حسين فحص
توجّهت العديد من أندية كرة القدم في الفترة الأخيرة نحو تحسين ملاعبها ورفع سعتها، أو حتى بناء منشآت رياضية جديدة. نشاطٌ لافت أثار أسئلة حول الفائدة المترتّبة عن ذلك، خاصةً في وقتٍ يعاني خلاله قطاع كرة القدم من خسائر فادحة
ad
تُعد الملاعب واحدة من أبرز أصول أندية كرة القدم. هي ببساطة الرقعة التي تتحرّك عليها أحجار «اللعبة». وفي ظل التطور الهائل الذي شهده القطاع الكروي مع امتداد السنوات، كان لزاماً على المنظمات الرياضية تغيير مسارح العروض.
تسعى الأندية من وراء بناء ملعب جديد أو القيام بترقيات لملعب قائم إلى تحقيق أهداف تؤثر إيجاباً على صورتها، وتزيد العائدات تباعاً. يشهد على ذلك الاستثمارات التي قامت بها أندية أتليتيك بلباو الإسباني (2013)، أولمبيك ليون الفرنسي (2016)، أتلتيكو مدريد الإسباني (2017)، وستهام الإنكليزي (2017)، وزميله توتنهام (2019)… في ملاعبها. وعلى الرغم من استنزاف فيروس كورونا لخزائن أغلب أندية كرة القدم، لم تبطأ استثمارات المنشآت الرياضية في «القارة العجوز».
ad
أصبح الملعب الجديد بمثابة ضمانة لدرّ العائدات في الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى تحديداً، كما أنه يمثّل قوة دافعة لاقتصاد المدينة عن طريق خلق وظائف جديدة. السعة العالية تستقدم عادةً المزيد من المتفرجين، وبالتالي ترتفع عائدات التذاكر والسلع والخدمات المتواجدة داخل الاستاد.
ويصبح الملعب بفعل التغييرات في البنية التحتية مناسباً أيضاً لأحداثٍ مختلفة، بخلاف كرة القدم. يشهد على ذلك إعلان تشيلسي عن نيته بإقامة إفطار جماعي خلال شهر رمضان يوم 26 آذار الجاري، على أرض استاد ستامفورد بريدج في العاصمة البريطانية لندن. تتسع مدرجات ملعب تشيلسي لقرابة 42 ألف مشجع، ويبدو أن الإفطار الأول من نوعه قد يكون الأخير نظراً إلى سعي النادي إلى تجديد ملعبه. سبق وأن أعلن تشيلسي سعيه إلى الحصول على إذن تخطيط لبناء ملعب جديد بسعة 60 ألف متفرج في موقع الاستاد الحالي. ومع ذلك، تبدو الأمور صعبة. يأمل تشيلسي الحصول على مساحة أرض إضافية لتوسيع ستامفورد بريدج وتكبير موقف السيارات وتأمين وصول أفضل للجماهير، لكن السكان المحليين رفضوا فكرة أن يكون الملعب الجديد قريباً من منازلهم. لا تزال المفاوضات جارية مع بلدية فولهام، ومن المرجح أن يكلّف الاستاد 500 مليون جنيه استرليني. تجدر الإشارة إلى أن خطة الاستثمار في الملعب تعود إلى أيام المالك السابق الروسي رومان أبراموفيتش، وقد وضع الملّاك الجدد بنداً لضمان تجديد الملعب ضمن العرض الذي قدّموه لشراء النادي.
ad
تتطلّب مشاريع تشييد الملاعب استثمارات عالية مصحوبة بتحديات كبيرة
الملعب الجديد سوف يجعل تشيلسي يتنافس من حيث السعة والتطور التكنولوجي مع نظرائه اللندنيين، وستهام (يتّسع ملعب لندن 60 ألف متفرج)، آرسنال (يتسع ملعب الإمارات 60704 متفرجين)، توتنهام (يتسع ملعب توتنهام هوتسبير الجديد 62850 متفرجاً)، خلف أكثر ملاعب الأندية سعةً في إنكلترا، وهو ملعب أولد ترافورد التابع لمانشستر يونايتد بسعة 74310 متفرجين، تبعاً لموقع «statista» المختص بالإحصاءات.
تجدر الإشارة إلى أن تشيلسي ليس الوحيد الذي يسعى إلى تحسين ملعبه. في إنكلترا، يضع إيفرتون اللمسات الأخيرة على مخطط استاده الجديد، ليحل مكان الملعب التاريخي غوديسون بارك. سيتم بناء الملعب على ضفاف نهر ميرسي مقابل 600 مليون يورو، وسيكون قادراً على استيعاب ما يصل إلى 52000 متفرج، مع الترجيح بخلق 15 ألف وظيفة جديدة.
ad
سبق وأن أعلن قطبا الكرة الإسبانية أيضاً عن سعيهما لتطوير منشآتهما الرياضية. يرغب برشلونة بتجديد ملعب «كامب نو» وزيادة السعة إلى 105000متفرج في حين بدأ ريال مدريد عمليات تجديد سانتياغو برنابيو، بما في ذلك إضافة سقف قابل للطي.
وتسعى العديد من الأندية في إيطاليا إلى بناء أو تجديد الملاعب، مثل ميلان وروما ولاتسيو وإنتر ميلانو، إلّا أن النوايا لم تؤدِّ بعد إلى حلّ حقيقي.
تحديات كبيرة
تتطلّب مشاريع تشييد الملاعب استثمارات عالية مصحوبة بتحديات كبيرة. هناك مخاوف دائمة حول تأثر مستوى الفريق عندما يلعب على أرض «قيد التجهيز» أو حتى الانتقال إلى ملعب آخر بشكلٍ مؤقت. بعيداً عن الشق النفسي، قد تلازم النادي مخاطر مالية لسنواتٍ طوال، تحديداً عبر تبعات كيفية تمويل الاستثمار. ظهر ذلك جلياً مع فريق آرسنال عندما افتتح ملعب الإمارات عام 2006، على بعد مئات الأمتار من ملعبه السابق هايبري. تكاليف بناء الملعب الجديد أثّرت سلباً على ميزانية «الغانرز»، واضطر المدرب الأسبق آرسين فينغر على خلفية ذلك الاستثمار بالمواهب الشابة عبر الاستفادة من تنميتها ثم بيعها، ما كان سبباً رئيسياً في غياب النادي عن منصة لقب الدوري الإنكليزي منذ عام 2004.
ad
ومع ذلك، ترى العديد من الأندية بأن الاستثمارات في تحسين الملاعب ضرورية على المدى الطويل للحفاظ على المنافسة والاستفادة المالية تباعاً.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية