الرئيسية » مجتمع » الاتحاد الأوروبي: لغة معقّمة «تعزّز» المساواة الجندريّة

الاتحاد الأوروبي: لغة معقّمة «تعزّز» المساواة الجندريّة

رضا صوايا

 

 

اتخذت الدعوة إلى المساواة بين الجنسين منحى جديداً في الاتحاد الأوروبي، طالت اللغة والمصطلحات والمفردات والجمل في محاولة لتفادي استخدام أي كلمة أو صياغة قد تستبطن تمييزاً معيناً بين الجنسين أو تحيّزاً ضد الإناث أو تفوقاً للذكور. بات الآن مطلوباً لغة حيادية جندريّاً، ومساواة لغوية مطلقة، ولو اقتضى الأمر إعادة برمجة أسلوب الكتابة والتخاطب بين البشر، وشطب مئات السنين من طرق التواصل، لمصلحة نمط جديد من التحادث والإنشاء. فجأة، نبشت الصحافة الإنكليزية في الأيام الماضية دليل إرشاد يعود تاريخ إصداره إلى عام 2019، من إعداد «المعهد الأوروبي للمساواة بين الجنسين» The European Institute For Gender Equality، الذي يعرّف عن نفسه بأنّه هيئة مستقلة تابعة للاتحاد الأوروبي هدفها تعزيز المساواة بين الجنسين في الاتحاد. الدليل الذي أعادت التذكير به صحيفة The Sun، قبل أن تتبعها صحف أخرى مثل The Telegraph ومواقع إخبارية وبرامج تلفزيونية عدة، لاقى هجوماً حاداً من عدد من النواب البريطانيين الحاليين والسابقين، رغم أن بريطانيا غادرت الاتحاد الأوروبي في كانون الثاني (يناير) عام 2020.

 

(بوليغان ــ المكسيك)

Ad

Unmute

قروض لتمويل الأعمال التجارية بأسعار فائدة منخفضة في عام 2024

تمويل الأعمال

 

يشير الدليل في مقدمته إلى أن «اللغة انعكاس للمواقف والسلوكيات والأعراف داخل المجتمع. تشكل مواقف الناس تجاه ما هو «طبيعي» ومقبول. تلعب النساء دوراً نشطاً في المجتمع، ولكننا – في كثير من الأحيان – نستخدم لغة التجاهل أو التقليل من مساهمتهن. الكلمات مهمة في تشكيل رؤيتنا للعالم. على سبيل المثال، هيمنة الكلمات المذكّرة للمراجع العامة، يمكن أن تعكس الافتراضات حول أدوار الجنسين وتأثيرها على القراء».

من هذا المنطلق، يسعى الدليل إلى تقديم إرشادات لاستخدام اللغة التي تراعي الفوارق بين الجنسين في الكتابة. يُذكر أنه رغم «تقديمه نصائح وأمثلة في اللغة الإنكليزية، إلا أن المبادئ الأساسية التي يتضمنها تعتبر عالميّة وصالحة للاستخدام عند استخدام لغات أخرى». ويلفت الدليل إلى أنه «يمكن لجمهور واسع من المتحدثين باللغة الإنكليزية الإفادة منه ولكنه يتوجه بشكل خاص إلى صانعي السياسات ومستشاريهم والمشرعين والكتاب والمحررين ووسائل الإعلام».

يقع الدليل في 65 صفحة ويتضمن العديد من التوصيات والملاحظات مثل الدعوة إلى عدم استخدام كلمة «رجل» Man «كمصطلح محايد» كون هذا المصطلح «يستخدم أحياناً لوصف تجربة جميع البشر، وهو ما يؤدي إلى تجاهل تجربة النساء كأعضاء متساوين في الجنس البشري، ويسهم في إقصائهنّ عن الحياة العامة». على هذا الأساس، يجب استخدام Humankind عوض Mankind للإشارة إلى البشرية (معضلة لا نواجهها مثلاً في اللغة العربية). كذلك بدل القول إنّ جميع الرجال متساوون أمام القانون، يجيب القول إنّ جميع الناس متساوون أمام القانون، أو الصيغة المثلى هي القول بأن جميع النساء والرجال متساوون أمام القانون.

وفي هذا السياق، يشرح الدليل أن بعض أزواج الكلمات أو العبارات عادة ما تُستخدم وفقاً لترتيب ثابت، مع الإشارة إلى الذكر في الأول. وبالتالي، يجب تجنب استخدام هذه العبارات بالترتيب المتعارف عليه. من أزواج الكلمات المذكورة: ملك وملكة، رجال ونساء، الفتيان والفتيات، وحتى السيدات والسادة.

يوضح الدليل أن هذه الأزواج من الكلمات لا تؤشر بالضرورة إلى تمييز وتحيّز، لكن كونها تستخدم دوماً وفقاً لهذا الترتيب، فإنها تصبح بالتالي متحيّزة. لذلك لا يشترط أن يعكس ترتيبها المتعارف عليه بشكل دائم، لكن يجب التنبه إلى عدم وضع الذكر أولاً على طول. وعليه يمكن استخدام الرجال والنساء بهذا الترتيب ولكن كتابة الملكة قبل الملك في حال وجدت هذه الأزواج من العبارات في النص نفسه، أي بالمختصر عدم تغليب جنس على آخر في ترتيب الكلمات بشكل مستمر.

كذلك يحث الدليل على «تجنب استخدام كلمات تنطوي على دلالة جنسانيّة لوصف جانب من جوانب الشخصية أو الشيء. ومن المهم بشكل خاص تجنب القيام بذلك في حالة المصطلح الجنساني الذي يستخدم كإهانة. فعادةً ما ترسم هذه التعبيرات المؤنث على أنه سلبي، وغالباً ما يعني الضعف أو عدم الفعالية». بناءً عليه، بدل القول: ترمي الكرة كالفتيات، يجب القول: أنت لا ترمي جيداً.

دليل يتوجّه إلى الكتّاب والمحرّرين ووسائل الإعلام

 

يعتبر الدليل أنّ هنالك بعض الصفات التي ترتبط حصراً بالإناث وبالذكور التي يجب تجنبها واستخدام صفات أخرى مرادفة لها تنزع عنها الطبعة الجندريّة. مثلاً كلمة «فحل» Virile مرتبطة بالذكور، ويجب استبدالها بكلمة «حيوي» أو «قوي». كذلك، يكشف الدليل أنّ هنالك بعض الصفات التي تستخدم بشكل عام للإشارة إلى النساء وهي تحمل طابعاً مهيناً، ويجيب بالتالي استبدالها بصفات أو كلمات أخرى. على سبيل المثال كلمة Bossy أي متسلط أو متسلطة، يقترح الدليل استبدالها بكلمة Assertive أي حازم أو حازمة، أو كلمتا Emotional أو

Hormonal اللتان تستخدمان غالباً للإشارة إلى الطابع العاطفي للمرأة، فمن المفضل وفقاً للدليل استبدالهما بكلمتي Passionate, enthusiastic, empathetic. أما كلمة Hysterical «هستيري» فيدعو إلى استبدالها بكلمة Irrational أي «غير منطقي».

تصل الأمور مع الدليل إلى حد التنبيه من الإيموجي emojis والصور والألوان المستخدمة التي يمكن أن تحمل صوراً نمطية لجنس معيّن. ويشير الدليل إلى أن العديد من «الإيموجي» تظهر الرجال في أدوار نشطة (رياضيين، مهنيين)، فيما تظهر فيه النساء كراقصات أو مصففات شعر. أما الألوان، فيمكن أن تكون تعسفية ومرتبطة بجنس واحد، كالزهري للإناث والأزرق للذكور دوماً وفقاً للدليل. وفي ما يتعلق بالصور، يلفت الدليل إلى أن العديد من الصور التي تتناول مهناً محددة تربط هذه المهن بجنس معيّن، كالأطباء الذكور والممرضات الإناث. ولتجنّب الصورة النمطية، ينصح الدليل باستخدام أكثر من شخص في الصورة كممرض وممرضة أو طبيب وطبيبة…

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“اليونيسيف”: أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان من جراء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين

منظّمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” تعلن استشهاد أكثر من 200 طفل في لبنان من جرّاء العدوان الإسرائيلي منذ نحو شهرين، في وقتٍ “يجري التعامل مع ...