آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » الاستفتاء الشعبي… انتحار

الاستفتاء الشعبي… انتحار

 

نبيه البرجي

 

يقول محام لبناني مقيم في باريس، ويعمل في منظمة حقوقية عابرة للحدود، انه استشار خبيراً دستورياً بارزا حول ما اذا كان الاستفتاء الشعبي يمكن أن يكون حلاً للأزمة الرئاسية في لبنان…

 

فوجئ بقول الخبير أن جهة فرنسية عليا طرحت عليه السؤال نفسه. كان جوابه «في ظل الفوضى السياسية والفوضى الدستورية، والفوضى الطائفية، في لبنان ستعطي نتيجة الاستفتاء دعاة الكانتونات، أو الدويلات، ورقة اضافية (ودامغة) في وجه من يصرون على بقاء الصيغة الراهنة. باختصار الاستفتاء يفضي، جدلياً، الى… الانتحار!

 

اذا يلاحظ أن لبنان بات بحاجة الى ميثاق سياسي يؤسس للجمهورية الثالثة، بمفاهيم، ومعايير، أخرى لاعادة بناء الدولة، والمجتمع، يستغرب كيف أن موقعاً يكاد يكون خالياً من الفاعلية يستدعي كل تلك العواصف.

يرى أن ما يحصل انعكاس للأزمة التي تضرب منظومة سياسية مضت بعيداً في تكريس الفساد، وفي البرمجة المجنونة للطوائف، دون أن يتوافر أي امكان لحلول داخلية. لا مناص من مبادرة (أوركسترالية) خارجية تعيد النظر في مختلف جوانب الوضع اللبناني.

في رأيه أن الأفرقاء السياسيين يمارسون مهمتهم بطريقة الروليت الروسية، ومع أنهم يشكلون كونسورتيوم مافيويا، فهم يقفون بالبلاد عند حدود الانفجار.

يوضح أن رئيس الجمهورية، بالصلاحيات الملتبسة أو الضبابية، ليس مدعواً لتقديم برنامج عمل، او حتى ورقة عمل. كل ما يستطيع فعله أن يطرح رؤية بانورامية، وهذا ما لم يلاحظه في كلام كل من المرشحين. قرأ ما قاله سليمان فرنجية، في «ذكرى النكبة التي ألمّت بعائلته». توصيف ميكانيكي للحالة التي تدور في حلقة مقفلة.

 

لكنه يتوقف طويلاً عند «ظاهرة أزعور». من «نبش» اسمه لا بد أن يكون لاعباً ماهراً، كما لو أنه يدق على باب البيت الأبيض ليقول لمن في الداخل «مرشحكم مرشحنا»، بالنظر للوصاية الأميركية على صندوق النقد الدولي…

 

الخبير الدستوري، تبعاً لما ينقل المحامي اياه، يعتبر أن لبنان، وللوهلة الأولى، قد يكون بحاجة الى ذلك الرجل الذي عمل في مؤسسات مالية دولية. للوهلة الثانية بفترض أن يكون ملماً (على الأرض) بخفايا الأزمة ـ خلفياتها وآفاقها ـ شرط أن يكون من خارج الأوليغارشيا، وأن يحظى بدعم الجهات الاقليمية والدولية.

يسأل كيف أن اياً من المرشحين لم يطرح شعاراً ـ مجرد شعار لحملته ـ مشيراً الى أن شعار «القوة الهادئة» (مع الصورة الخلفية) الذي ابتكره فيلسوف الاعلان جاك سيغيلا لفرنسوا ميتران، أيقظ حتى من يفضلون الاستلقاء في الحدائق العامة على الوقوف أمام صناديق الاقتراع!

الطريف هنا أن الخبير الدستوري البارز التقى مع العديد من رواد مواقع التواصل الذين أخذوا على أزعور أنه لم يظهر في أي من صوره وهو يبتسم (يبتسم لمن ولماذا؟). «هذا لا يعني الأخذ بقول أوسكار وايلد «وجه متجهم عقل متجهم». قد يكون وراء الوجه المتجهم عقل متوهج».

ولكن من رأى شارل ديغول أو كونراد اديناور (لن نقول ادولف هتلر) وهو يبتسم؟ هنا الكاريزما. الرئيس الفرنسي الراحل، بصليب اللورين، كان يمتلك، على الأقل، كاريزما التاريخ. كم هو ثقيل ومضن ذلك الركام العسكري والفلسفي على كتفي المستشار الألماني الراحل! نستذكر أن الألماني آرثر شوبنهاور كان فيلسوف التشاؤم …

 

في لبنان عرفنا رؤساء جمهورية من كل الأنواع. أحدهم كان على شاكلة هيفاء وهبي. ثان وجهه أقرب ما يكون الى وجوه الموتى. ثالث قال لنا ان «استراتيجيته المفضلة هي …المرأة» !

واذا كان البعض قد رأى في أزعور «التلميذ النجيب لفؤاد السنيورة» (ولا ندري ما أخذه عن خاله الرائع جان عبيد)، فان رئيس الحكومة السابق، وان وصف بـ «الحانوتي الصغير» (Le petit boutiquier) يغني لأم كلثوم، ويستشهد بقصائد أبي تمام، ويدخل الفيل من ثقب الابرة.

 

 

كلنا، باللغة الضائعة، نتكلم، ونكتب، في الوقت الضائع، بانتظار ما يقوله، وما يفعله الآخرون. ما نخشاه أن يكون صحيحاً ما قاله، همساً، مسؤول في جامعة الدول العربية «أفضل حل لأزمة اليمن، ولأزمة لبنان، أن يبقى الحال على حاله»…

(سيرياهوم نيوز1-الديار)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مسرحيّة السيادة

  رأي موسى السادة   «وصلنا للجوف (في السعودية) أهل الإبل وصلوا كل ديرة، حدود قبل مافيه، البدو يشرّقون ويغرّبون على بعارينهم» أبو غازي العثمان، ...