ترك ارتداء والده للطربوش أثراً كبيراً لدى الفنان التشكيلي نذير بارودي الذي كرس جل حياته لرسم وتصوير البيئة الشامية التي عشقها بكل تفاصيلها، ففي كل ركن من أركان منزله هناك قصة جسدها في لوحة رصدت تفاصيل الحياة اليومية ليس لعائلته فقط وإنما لأهالي دمشق كافة.
وفي تصريح لـ سانا بين بارودي أنه بدأ بممارسة هوايته في الرسم بسن مبكرة بعد أن حظي بتشجيع ودعم من عائلته ومعلميه في المدرسة، حيث كانت رسوماته تنال الإعجاب والتقدير من كل محيطه، مشيرا إلى أنه رسم أكثر من 1000 لوحة بورتريه بقلم الفحم لينتقل بعد ذلك إلى تطوير أدواته واستخدام الألوان الزيتية في لوحاته المفعمة بالحياة لإضفاء البهجة والجمال عليها.
ولفت بارودي إلى أن مدينة دمشق استهوته بكل تفاصيلها بدءاً من المنازل وانتهاء بالحارات والأحياء والأسواق الشعبية، حيث رسم أحياء القيمرية وساروجة وباب توما وباب سريجة وحارة الزيتون وغيرها، موضحاً أن النضج الحقيقي لديه بدأ في سن الأربعين عندما حمل على عاتقه مسؤولية وطنية لتوثيق حارات دمشق وأحيائها القديمة ومعالمها الجميلة برسوماته، كما حازت الحرف القديمة التي اشتهرت بها مدينة دمشق كالمبيض والطرابيشي والحلاق والسكافي والنجار والحمصاني والفاكهاني وبياع الصبار جانباً مهماً في لوحاته، حيث رسمها بأدق التفاصيل للتعريف بها وحفظها من الاندثار.
وأشار بارودي إلى أن حصيلته من اللوحات على مدى سنوات طويلة كانت أكثر من 700 لوحة رسم فيها البيوت الدمشقية ذات الفناء الواسع الذي تحيط به الغرف من كل جانب، وتتوسطه بحرة رخامية تحيط بها النباتات والازهار والأشجار، كما جسد في لوحاته مظاهر الفرح في المناسبات والأعياد وكان لاطلاعه على تاريخ مدينة دمشق أثر كبير في توثيق الكنائس والجوامع القريبة والمتلاصقة من بعضها البعض في المدينة، إضافة إلى أنه رسم أكثر من 200 لوحة جسد فيها الطبيعة الصامتة و(السيران).
وقال بارودي: “إن أبرز اللوحات التي رسمها، الحكواتي، حيث وثق فيها الجلسات الدمشقية معتمداً في رسوماته على الألوان التي أوضحت التفاصيل الصغيرة كصندوق الدنيا القديم، وقصة عبلة وعنتر، وبين فيها اعتماد العمارة الدمشقية على الزجاج المعشق والسقف العجمي المزخرف الذي اشتهرت به مدينة دمشق”.
وأضاف: إنه استطاع نقل التراث والتعريف بمدينته عبر لوحاته التي انتشرت في كل أصقاع العالم، لافتاً إلى أنه يشارك في المعارض الداخلية والخارجية للتعريف بأعماله التي باتت تحظى بإقبال كبير لكونها قريبة من الناس وتنقل طريقة العيش في دمشق.
سيرياهوم نيوز 2_سانا