فقار فاضل
بغداد | على رغم عودة «الاتحاد الوطني الكردستاني» إلى حكومة إقليم كردستان بعد فترة مقاطعة استمرّت طويلاً، عادت الأزمة بينه وبين «الحزب الديموقراطي الكردستاني» لتبلغ ذروتها، عندما حصل عراك بالأيدي وتدافع داخل برلمان الإقليم قبل أيام، على خلفية مشكلات تتعلّق بعمل المفوضية المعنيّة بالانتخابات البرلمانية المقرّرة في تشرين الثاني المقبل. وعلى رغم إصرار «الاتحاد» على تعديل قانون الانتخابات وسجلّات الناخبين قبل خوض الاستحقاق، إلّا أن أغلبية كردية، يتقدّمها «الديموقراطي» و«الجيل الجديد»، لا تزال متمسّكة بإجراء الانتخابات في موعدها
بعد أيام قليلة على المصالحة بين «الحزب الديموقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني الكردستاني»، والتي أتاحت عودة الثاني إلى المشاركة في اجتماعات حكومة الإقليم، وشملت اتفاقاً على كيفية صرف عائدات نفطه، انفجر خلاف كبير بينهما على خلفية الانتخابات البرلمانية المقرَّرة فيه هذا العام، ووصل إلى عراك بالأيدي بين النواب خلال جلسة للبرلمان الممدَّدة ولايته. وكان رئيس حكومة كردستان، مسرور بارزاني، قد حدّد الـ18 من تشرين الثاني المقبل موعداً لتلك الانتخابات، بعد تمديد عمل البرلمان القائم لمدّة عام، والذي أثار تشكيكاً في شرعيّته من قِبَل الأحزاب المعارضة لـ«الديموقراطي»، بينما أرجأت المحكمة الاتحادية، للمرّة الثالثة، البتّ في دستورية التمديد، بناءً على دعوى مُقامة من قِبل حراك «الجيل الجديد» المعارض. وكانت آخر انتخابات نيابية أُجريت في الإقليم عام 2018، وقد حاز فيها «الديموقراطي» غالبية مكوَّنة من 45 مقعداً، ثمّ تلاه «الاتحاد» الذي يمتلك 21 مقعداً في البرلمان المؤلّف من 111 مقعداً.
ad
وتطالب أحزاب كردية، منها «الاتحاد» و«التغيير» و«الجيل الجديد»، بإجراء تحديث لسجلّات الناخبين، خاصة في محافظتَي دهوك وأربيل الواقعتَين تحت سلطة «الديموقراطي»، حيث تشتبه الأحزاب المعارضة بزيادة قرابة 700 ألف ناخب في السجلّات، من بينهم وفيات ونازحون من محافظات أخرى. ويأتي هذا الخلاف بعد أسبوعين من لقاء بين رئيس حكومة الإقليم، ونائب رئيسه، قوباد طالباني، لـ«فتح صفحة جديدة في العلاقات، ونسيان الماضي، والاستعداد لإجراء الانتخابات البرلمانية»، وفقاً لبيان مشترك صدر عن اللقاء. وفي هذا المجال، تتّهم رئيسة كتلة «الديموقراطي» في مجلس النواب الاتحادي، فيان صبري، «بعض الأحزاب السياسية بأنها لا تريد إجراء الانتخابات في موعدها، فتارةً تعرقل انعقاد جلسة البرلمان، وأخرى تشريع القانون»، واصفةً، في تصريح إلى «الأخبار»، ما حصل بأنه «غير قانوني»، وخاصة قيام رئيسة البرلمان، ريواز فائق، التابعة لـ«الاتحاد» برفع الجلسة، معتبرةً أن «تفسير ذلك هو أن الاتحاد لا يريد للانتخابات أن تُجرى». وتعتقد صبري أن «الخلاف ليس على الدائرة الواحدة أو الدوائر المتعدّدة، وإنّما هناك استفادة من بقاء الإقليم من دون انتخابات»، مؤكّدةً أن حزبها «يدعم إجراء الانتخابات البرلمانية في الإقليم في الموعد المحدّد، ومستعدّ لجميع الإجراءات اللازمة لغرض تفعيل المفوضية بأسرع وقت»
ad
«الاتحاد» لن يشارك في الانتخابات إذا لم يتمّ تعديل أو تغيير قانون
في المقابل، ترى القيادية والنائبة السابقة في «الاتحاد»، رابحة حمد، أن «الانتخابات في إقليم كردستان أصبحت عقدة كبيرة… خاصة بعد هيمنة الديموقراطي على كلّ الأصوات، بما فيها استحواذه على مقاعد المكوّنات الأخرى وهي تقريباً أحد عشر مقعداً. والديموقراطي كونه يمتلك خمسة وأربعين مقعداً، فإنه يمرّر القوانين كما يحلو له وليس هناك تشاور أو اتفاق مع شركائه في الإقليم». وتضيف حمد، لـ«الأخبار»، أن «الاتحاد لن يشارك في الانتخابات، إذا لم يتمّ تعديل أو تغيير قانون الانتخابات، كونه أصبح مستهلكاً وقديماً، وهو قائم منذ واحد وثلاثين عاماً، ما يعني أنه أصبح لا يلائم البيئة السياسية والظروف التي يشهدها الإقليم في الوقت الحالي». وتشير إلى أن «الديموقراطي يماطل وينتظر أن نخضع ونقبل بالأمر الواقع، بينما نحن على موقفنا ولا نقبل بذلك». وتطالب بأن «يكون الإقليم أربع دوائر انتخابية، وكذلك أن تشرف على الانتخابات مفوضية الانتخابات في الحكومة الاتحادية، وأن تجرى برقابة أممية، حتى نضمن استحقاقاتنا من دون تزوير أو تلاعب من قِبل الأحزاب الأخرى، ومنها الديموقراطي».
ad
وتنبّه حمد إلى أن ثمّة فارقاً كبيراً بين الأصوات الموجودة في سجلّات الناخبين في مفوضية إقليم كردستان، وتلك الموجودة لدى المفوضية العليا في بغداد، موضحةً أن «هناك مئات الآلاف من الأصوات كلّها تزوير، فأغلبها لنازحين من سوريا وتركيا وإيران، وحتى بينهم نازحون من محافظات عربية»، مبيّنةً أن «هذه الزيادة فقط في دهوك وأربيل، وهناك نقصان في السليمانية، ما يعني أن أكثر من ثلاثمئة ألف صوت من غير الأكراد ستذهب لصالح الديموقراطي». كذلك يرى السياسي والقيادي في «الاتحاد»، محمود خوشناو، أن «هناك ضرورة كبيرة لتعديل قانون الانتخابات». ويقول: «نحن نشعر بأن هناك ظلماً كبيراً في القانون لأنه شُرّع عام 1992 وطرأت عليه تعديلات عدّة، وفقد روحيّته وانسجامه مع التغييرات الاجتماعية والسياسية. لذلك، لا بدّ من أن نذهب إلى تشريع قانون جديد»، متسائلاً في حديث إلى «الأخبار»: «لماذا كلّما تكون هناك مبادرة وتقارب، يقوم الديموقراطي بإجهاض هذه المبادرات؟»
سيرياهوم نيوز 1-الاخبار اللبنانية