أيمن الحرفي:
الطفل عالم من المشاعر و الأحاسيس و السلوكيات يفتح عينيه ليرى الكون من خلال أمه وأبيه و من ثم إخوته المكونة للأسرة الحاضن و المدرسة الأولى له ، تحتضنه و تؤثر فيه و يمتص رحيقها الطيب اي صفات المواطنة الصالحة والفطرة السوية. فالأسرة هي النبع الساقي للعادات و التقاليد و الأفعال و والسلوكيات و تتحدد بذلك نظرته الحياة.
و سمات هذا الطفل تتأثر بالبيئة و الوراثة معا كما في سمة الذكاء ، وتحدد سمة البيئة طبيعة اكتساب الطفل للعادات والتقاليد و اللغة و هو ما يسمى بالتنشئة الاجتماعية فتتبلور ثقافته وعملية تكوينه الاجتماعي.
و هنا يبرز دور الأب والأم الهام في عملية التنشئة الاجتماعية فالآباء لهم دور المعلم وقناة التصفية للقيم قبل نقلها للأطفال فهم يمثلون نماذج و مثلا عليا للأطفال يقتدون بهم ويتقمصون و يقلدون تصرفاتهم وأفعالهم واقوالهم.
و للأسف ينشأ الكثير من الأطفال في أسر تتركهم للمقادير و الأخطار فالآباء والأمهات يخطئون بحق أولادهم، هذه الأسر لا تعاني من الفقر و نقص وسائل الصحة و التغذية و جهل الوالدين فقط، بل يعاني الأطفال من الحرمان و عدم الانسجام مع رغبات الكبار و عواطفهم مما يؤدي إلى طفل يعيش حالة نفسية غير سليمة تنشأ عند الطفل.
و قد بينت الدراسات و البحوث التي أجريت على الآباء الذين يعيشون حالة الدفء القائم على أساس الحب مستخدمين منهجا معتدلا في تقييد السلوك المبني على أسس تربوية صحيحة و سليمة ان أولادهم نشؤوا و لديهم القدرة على ممارسة الكثير من أنماط السلوك الجيد و احترام الذات والكفاءة والمقدرة و الضبط الذاتي و القبول من الزملاء و المحيطين بهم، كل ذلك بفضل المنهج الذي يقوم على الشرح و التأويل والاستدلال و التعقل والإقناع و الحب والعطف. تربية الأبناء مسؤولية يتقاسمها الأب و الأم فالأب هو مصدر السلطة في البيت و دوره أساسي في تشكيل شخصيته و تنشئته فهو يرى في أبيه القدوة الحسنة و مصدر القوة و المثال الطيب . لذلك يحب الانتباه إلى سلوكياتنا مع أطفالنا فهم سيستغربون اي سلوك صادر من الأب أو من الأم يخالف اقوالا وتعليمات صدرت منهم، فعقل الطفل لا يقبل التناقض و لا يمكن تبرير أفعال يراها مخالفة لما تعلمه، كأن نقول للطفل لا تكذب مهما كان الأمر و ننسى أنفسنا عندما يرن الهاتف و نشير لطفلنا بأن الأب غير موجود.
.يقول سوخوملينسكي: ” من الخفير حتى الوزير يمكن استبداله بمثله أو بغيره أكثر كفاءة منه ، لكن من غير الممكن استبدال أب جيد بآخر ” فالأطفال يمتصون و يتمثلون سلوك وتصرفات الآباء و من دائرة الأسرة و عندما يتقدمون في العمر تتسع دائرة معارفهم ويختارون مثالهم من الواقع ومما عرفوه من تجارب في التاريخ.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة