آخر الأخبار
الرئيسية » عالم البحار والمحيطات » المعركة البحرية لم تخمد: النفط الإيراني المهرَّب يشغل تل أبيب

المعركة البحرية لم تخمد: النفط الإيراني المهرَّب يشغل تل أبيب

يحيى دبوق

 

المعركة البحرية التي تقودها الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفاؤهما، ضدّ إيران وحلفائها في الإقليم، لم تهدأ ولم تنتهِ، على رغم الإخفاق الذي مُني به طرفها الأوّل، والذي أدّى إلى انسحابه مؤقّتاً منها من أجل تحسين جهوزيّته والعودة من جديد. هذه المعركة، التي لا تقلّ أهمّية وتأثيراً عن غيرها من المعارك، هي جزء لا يتجزّأ من الحرب المباشرة وغير المباشرة المستمرّة بين الجانبَين، ومن شأن تفوّق الجانب الإيراني فيها أن يحدّ من فاعلية الفعل الإسرائيلي – الأميركي على الساحات الأخرى، بل وأن يفرّغ أيّ إنجاز محقَّق فيها من فاعليته.

 

منذ أسابيع، تتسرّب إلى الإعلام أخبار عن استهداف سفن تنقل نفطاً إيرانياً، وقيام هذه الجهة أو تلك، وتحديداً بحرية الولايات المتحدة، بمصادرة حمولتها، كونها تخرق العقوبات الأميركية المفروضة على إيران. وفي المقابل، تَبرز أنباء عن ردود إيرانية ضدّ سفن ذات أصول أميركية وإسرائيلية، أو تحمل نفطاً متوجّهاً إلى الولايات المتحدة، ضمن سياسة ردّ الفعل الموازن والتناسبي. وإذ يعني ما تَقدّم استئناف المعركة البحرية بين الجانبَين، وإنْ مع حلول الطرف الأميركي محلّ الإسرائيلي، فإن تساؤلات تُطرح مجدّداً حول مسارها ومآلاتها.

ad

 

بعد أقلّ من عام على انسحاب الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي مع إيران عام 2018، وسّعت إسرائيل ما تسمّيها «المعركة بين الحروب» في مواجهة إيران، لتُشرك فيها سلاح البحرية، وهي نتيجة كانت متوقّعة في ظلّ إطلاق واشنطن يد تل أبيب أينما كان، ضدّ طهران. واستهدفت المعركة البحرية، كما غيرها من أشكال الحروب، خنق إيران إلى الحدّ الأقصى، وذلك عبر منع تحايلها على العقوبات المفروضة عليها بحرياً، بما يؤدّي بالتالي إلى «إغلاق الدائرة» تماماً عليها، ومن ثمّ تركيعها، كما كان مخطَّطاً.

في حينه (هآرتس 07/03/2019)، هدّد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بأن البحرية الإسرائيلية قد تتّخذ إجراءً ضدّ تهريب إيران للنفط، مشيراً، في كلمة أمام ضباط من البحرية الإسرائيلية، إلى أن إيران تتبع إجراءات سرّية لشحن النفط، مثلما كانت تفعل قبل إبرامها الاتفاق النووي في عام 2015. وقال: «تحاول إيران التحايل على العقوبات من خلال تهريب النفط خفيةً عبر مسارات بحرية. وبناءً على مدى تلك المحاولات، سيكون للبحرية (الإسرائيلية) دور أكثر أهمّية في وقف هذه الأفعال».

ad

 

بناءً على ذلك، عمدت إسرائيل إلى استهداف السفن القادمة من إيران إلى سوريا، والتي استهدفت تقديم المعونة الاقتصادية والنفطية للنظام السوري، الذي عانى (ولا يزال) من سيطرة الجيش الأميركي على حقول الغاز والنفط في شرق البلاد. وطالت الهجمات التي قادها سلاح البحر الإسرائيلي، السفن المُشار إليها، سواءً في المنشأ عبر التخريب الأمني، أو من خلال الضرب العسكري المباشر في المسارات والممرّات البحرية من الخليج وبحر عمان والمحيط الهندي والبحر الأحمر وصولاً إلى المتوسط. وسُجّل عدد كبير من الاعتداءات في هذه المسارات، من بينها الاعتداء في شباط 2021، على سفينة ليبية قبالة الشواطئ اللبنانية كانت تحمل وقوداً إيرانياً إلى سوريا، الأمر الذي أدّى إلى تلوّث بيئي كبير أضرّ بإسرائيل نفسها، بعدما تسبّبت الضربة بتسرّب المادة النفطية والقطران في اتّجاه ساحل فلسطين المحتلّة.

 

ad

في الفترة الأخيرة، استأنفت إسرائيل «الشكوى» من المسارات البحرية الإيرانية

 

بدا الهدف من الاعتداءات البحرية مركّباً: تعزيز الحصار على إيران عبر منع الالتفاف على العقوبات الأميركية؛ منع سوريا من الاستفادة من المعونة الاقتصادية الإيرانية عبر البحار، وتحديداً المشتقات النفطية، بما من شأنه تعزيز فاعلية الحصار عليها؛ وكذلك منع «حزب الله» وفصائل المقاومة من الاستفادة من المسار البحري، الذي يستكمل قطعه أو عرقلته المعركة المفعَّلة عبر سلاح الجوّ في البرّ السوري. في عام 2021، قرّرت إيران الردّ على كلّ عملية تخريب تطال سفينة إيرانية، أو سفينة غير إيرانية محمَّلة ببضائع وسلع ومواد نفطية إيرانية، بأن تستهدف سفناً إسرائيلية في عرض البحار. وقد أدّت تداعيات هذا القرار، الذي نُفّذ بأشكال تناسبية وغير تناسبية أحياناً، إلى انكفاء إسرائيل عن المبادرة «الاعتدائية» في الساحة البحرية، ضدّ الإيرانيين.

ad

 

إلّا أنه في الفترة الأخيرة، استأنفت إسرائيل «الشكوى» من المسارات البحرية الإيرانية، بالتزامن مع تسجيل اعتداءات ومحاولات لمصادرة شحنات نفط إيرانية من جانب البحرية الأميركية. وجاء ذلك بعدما فشلت استراتيجية حثّ الموانئ في الدول الثالثة على مصادرة النفط الإيراني، في حال رسوّ السفن الإيرانية فيها أو المرور بجوارها، وهو فشلٌ مردّه تمكّن إيران من فرض معادلة تجاه الدول التي تستجيب للإملاءات الأميركية، عبر الردّ على المصادرة بالمصادرة. وإذ يبدو الآن أن ثمّة مساراً جديداً يتشكّل، عنوانه تكفّل الجانب الأميركي بالاعتداءات، بالتوازي مع حملة إعلامية أميركية – إسرائيلية لإدانة التجاوزات الإيرانية، فإن هذا المسار لا يبدو أنه سيفضي إلى أفضل ممّا أخذ إليه سابقه، بالنظر إلى انفلاش رقعة تلك التجاوزات، وتسلّح طهران بسلاح الردّ على الاعتداء بالاعتداء، بما لا يستطيع حتى الجانب الأميركي التعايش معه.

ولعلّ الصراخ المتصاعد في إسرائيل أخيراً حول النجاحات الإيرانية في الساحة البحرية، إنّما يؤشّر إلى محدودية نجاعة المقاربة العمليّاتية الجديدة ضدّ إيران. وفي هذا الإطار، أورد تقرير نُشر قبل أيام في صحيفة «هآرتس»، أن ناقلات إيرانية أفرغت حمولاتها من المشتقّات النفطية في ميناء بانياس جنوب مدينة اللاذقية، 17 مرّة خلال الأشهر الأولى من العام الحالي، بما تُقدَّر قيمته بـ1.25 مليار دولار أميركي. وأوضحت الصحيفة أن تلك الوقائع التي تنتهك العقوبات الأميركية المفروضة على إيران وسوريا، تبدأ بقيام السفن الإيرانية بتفريغ حمولتها في سفن ثالثة في عرض البحر، قبل أن تصل إلى وجهتها من خلال عمليات تضليل واسعة النطاق، مضيفةً أن ذلك التفريغ، من دون أخذ الاحتياطات اللازمة، يرفع بشكل كبير احتمالات التلوّث النفطي، الذي ليس هو، بالتأكيد، ما يشغل بال إسرائيل. وأشارت الصحيفة إلى أن 20 شحنة غادرت من إيران إلى سوريا، ما بين تشرين الثاني ونيسان، بإجمالي حمولة نفطية وصلت إلى 17.1 مليون برميل، منبّهةً إلى أن بعض هذه الشحنات تمرّ بالقرب من منشآت النفط والغاز الإسرائيلية في المتوسّط، وهو ما يستبطن مخاطر مضاعفة في حال تعرّضها لهجمات.

ad

 

إزاء ذلك، يُطرح السؤال عمّا إذا كان «الندب» الإسرائيلي محاولة لتهيئة الظروف وإيجاد الذرائع لاستئناف المعركة البحرية، أو تحريض الأميركيين على تسعيرها، أو أنه مجرّد تحسّر على معركة يتعذّر على تل أبيب وعلى راعيها الأميركي خوضها حتى النهاية؟

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“أنصار الله” تؤكد استمرارها في استهداف السفن “الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية” حتى وقف الحرب على غزة.. و”سنتكوم” تعلن الاشتباك مع مسيرتين انطلقتا من مناطق الجماعة

أكدت جماعة “أنصار الله” اليمنية، اليوم الأربعاء، أن القوات المسلحة التابعة للجماعة ستواصل استهداف السفن الإسرائيلية والمرتبطة بإسرائيل، إلى أن توقف الأخيرة الحرب على قطاع ...