كمال خلف:
بعد تصريحات إيرانية صادرة على لسان وزير الخارجية محمد جواد ظريف ومستشار المرشد علي خامنئي العميد حسين دهقان حول دعم إيران لحكومة الوفاق والحل السياسي في ليبيا، طرحت التساؤلات حول الموقف الإيراني من الصراع في ليبيا، والأسئلة الأهم حول تضارب هذا الموقف مع موقف حلفاء إيران الاستراتيجيين سورية وروسيا اللتان تقفان إلى جانب قوات الجيش الوطني بقيادة خليفة حفتر.
قبل أيام كان وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في مؤتمر صحفي مشترك بأنقرة مع نظيره التركي، مولود تشاووش أوغلو وقال نؤكد على دعم الحكومة الشرعية في ليبيا، وهي قادرة على إنهاء الحرب الدائرة. لدينا وجهات مشتركة مع الجانب التركي بشان سبل إنهاء الأزمة في ليبيا واليمن”.
بينما دهقان، في تصريحات مع قناة “الجزيرة”، نقلتها وسائل إعلام إيرانية قال الحديث عن دعم إيراني لقوات الجنرال خليفة حفتر في ليبيا مثير للسخرية”، مؤكدا أن طهران تدعم حكومة الوفاق الليبية وتدعو لحل سياسي في البلاد.
قد يبدو ذلك موقف إيراني داعم لطرف على حساب الآخر في ليبيا وهو متناقض مع أحدث موقف صادر عن الحليف في دمشق فخلال مؤتمر صحفي عقده اليوم وزير الخارجية السورية وليد المعلم تبنى فيه بوضوح موقف مصر من الأزمة الليبية وأبدى الاستعداد لتلبية كل ما تطلبه القاهرة من دمشق دعما لموقفها ودفاعا عن امنها القومي، وكانت دمشق افتتحت قبل أشهر السفارة الليبية في سورية بحضور وفد من الشرق الليبي الخاضع لسيطرة اللواء حفتر.
كما يبدو اهتمام وسائل الإعلام الروسية بالموقف الإيراني الأخير في ليبيا نوعا من اكتشاف ما هو جديد ويستحق الإضاءة عليه وفهم أبعاده، على اعتبار أن كلا من إيران وروسيا حليفتين في وجه ذات النسخة الليبية في سورية، فكيف تقاتل طهران النسخة السورية، وتدعم نظيرتها في ليبيا؟! قد يحسب الموقف الإيراني بالقياس على الموقف السعودي والإماراتي الداعم لحفتر، ولكن هل يصح هذا القياس التلقائي لمواقف الدول، وهل دفع حجم المصالح المتبادلة مع تركيا إلى تبني إيران للموقف التركي؟ رغم أن لإيران مصالح أخرى مع الإمارات واحترام خاص لمصر.
لفهم ذلك يجب أولا فهم جوهر الموقف الإيراني في ليبيا بعيدا عن التأويل من خلال عدة تصريحات ومواقف خلال الأشهر القليلة الماضية ويمكن تلخيصها على الشكل التالي:
تدعم طهران الجهود الدولية الرامية لإنهاء الازمة السياسية في ليبيا، واحترام الوحدة الوطنية الليبية، وحق الشعب الليبي في تقرير مصيره السياسي بعيدا عن اي تدخلات اجنبية، وتؤكد طهران مرارا على أنه لا يمكن معالجة الأزمة عسكريا بل السبيل الوحيد يتمثل بإقامة حوار بمشاركة جميع الاطراف الداخلية بهذا البلد. وبذلك تتخذ طهران موقفا دبلوماسيا يقترب من مواقف غالبية دول العالم، ولكن حقيقة أن إيران تؤكد على أنها تدعم الحكومة الشرعية في ليبيا بشكل واضح يرتبط بما سبق أن وجه لإيران من اتهامات.
مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتّحدة داني دانون في أيار (مايو) الماضي كشف عن إرسال إيران أسلحة متطورة إلى خليفة حفتر في ليبيا، موثقا زعمه في رسالة بعثها بشكل مسبق إلى مجلس الأمن ويقول فيها إنّ إيران خرقت قرارين لمجلس الأمن هما القرار 2231 الصادر عام 2015 والمتعلق بمنع نقل أو تصدير أو تزويد أو بيع أسلحة من إيران إلى جهات أخرى، والقرار 1970 الصادر في عام 2011 والمتعلق بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا.
وزعم دانون وجود أسلحة إيرانية الصنع تم تصويرها في المعارك بيد قوات خلفية حفتر، وهذا ما أطلق حملة إعلامية كبيرة ضد إيران في شبكة وسائل الإعلام “التركية القطرية” تتهم إيران بدعم خليفة حفتر، والعودة إلى زمن الحرب الايرانية العراقية ووقوف القذافي إلى جانب إيران وتزويدها بالسلاح، وبالتالي القول أن إيران ترد الجميل لاتباع القذافي.
اليوم تبدو التهمة عكسية تقول ان ايران تفضل علاقتها مع تركية وقطر والإخوان المسلمين على حساب الدول العربية وعكس توجه حلفائها في سورية، لكن ربما الأمر لا يتعدى دفع إيران عنها تهمة دعم خليفة حفتر وبذات الوقت التعبير دبلوماسيا عن موقف ينسجم مع القرارات الدولية في شرعية حكومة الوفاق، وهو موقف لا يبدو أنه يتعدى الخطاب الدبلوماسي تجاه أزمة دولية ليس لإيران مصالح فيها.
(سيرياهوم نيوز 5 – رأي اليوم 23/6/2020)