بقلم:عبد الفتاح العوض
استمعت لاقتراح مثير للاهتمام له علاقة بالعمل الخيري، ورغم أن المعتاد أن يكون العمل الخيري مرتبطاً بالمال وتقديم المساعدات المادية للمحتاجين، إلا أن باباً آخر للعمل للخيري يمكن أن يكون خارج المال والمساعدات المادية.
الاقت.راح.. إنشاء جمعية خيرية لإصلاح ذات البين
هنا رأسمال الجمعية ليس أموالاً توزعها على الفقراء ولا سللاً غذائية ولا عمليات جراحية، ورغم أن كل هذا هو ما يحتاجه المجتمع الآن بل إنه العمل الأكثر رقياً في المجتمع السوري وهو عمل مثمر جداً، وكلما زادت الأعمال الخيرية في هذا المنحى فإن ذلك يعطي مؤشرات إيجابية عن قدرة المجتمع السوري على مداواة نفسه وعن إصراره على التعاون والتكافل في هذه الظروف الصعبة إلا أن أمراض المجتمع أصبحت أكثر اتساعاً وأصبح لدينا مشاكل من نوع آخر ولا تقل خطورة عن الفقر وتوابعه.
المشاكل الاجتماعية التي أصبحت علامة إضافية من آثار الحرب تحتاج إلى معالجات من نوع مختلف.
وهنا لا أتحدث عن «العدالة التصالحية» التي سمعنا عواءً عنها، بل أتحدث عن إصلاح ذات البين في المجتمع السوري للخلافات التي تكاثرت في الآونة الأخيرة، رأسمال هذه الجمعية إن وجدت هي أسماء رجالها وتاريخهم وسمعتهم وقدرتهم على التأثير في المجتمع الذي يحيط بهم.
ورغم الحديث أننا فقدنا مثل هؤلاء الذين يستطيعون أن يؤثروا فيمن حولهم إلا أن الحاجة لمثل هذه القامات ما زالت موجودة. وبالتالي فإن مثل هذه الجمعيات تستطيع أن تعمل في محيط محدد بمعنى أن يكون لكل منطقة أو نطاق اجتماعي فرع لها يديره المؤثرون على مستوى هذا النطاق.
ما يساعد على ذلك أن هذه الخلافات في مجتمعنا قابلة للحل، فهي في معظمها خلافات إرث أو مشاكل أسرية على نطاق الزواج والطلاق، وما يتفرع منها.
موضوع المصالحة العامة ومصالحة الخلافات السياسية وما حولها لها حلول أخرى.
لكن الفرصة لنجاح هذه الجمعية هو المكانة التي تحتلها فضيلة إصلاح ذات البين.
فعلى المستوى الديني لهذه الفضيلة خصوصية تجعلها في عليا الفضائل، وقد حض القرآن كما الأحاديث على إصلاح ذات البين وجعلها في مكانة العبادات مثل الصلاة والصدقة.
كما أن المجتمع يضع لأولئك الذين يقومون بهذا العمل مكانة خاصة ما يؤهلهم عملياً للنجاح في مهامهم ويصبح لديهم القدرة على التعامل مع أنواع البشر ومواقفهم والقدرة على التأثير فيهم للتجاوب مع مساعي حل الخلافات.
إننا في مجتمع يحتاج للتصالح مع نفسه.. فقد خرّبت فينا هذه الحرب أشياء كثيرة لكن في كل منا حديقة محبة تحتاج إلى من يسقيها.
أقوال:
– ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ إصلاح ذات البين.
– أقضي الأيام في محاولة صلح مع نفسي لا يعيش طويلاً.
– كن مصلحاً إذا تفاسدوا، ومقرباً إذا تباعدوا.
(سيرياهوم نيوز-الوطن٦-١-٢٠٢١)