آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » إردوغان في مصر اليوم: ذروة المصالحة

إردوغان في مصر اليوم: ذروة المصالحة

محمد نور الدين

 

 

رغم جهود المصالحة التركية الأولى، مع مصر، بدأت في ربيع عام 2021، غير أنها لم تسفر، سريعاً، عن نتائج ملموسة، فيما مضت المصالحات التي تلت، وشملت كلّاً من إسرائيل والسعودية والإمارات، قُدماً، في زمن قياسي. لكن ذلك لم يمنع على أيّ حال حصول لقاءات هامشية بين زعيمَي البلدَين، رجب طيب إردوغان، وعبد الفتاح السيسي، أبرزها على هامش «مونديال قطر» في خريف عام 2022. كما جلّت الرغبة في التقارب، الزيارة التضامنية لوزير الخارجية المصري، سامح شكري، إلى تركيا، في الـ27 من شباط العام الماضي، في أعقاب الزلزال المدمّر في السادس منه؛ والتي تلتها، في الـ18 من آذار 2023، زيارة لوزير الخارجية التركي حينذاك، مولود تشاووش أوغلو، إلى القاهرة. لكن ذروة مظاهر التقارب، عبّرت عنها تهنئة السيسي لإردوغان بانتخابه رئيساً لولاية ثالثة (28 أيار، 2023)، وتهنئة الأخير للأول بعد فوزه هو الآخر في الانتخابات (18 كانون الأول، 2023)، علماً أن إردوغان أوفد قبلها، وزير خارجيته (الجديد)، حاقان فيدان، إلى العاصمة المصرية، في الـ14 من تشرين الأول الماضي، للتشاور مع المسؤولين المصريين في شأن الحرب على غزة.على أنه يمكن اعتبار الزيارة التي سيقوم بها إردوغان إلى القاهرة، اليوم، المحطّة الأساسية لدخول عملية المصالحة بين البلدَين دائرة الجدّية. وإذا كانت تركيا ومصر تحتلّان موقعاً في غاية الأهمية في محيطهما الإقليمي، وتتقاسمان الكثير من القضايا، فإنهما تواجهان أيضاً تحدّيات مشتركة تتمثّل في تراجع دوريهما في العديد من الملفات. ولعلّ الوضع في فلسطين، ولا سيما بعد العدوان الإسرائيلي على غزة، أَظهر بوضوح محدودية قدرة البلدَين على التأثير العملي في سير الأحداث. ولهذا السبب، فإن الحرب على غزة ستكون الامتحان الأكبر أمام إردوغان والسيسي، وخصوصاً بعد تهديد إسرائيل باجتياح رفح، وما سيرخيه من أثقال إضافية على مصر.

وبينما أظهرت مصر اهتماماً مباشراً بغزة بسبب موقعها الجغرافي المحاذي، والتداعيات الخطيرة لِما يجري هناك على الأمن القومي المصري، ولا سيما في ظلّ رغبة إسرائيل في تهجير سكان القطاع إلى سيناء، فإن تركيا تبدو الأكثر حاجة إلى مثل هذه الصورة الإقليمية مع مصر، علماً أنها امتنعت إلى الآن عن اتّخاذ أي تدابير ضدّ إسرائيل، رغم الشعارات الكبيرة التي ترفعها في وجهها. وفي إطار الزيارة المرتقبة، يمكن التوقف عند الملاحظات الآتية:

1- إذا صَدقت النوايا، فإن زيارة إردوغان القاهرة، ولقاءه السيسي، يُعتبران طيّاً كاملاً لمرحلة شعار «الانحياز إلى الشعوب»، ولـ«انقلاب 30 يونيو» 2014، كما سمّاه الرئيس التركي، وهو ما لا يعود إلى تغيّر القناعات، بل إلى ما تقتضيه مصلحة إردوغان للبقاء في السلطة، من «مصالحات مالية» مع السعودية والإمارات وإسرائيل، و«سياسية» مع مصر التي لا تمتلك مالاً ولا خيلاً.

2- تأتي الزيارة بحثاً عن «دور ضائع» في غزة – إذ ظهرت تركيا مهمَّشة رغم اقتراح حركة «حماس» أن تكون مصر وتركيا ضمن الضامنين (مع كل من قطر وروسيا) لأيّ اتفاق تبادل أسرى أو ترتيبات أمنية لاحقة -، فيما لن تخلو من محاولات «عرض للقوّة»، إذا ما صدق حديث بعض المصادر عن نية إردوغان زيارة منطقة رفح.

يمكن أن يلي الاتفاق حول ليبيا، بدء الترسيم البحري للمناطق الاقتصادية الخالصة للبلدين في شرقي المتوسط

 

3- ربّما يسعى البلدان إلى تحقيق إنجاز ما قد يكون في متناول اليد خلال الزيارة، يتمثّل في الاتفاق على ترتيبات حلّ في ليبيا. وجاءت أولى الإشارات إلى ذلك، أثناء زيارة وزير الخارجية التركي إلى طرابلس قبل أيام، وتصريحه من هناك بأن أنقرة قرّرت فتح قنصلية في بنغازي، حيث تسيطر قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، العدو اللدود (السابق) لتركيا. وقد يشكّل الاتفاق حول ليبيا ورقة ترضية تركية لمصر، على اعتبار أن ليبيا جزء من الأمن القومي المصري، فيما لا يزال غير معلوم ما إذا كانت تركيا مستعدّة للإعلان عن سحب قواتها من هذا البلد كرسالة حسن نيّة تجاه المصريين، مع الإبقاء على «مستشارين»، وعلى سائر مظاهر النفوذ الأخرى في جميع القطاعات.

4- يمكن أن يلي الاتفاق حول ليبيا، بدء الترسيم البحري للمناطق الاقتصادية الخالصة للبلدين في شرقي المتوسط، إذ تعرض تركيا أن تحصل مصر على مساحات كبيرة إضافية في المتوسط، في مقابل الاعتراف بترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، والذي حصل في 27 تشرين الثاني عام 2019 في عهد رجل تركيا، رئيس حكومة طرابلس فائز السراج، علماً أنه دون الاقتراح التركي عقبات مهمّة، أبرزها التحالف بين مصر وكلّ من اليونان وقبرص الجنوبية.

5- قد تشكّل الزيارة بداية البحث في خيارات وسطية في قضايا الحدود البحرية بين البلدين، ومسارات استخراج الطاقة وتوزيعها في شرقي المتوسط، وخصوصاً أن تركيا تعترض على حدود المناطق الاقتصادية الخالصة لكلّ من اليونان وقبرص، كما على مشاريع نقل الطاقة من شرقي المتوسط إلى أوروبا عبر خطوط أنابيب لا تمرّ بأراضيها. وبعد تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل، كان التعاون في مجال الطاقة بين أنقرة وتل أبيب، على رأس جدول أعمال البلدَين أثناء لقاء إردوغان ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في نيويورك، في العشرين من أيلول الماضي، وقبل أسبوعين فقط من عملية «طوفان الأقصى».

6- تبقى القضايا الثنائية هي الأسهل بين البلدين، إذ تبادلا السفراء في 4 تموز 2023، فيما زار القاهرة العديد من رجال الأعمال الأتراك، وشاركت أنقرة أخيراً في معارض اقتصادية وعسكرية في القاهرة. ويُتوقّع توقيع اتفاقات تعاون اقتصادية وسياحية، في حين بدا مثيراً للاهتمام إعلان مصر أنها ستشتري طائرات مسيّرة تركية.

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هبّة الجامعات تعمّق مأزق الديموقراطيين | الطلاب الأميركيون: لا تراجع عن نصرة غزّة

خضر خروبي   على وقع الجولات المتواصلة من «الكرّ والفرّ» بين الشرطة والطلاب المحتجّين في جامعات الولايات المتحدة، لا تزال الاحتجاجات الطالبية داخل تلك الجامعات، ...