آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » إسرائيل تصحو من «سكرة القتل»: نتنياهو (ليس) قائدنا إلى «النصر»

إسرائيل تصحو من «سكرة القتل»: نتنياهو (ليس) قائدنا إلى «النصر»

بيروت حمود

 

«لا يَصلح قادة الحرب الإسرائيلية لقيادتها»؛ تلك هي خلاصةُ «مُعلّقةٍ» أسهب الكاتب والصحافي الإسرائيلي، بن كسبيت، فيها في سرد وقائع تثبت عدم أهلية رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تحديداً، لإدارة الحرب. وبحسب بن كسبيت، فإن المؤتمر الصحافي الذي عقده ثلاثيّ الحرب (ليل الثلاثاء – الأربعاء)، كان بمثابة «عرض مذهل لانعدام الكفاءة في إدارة الدولة»، مع استثناء بيني غانتس الذي كان الوحيد الذي «لم يثرثر»؛ إذ «بذل جهداً حقيقياً كي لا يضلّل الجمهور بالتلفيق والأكاذيب». أمّا الاثنان الآخران «اللذان بالكاد يتحدّث أحدهما مع الآخر (نتنياهو وغالانت)، ويؤدي غانتس دور الوسيط بينهما، فواصلا الإدلاء بتصريحات هائجة، وتقديم الوعود الجوفاء».في الأسابيع الأولى من الحرب، أمضى نتنياهو الوقت في «فقاعة محكمة الإغلاق»؛ حيث اكتفى بالإدلاء ببيانات مُسجّلة، كلّ بضعة أيام، من دون الإجابة عن الأسئلة، وذلك أمام «أمّة منهكة ومحاصرة». وطبقاً لبن كسبيت، «لو تُرك الأمر له، لبقي كذلك»، لكن الأمر تخطّاه، «فقد رفض غانتس التعاون مع غالانت ونتنياهو، وبدأ بجمع الصحافيين والإجابة عن أسئلتهم»، ومن بَعده، تشجّع غالانت، ولذلك «لم يعُد أمام نتنياهو مناص، فانضمّ إلى الثلاثي»، ليتحوّل الحديث الصحافي إلى مؤتمر يُعقد مرّة أو مرتين أسبوعياً. لكن «المؤتمر الذي عُقد هذا الأسبوع تحديداً كان خطأً»، بحسب بن كسبيت، الذي يرى أن «أيّ قيادة منطقية كانت ستفهم أن الوقت الذي يُمنع التحدّث فيه علناً، هو بالذات الوقت الذي اختار فيه الثلاثي التحدّث علناً»، موضحاً أنه «عندما تكون هناك صفقة تبادل تخطف أنفاس أمّة بأكملها وتضعها على المحكّ، فمن الأفضل قبل أن تصبح الصفقة منجَزة، التزام الصمت بدلاً من الاحتفال، وخصوصاً عندما يكون هدف الطرف الآخر منها هو شراء وقت ثمين له ولأصدقائه. عندها، على القيادة أن تزيد من الضغط العسكري، لتدفع برعاة الصفقة إلى التحرك لإتمامها، لا أن تتفاخر ولا أن تُقدّم الالتزامات (كما فعل نتنياهو وغالانت)».

ما تَقدّم، يحدث «عندما يفكّر رأس الدولة بنفسه وبمصيره، أكثر مما يفكّر بالمصالح الأكثر ضرورة للدولة»، وفقاً لبن كسبيت الذي يضيف أن قادة الحرب «سارعوا إلى إخبار الجمهور عن شيء لم يُتمّوه بعد… حتى إن نتنياهو قرأ بنداً مرتبطاً بالصليب الأحمر من أجل أن يثبت أن الأخير سيزور المختطفين. وبعد ساعة من ذلك، اتّضح أنه أساساً ليس هناك بند كهذا». كذلك، «توّرط» نتنياهو وغالانت في «صراع تصريحات وتوازن رهيب في التهديدات»؛ إذ إنه عندما قال غالانت إن «قادة حماس يعيشون في وقت ضائع»، سارع نتنياهو إلى الإدلاء بدلوه، على رغم «أنه لم يُسأل عن ذلك على الإطلاق، لكنه لم يكن مستعدّاً للسماح لمنافسه الكريه (غالانت) بأن يحظى بلقب بطل الأمسية، أو أن يتصدّر العناوين». وعندئذٍ، «قال (نتنياهو) شيئاً أكثر وضوحاً: “لقد أصدرتُ تعليماتي للموساد، للقضاء على جميع رؤساء حماس أينما كانوا”»، علماً أن رئيس «الموساد»، ديفيد برنياع، كان عندها في قطر التي تستضيف عدداً من قادة «حماس»، ليتساءل الكاتب متهكّماً ما إن كان تصريح نتنياهو «قد وصل إلى برنياع عندما كان يخنق عنق خالد مشعل، أو قبل ذلك».

ويصف بن كسبيت رئيس حركة «حماس» في غزة، يحيى السنوار، بأنه «شريك من الجحيم»، موضحاً أنه عند خوض مفاوضات معه «عليك أن تعرف أنه لا شيء ناجز إلا عندما يصبح ناجزاً بالفعل، وحتى إن حدث ذلك فهو غير نهائي». وإذ يشير إلى أن الصفقة التي وافقت عليها الحكومة في نهاية المطاف كانت هي ذاتها التي طُرحت منذ البداية (مع اختلاف طفيف وهامشي)، وعارضها نتنياهو وغالانت آنذاك بدعم من رئيس الأركان، هرتسي هليفي، انطلاقاً من افتراض مفاده بأن «الضغط المستمر على حماس من شأنه أن يحسّن شروط الصفقة»، فقد ذكّر بأن نتنياهو «معتاد على ذلك؛ إذ بعد استقالة إيهود أولمرت، ورفضه التوقيع على صفقة شاليط، كان أمام خياران حينها: إمّا رفض الصفقة أو التوقيع عليها. في البداية اعترض، وفي النهاية وافق». ويصف «الليلة (التي اعترضوا فيها على الصفقة) بأنها ليلة درامية لا مثيل لها»، حيث سُمع «غانتس وآيزنكوت للمرّة الأولى يصرخان، بعدما أخبرهما بيبي أنه سيتصل ببايدن ويطلب منه 20 مختطفاً إضافياً، وبعد ذلك يعقد اجتماعاً للكابينت، لكنه لم يفِ بوعده».

يرى يهوشواع أن لدى السنوار «مخطّطاً ممنهجاً لإيقاف العملية الهجومية الإسرائيلية بشكل كامل»

 

ويرى بن كسبيت أن نتنياهو يعتقد أنه «كلّما تمكّن من إطالة الحرب، فسينجو منها»، وهنا «يكمن تضارب المصالح الأساسي والمرعب الذي يجد رئيس الوزراء نفسه فيه. ولهذا السبب، منذ اللحظة الأولى، قلتُ إن هذا الرجل لا يصلح لقيادة الحرب». ومن بين الأمثلة على المماطلة وإضاعة الوقت، البطء الذي يسِم المناورات البرية»؛ إذ كان يفترض أن «يتحرك الجيش الإسرائيلي جنوباً منذ زمن طويل». وفي هذا الإطار، نقل عن مسؤول كبير مطّلع على نقاشات «كابينت الحرب» خلال الأسبوع الأخير، قوله إن «غالانت يظنّ أنه في حرب المئة عام، وهو متأكد من أن أمامه سنوات لهزيمة حماس، وهو في الواقع يدفع إلى الأمام طوال الوقت، ويسعى جاهداً لتحقيق أهدافه… لكنه لا يفهم الساعات: ساعة الساحة الدوليّة، ساعة الاقتصاد، و(المجتمع) المُتعب… ليس لدى غالانت الوقت الذي يحتاج إليه». لكن المشكلة «ليست غالانت»، بحسب بن كسبيت، بل «هي نتنياهو» الذي منع التحرّك جنوباً، على رغم أنه «(كان) علينا أن نهاجم على الفور خان يونس، المدينة التي يتمركز فيها محمد الضيف ويحيى السنوار. هناك المخيمات المركزية، هناك رفح، وهناك شيء يمكن فعله من أجل اختصار الوقت وزيادة الضغط على حماس»، متسائلاً: «من يخدم نتنياهو بالضبط؟ يريد العثور على من يمكن إلقاء اللوم عليه (في ما حصل في السابع من أكتوبر)… كعادته دوماً».

وفي سياق متّصل، يرى المحلل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن استئناف العملية البريّة جنوب القطاع، وتحديداً في خان يونس، «سيستغرق أشهراً، وسيواجه صعوبات»، عازياً ذلك إلى أن هذه المنطقة «تتجمّع فيها كل القدرات العسكرية لحماس والتي لم تتضرّر بعد. كما أنه نزح إلى هناك (من شمال وادي غزة) نحو مليونَي مواطن، فيما تبقّى أقلّ من 80 ألف فلسطيني في شمال القطاع، يدفع الجيش الإسرائيلي إلى ترحيلهم إلى داخل مناطق إيواء في القسم الجنوبي»، مستدركاً بأنه «من غير الواضح ما إن كان هذا ممكناً». ويتطرق هرئيل، أيضاً، إلى الساعة الأميركية، مشيراً إلى أنه بالرغم من الدعم الأميركي لإسرائيل، فإن «إدارة (الرئيس الأميركي، جو) بايدن تتحفّظ على طبيعة العمليات العسكرية المخطّط لتنفيذها في جنوب القطاع، وهي منذهلة من رفض نتنياهو القاطع للتداول بسيناريوات ما بعد الحرب»، متوقّعاً أن «يكون هناك ضغط أكبر على إسرائيل لتمتنع عن هجوم ساحق في جنوب غزة». وبحسب هرئيل، فإن «ما يراه الأميركيون مختلف كلياً عما يخطّط له الجيش الإسرائيلي؛ إذ يتوقّعون تقليص القوات الإسرائيلية في شمال القطاع، وإنشاء منطقة أمنية عازلة هناك، والسماح للجيش الإسرائيلي بتنفيذ اقتحامات موضعية في الشمال انطلاقاً منها». ويخلص إلى أنه مع مرور الوقت «قد تعبّر (الإدارة الأميركية) عن تحفّظاتها»، مضيفاً أن الإجراءات التي قد تتّخذها «لكبح» جماح حليفتها، «ستُسرّع الصدام بين بايدن ونتنياهو».

ويتقاطع هرئيل في تحليله مع بن كسبيت؛ إذ يعتقد أن «نتنياهو يتّجه نحو إطالة أمد الحرب، لاعتبارات سياسية داخلية»، مضيفاً أن «هدنة متواصلة تعني قلب الساعة الرملية السياسية، فيما ذلك ليس في مصلحة نتنياهو»، متابعاً أن «عائلات المختطفين والقتلى والمُخلين من بيوتهم حافظوا إلى الآن على موقف رصين، لكنهم قد يخلعون القفّازات قريباً، وذلك بموازاة احتمال نشوب عاصفة في اليمين، الذي يطالب الكثيرون فيه بعدم وقف القتال حتى إخضاع حماس، مثلما تعهّد نتنياهو وغالانت من دون معرفة كيف سينفّذان تعهّدهما». يضاف إلى ما تقدّم، القلق الأميركي النابع، في جزء منه، من الوضع الإنساني في القطاع «الذي تصرّ إسرائيل على الادّعاء أنه ليس في وضع يصل إلى حدّ الأزمة»، علماً أن «معظم البنى التحتية والعمارات في شمال القطاع تهدّمت (قُصفت بالصواريخ من الطائرات الحربية الإسرائيلية)، وثمّة مصاعب تتزايد في الجنوب على مستوى الاحتياجات الحيوية للسكان. أمّا في المنطقة الزراعية في المواصي جنوباً، والتي يتجمّع فيها عشرات الآلاف من النازحين، فثمة مؤشّرات إلى تفشي مرض الديزنتاريا كنتيجة لمشاكل التزوّد بالمياه».

من جهته، يرى المحلّل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوسي يهوشواع، أن لدى السنوار «مخطّطاً ممنهجاً لإيقاف العملية الهجومية الإسرائيلية بشكل كامل»، مبيّناً أن البند الأول في هذا المخطّط هو «صفقة صغيرة جدّاً، لكن الاحتمال الكامن فيها هو ليس انتعاش قواته فقط، وإنما سلسلة من أنشطة قد تفضي إلى إنهاء الحرب. فعلى سبيل المثال، ستدخل وسائل إعلام أجنبية، وخصوصاً أميركية، ليكشف (السنوار) أمامها صوراً لا يعرفها الجمهور الإسرائيلي أيضاً، للدمار الذي أحدثه سلاح الجو، كما أن هناك قتلى وجرحى فوق الأنقاض وتحتها. ولا شك في أن العالم سيُصدم (من جراء تلك المشاهد)». بالإضافة إلى ذلك، «فالمستشفيات الميدانية المؤقتة التي أنشئت في القطاع، والمساعدات التي ستدخل من مصر ودول أخرى، ستصعّب على الجيش الإسرائيلي تنفيذ مناورة برية واسعة، وذلك بموازاة ضغوط دولية متوقّعة لوقف إطلاق نار مطلق». وبناءً عليه، يعتقد يهوشواع أن «العملية العسكرية المزمع تنفيذها في خان يونس، والتي من دونها سيكون “التسبّب بانهيار حكم حماس” فارغاً من مضمونه، يحيط بها خطر ملموس»، مستنتجاً أن «الحكومة الإسرائيلية خاطرت بموافقتها على صفقة تبادل أسرى صغيرة؛ إذ حتى لو صدرت مصادقة أميركية على استمرار العملية العسكرية، فإنها ستنتهي باحتلال الأحياء الشرقية في شمال القطاع، ومناطق أخرى، لكن الجنوب سيستحيل حصناً لقادة حماس الذين فرّوا من الشمال».

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الولايات المتحدة.. دائرة احتجاجات الطلاب تتوسع لتصل حفلات التخرج

نظمت مجموعة من الطلاب، السبت، مظاهرة مناصرة للشعب الفلسطيني خلال حفل تخرج في جامعة ميشيغان الأمريكية، وسط استدعاء جامعات أخرى قوات الشرطة لمنع إقامة مظاهرات ...