بقلم:المحامي ياسين زمام
كل شعبنا بمختلف المناطق والتوجهات والفكر والمواقف على اتفاق أننا نمر بأزمة كبرى شديدة الوقع لايمكن متابعة العيش في ظلها ، وأنه لابد من حلها ،مهما اشتدت وتعددت الأسباب والأعداء وابتعدت الحلول وتناقضت المواقف …هذه مسلّمة لاخلاف عليها …
لاشك أن في هرم السلطة السياسية وفي أوساط الهرم وقاعدته مسؤولون مخلصون في أضعف الأحوال أن لديهم الرغبة بإيجاد الحلول …
استفحال الإزمة وتشعبها يستدعي اتخاذ المواقف الجريئة والشجاعة والاستعداد للبذل والتضحية …
لابد أن يكون في اعتبار القيادة المسؤولة أن من واجب كل فرد ومن حقه أن يدلي برأيه وأن يعتبر شريكا ومسؤولا كل في حدود قدراته . وعلى هذا الأساس أعطي نفسي الحق أن أدلي برأيي ولغيري كذلك نفس الحق ، وليس لأحد أن يصادر رأي غيره أو أن يقمعه …
في بلادنا تختلف المواقف فلدينا سلطة وقيادة ونهج تختلف حولها المواقف بين مؤيد يرى الخطأ في الأداء ويريد له العلاج من داخل السلطة ، والبعض يعتقد أن الأزمة خارجية الأسباب وعلاجها لابد أن يأتي من الخارج ويبرئ الداخل والسلطة التي تقوده ..
ومعارض يرى الأخطاء ويحمل السلطة كامل المسؤولية ويبالغ في نسبتها إلى إشخاص في السلطة ويبث الكراهية ويلوح بالانتقام ويرى أن العلاج لابد وان يأتي من خارجها ورغما عنها ، ويتهم السلطة ويشارك في التآمر عليها وعلى الوطن وينتظر أن يأتي الفرج ولو على دبابة ميركافا …
وهكذا انتشرت ثقافة الإلغاء وتباعدت المواقف ، مما يزيد في تعقيد المسألة ويبعدالحلول والعلاج …وعلى هذا الأساس وبدون أن نكيل المديح لمن يستحق أو التأنيب لمن يستحق ندلي برأينا بشكل موضوعي بحت ونشير إلى السلبيات والأوضاع الشاذة وطريقة المعالجة التي نؤمن بجدواها وضرورتها والتي توجب اتخاذ مواقف شجاعة لأنها مصيرية وجودية ولا شيء يدوم …
بداية : نقول لابد من إصلاح شامل يتناول البنى الأساسية من إدارية واقتصادية واجتماعية وكل المناحي إصلاح جذري وعميق وشجاع …
ونشير أن لدينا هياكل وهيئات ومؤسسات لاتأخذ دورها أو تأخذ دور غيرها ، فتخلق خللا عميقا يستوجب استبعادها نهائيا أو تحويل نشاطها واستبدالها بمؤسسات فاعلة تقوم بدورها المؤسسي والوطني على أكمل وجه والحقيقة أن المؤسسات القائمة المعطلة لاتتمتع بأي تأييد شعبي بالمطلق لامن المؤيدين ولا من المعارضين فأضحت عالة على الشعب وعلى القيادة السياسية وعلى نفسها ولدينا أمثلة نسردها حسب الأهمية وليس على سبيل الحصر …
1–حزب البعث العربي الاشتراكي :
لم يعد هذا الحزب يتمتع بدوره النضالي الذي أسس من أجله في ظل شعارات الوحدة والحرية والاشتراكية ، ويقتصر دوره على دور هامشي تراكمي متماهي في عملية السلطة والانصهار فيها ، فلم يعد يعول عليه في إرساء الوحدة العربية ، ولعل الكثير من أعضائه لايؤمنون بالعروبة ، وأما الحرية ، فليس له دور يذكر في مجالها ، وقد تلاشت الإشتراكية تحت وقع ظاهرة الفساد المتحكمة في مجمل الحياة العامة وبدأت خصخصة بعض مؤسسات القطاع العام ، وباختصار لم يعد الحزب يشكل قاطرة للانجازات ، واقتصر دوره ليكون مقطورة تجره قاطرة السلطة لاأكثر ، رغم أن من بين أعضائه مناضلين وقامات وطنية وعلمية وثقافية وكفاءات همشت كلها بتهميش مؤسسة الحزب ، وبعد أن ألغيت المادة الثامنة من الدستور السابق لم يعد من الجائز أن يتصدى للقيادة
وإنما مقتضى الحال أن يستقل في إدارة شؤونه وأن ينخرط في وسط الجمهور ، في عملية نضالية حرة تظهر مكانته ومقدرته وأن يخلي مقرات السلطة وكل ماينفق عليه وبأي صورة ، في عملية إنقاذ له وفي ذات الوقت للتخفيف من أعباء السلطة …
2 —الجبهة الوطنية التقدمية : والتي يقودها حزب البعث وبالمختصر فإنها عالة على السلطة كالحزب تماما ، وإذا ماأرادت الأحزاب التي تتشكل منها جبهة موحدة وحقيقية وأن تمارس دورا نضاليا فليكن في وسط جماهير الشعب ولمصلحته بعيدا عن حالة الجمود والتكلس التي تعاني منه وهي بدورها مقطورةً معطلةً
لافعالية لها ، والاستغناء عنها ضرورة أيضا لذات الأسباب المتوفرة للحزب …
وفي رأينا لايمكن لعملية إصلاح حقيقية أن تنهض ويكتب لها النجاح مالم تتخلص من هذه التراكمات الفارغة التي عفى عليها الزمن وفقدت الحياة والفاعلية وباتت عقبة كأداء تقف في طريق أي محاولة إصلاح لتصبح مستحيلة فاقدة لكل المقومات ، ومؤسسات أخرى لاتعمل أو أنها تقوم بعمل غيرها أو تضل الطريق في عملها ليغدو عدم وجودها خيرا من وجودها سنبينها تباعا
يتبع …
(سيرياهوم نيوز1-صفحة الكاتب)