بل كانت تصرفاتهم غريبة ،ولامبالية ،ومفاجأة ،فعندما يغيب حارس البناء (الناطور) في إجازة سنوية أواضطرارية ، فإن البناء يتحول إلى حاوية قمامة ضخمة لأن 99 % من الشاغلين يلقون بقمامتهم أمام شققهم أوعلى مدخل البناء ولا يتكلفون عناء حملها بضعة أمتار لرميها في الحاوية!

الملفت أن أي جار عدو للتعاون والعمل التشاركي ومن الرافضين لحضور أي اجتماع ولو لساعة واحدة في السنة لم يكن يتردد بطرق بابي واقتحام منزلي من باب “المونه” عند تعرضه لمشكلة يعتقد أن حلها سيكون حصريا عن طريق الصحافة ، ويأخذ راحته بالحديث والشرح وتكرار تفاصيل المشكلة مرة تلو المرة ولأكثر من ساعة ، وبعدها يتصل يوميا لمعرفة ان كنت نشرت مشكلته أم لا ، وهل جاء رد عليها من الجهات الرسمية! 

ماذا نستنتج من تجربة ثلاثة عقود في لجان الأبنية ؟

99 % من سكان الضواحي أعداء لأي عمل تعاوني وتشاركي ولا يلتزمون بواجباتهم إلا بالإلزام أو تحت ضغط الحاجة أوالمصلحة الخاصة تماما مثلما يحدث مع خدمات الجهات الحكومية والخاصة فهم لايبادرون إلى دفع فواتير الكهرباء والهاتف والموبايل والإنترنت والرسوم والضرائب إلا لمعرفتهم المسبقة ان التخلف عن الدفع يعني قطع الخدمة لمدة قصيرة أوإلغائها !

وما من حلول لهذه المشكلة المستعصية سوى قيام وزارة الإدارة المحلية بتعديل قانون الشاغلين رقم/55/ لعام 2002 لأن أبنية الضواحي السكنية باتت مهترئة وتحتاج إلى أعمال إصلاح وصيانة وترميم ، ولا يمكن تنفيذ مثل هكذا أعمال دون موارد مالية للجان الأبنية ، مامن وسيلة لتأمينها إلا بإلزام الشاغلين بتسديد ذممهم المالية في مواعيدها .

بالمختصر المفيد :من ينفق الملايين على منزله ترميما وإصلاحا وتجميلا لن يتأثر بتسديد ولو واحد بالألف فقط من إجمالي ماينفقه في الداخل ليخصص على إصلاح وترميم وتجميل الخارج!

(سيرياهوم نيوز3-خاص بالموقع 8-5-2022)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

على ضفاف عشق الوطن …

  بقلم د. حسن أحمد حسن وطن … الله ما أروع اتساق هذه الحروف الثلاثة، وما أعظم الدلالات التي تتضمنها ليعلّقها كل مواطن على صدره ...