نقلاً عن مصادر وازنةٍ بالمؤسسة العسكريّة الإسرائيليّة، كشفت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة النقاب عن أنّ حركة (حماس) تُصِّر على أنْ تشمل صفقة تبادل الأسرى القادمة مع دولة الاحتلال إطلاق سراح ثلاثة قياديين وهم: أحمد سعدات، الأمين العّام للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، مروان البرغوثي، القياديّ في حركة (فتح)، وعبد الله البرغوثي، من (حماس)، والذي أنزِل به أطول حكمٍ بالسجن في التاريخ، حيثُ حُكِم عليه بالسجن 67 مؤبدًا.
يُشار إلى أنّ عبد الله البرغوثي هو كاتبٌ ومهندسٌ وخبيرٌ في صناعة المتفجرات، فلسطينيٌّ أردنيٌّ حكمت عليه إسرائيل بالسجن المؤبّد 67 مرة و5200 عام، وهو واحد من قادة حماس في الضفة الغربيّة، درس الهندسة في كوريا الجنوبيّة، وقاد الكثير من العمليات ضدّ الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، واعتقل عام 2003.
وفي صحيفة (فايننشال تايمز) البريطانية، أظهر تحليل أجراه خبراء استنادًا لصور الأقمار الاصطناعية الملتقطة لمدينتي غزة وخان يونس أنّ الجيش الإسرائيليّ “نفذ واحدة من أكبر حملات القصف في التاريخ على القطاع المحاصر”، ووفق التحليل، فقد أظهرت الصور بوضوح أنّ الهجوم أدى إلى تضرر 75 بالمائة من مباني شمال غزة الذي بات غير صالح للسكن.
على صلةٍ، نشر البروفيسور الإسرائيليّ، هيلل شوكِن، مقالاً بصحيفة (هآرتس) العبريّة، أكّد من خلاله أنّ الكيان لن ينتصر في حرب غزّة، لأنّ الهزيمة بدأت في السابع من أكتوبر الماضي، مُشدّدًا على أنّ كلّ يومٍ يمُرّ وتتواصل العمليّة البريّة يكشِف عن عمق الهزيمة الإسرائيليّة.
وأوضح شوكِن أنّه مع انتهاء المعركة المُتوقّع بسبب الضغوطات الدوليّة، ستجِد إسرائيل نفسها في وضعٍ أقسى وأصعب ممّا كانت عليه قبل هجوم (حماس) في أكتوبر، على حدّ تعبيره.
إلى ذلك، قال المحلل السياسيّ الإسرائيليّ، ناحوم برنياع، إنّ الأهداف التي وضعها المستوى السياسيّ أمام الجيش، بعيدة المنال، وكان واضحًا منذ اليوم الأول للجميع، أنّ التصفية والإبادة والدمار، هي أمنيات متوقعة، وليست خططًا عسكريّةً ولا حتى استراتيجيّة، مقابل الضربة التي تلقيناها في السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) الفائت، على حدّ قوله.
وأشار برنياع في مقالٍ بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة إلى أن هناك غصّة، والتوقعات المفرطة تثير خيبة الأمل، وسيكون ذلك مؤلمًا بشكلٍ خاصٍّ في صفوف القوات المقاتلة، وكذلك في صفوف العناصر اليمينيّة المتطرفة، التي كانت تأمل في حربٍ متعددة الجبهات، وتؤدي إلى ترحيل ملايين الفلسطينيين وتجدد الصراع، وتعيد الاستيطان إلى غزة، طبقًا لأقواله.
وتابع المُحلِّل الإسرائيليّ المُخضرم: “الحديث عن توسعة العملية البريّة، يدُلّ على أمريْن، أولاً، أنّ المناطق الشماليّة لم يتِّم تطهيرها، والمقاتلون يخرجون من الأعمدة والمباني ويتعقبون الجنود، والثاني، أنّ الجيش يتشمم رائحة النهاية، ويحاول تحقيق مزيد من الإنجازات قبل إعلان وقف إطلاق النار“، على حدّ تعبيره.
عُلاوة على ذلك، لفت المُحلِّل، الذي يعتمِد على كبار القادة السياسيين والأمنيين في تل أبيب، لفت إلى أنّ رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، قال إنّ “الحرب ستتواصَل حتى النهاية، وسوف تستمِّر حتى يتِّم القضاء على حماس، ومن الناحية التاريخيّة فإنّه قد يكون على حقّ، فالحرب مع المنظمات قد تستمّر لسنوات وربّما أجيال، لكن بالنسبة للعائلات التي اختُطِف أحباؤها، والزوجات اللواتي فقدن أزواجهن في الاحتياط ولم يعودوا، فقد قلبت الحرب عالمهم رأسًا على عقب، والتعامل مع التصريحات الرنانة ينبغي أنْ يكون على حذر، والحديث عن حروب المستقبل يهدف إلى إخفاء كآبة الحاضر“.
وتابع: “ربّما تكون خانيونس المحطة الأخيرة في ما يسميه الجيش المرحلة الصعبة من الحرب، وستكون الخطوة التالية أكثر تواضعًا”.
ورأى في ختام تحليله أنّ “النصف الأول من شهر كانون الثاني (يناير) القادم سيحدث فيه هذا، وسيكون الجيش منشغلاً في إقامة شريطٍ أمنيٍّ يفصل القطاع عن المستوطنات، وسيكون عرضه كيلومترًا واحدًا، وقبل عودة مَنْ تمّ إجلاؤهم من المستوطنات المُحاصرة، فإنّه سيتعيّن على مئات الآلاف من سكان غزة، مواجهة وضعٍ مستحيلٍ، حيث لن يسمح لجزءٍ كبيرٍ منهم بالعودة، لأنّ منازلهم كانت في المنطقة الأمنيّة، وفقد آخرون منازلهم والبنية التحتية المادية والاجتماعية في الأحياء التي كانوا يعيشون فيها“.
على صلة بما سلف، سارعت إسرائيل لاتهام قائد حركة (حماس) في غزّة، يحيى السنوار بأنّه العائق الرئيسيّ والمركزيّ أمام تنفيذ صفقة تبادل أسرى جديدة، وقال المُحلِّل العسكريّ الإسرائيليّ، رون بن يشاي، في مقالٍ نشره في موقع (YNET) الإخباريّ-العبريّ، إنّ إسرائيل تعمل بعدّة طرقٍ من أجل دفع السنوار إلى تغيير موقفه، مُشدّدًا على أنّ المُباحثات بشأن الأسرى بين الطرفيْن وصلت إلى طريقٍ مسدودٍ، لأنّ السنوار يُصِّر على وقف إطلاق النار كشرطٍ للتقدّم في المحادثات، كما نقل عن مصادره الأمنيّة في تل أبيب.
وتابع قائلاً إنّ إسرائيل، التي أبدت استعداها لوقف إطلاق النار لفترةٍ زمنيّةٍ محدودةٍ، تقوم بتفعيل قوّتها العسكريّة، وتُحاوِل إيجاد سلسلةٍ من الضغوطات الدوليّة، وذلك عن طريق استغلال الفوارق في المواقف بين القيادة السياسيّة لحماس، وبين القيادة العسكريّة، على حدّ تعبيره.
وشدّدّ المُحلِّل، نقلاً عن ذات المصادر، على أنّ حماس والجهاد الإسلاميّ تُطالبان بوقف الحرب نهائيًا، وهو الاقتراح الذي يبعد كثيرًا جدًا عن المسار الذي تقترحه إسرائيل، والذي يشمل وقف إطلاق النار لمدّة أسبوعٍ واحدٍ، وربّما أكثر، إدخال المُساعدات الإنسانيّة، وإطلاق سراح أسرى أمنيين يقبعون في سجون الاحتلال، ويشمل ذلك أسرى ملطخّة أياديهم بدماء اليهود، وفق التعبير الإسرائيليّ.
وخلُص إلى القول إنّ المسار الإسرائيليّ المُقترح موجّه لعائلات المخطوفين، وذلك للتأكيد لهذه العائلات مدى اهتمام الحكومة و(كابينيت) الحرب بالمخطوفين، الذين تعتبرهم حكومة نتنياهو في المكان الأوّل في أهداف الحرب، حتى ولو جاء ذلك على حساب العملية الإسرائيليّة للقضاء على حركة (حماس)، وهي العمليّة التي تتقدّم ولكنّها لم تنتهِ حتى اللحظة، أيْ بعد مرور 77 يومًا على بدء العدوان الإسرائيليّ.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم