آخر الأخبار
الرئيسية » تحت المجهر » الجيش الصيني على أبواب مئويّته: نموّ متعاظم يشغل بال واشنطن

الجيش الصيني على أبواب مئويّته: نموّ متعاظم يشغل بال واشنطن

| ريم هاني

على جدران المكتب الضيّق التابع لأحد مسؤولي القوات الجوية الأميركية، تنتشر الأوراق اللاصقة الصفراء بكثافة، وقد دُوّنت عليها «المشاكل» التي ستترتّب على محاولة الجيش لأميركي التصدّي لأيّ هجوم مستقبلي قد تشنّه الصين: «لم تكن لديّ فكرة عن كيفية حلها»، «لقد أدهشني مدى سرعة تقدّم الصين، وكيف أن عقائدنا الراسخة حول الحرب قد عفا عليها الزمن»

اللفتنانت الجنرال كلينت هينوت، في حديث إلى «وول ستريت جورنال» في آذار

بالنظر إلى مدى زيادة بكين إنفاقها العسكري، خلال السنوات الماضية، ومعه إصرارها على تحويل «جيش التحرير الشعبي» إلى جيش من الدرجة الأولى، بحلول الذكرى المئوية لتأسيسه، تماشياً مع الهدف الذي حدّده الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في المؤتمر الوطني العشرين لـ«الحزب الشيوعي الصيني»، يصبح توصيف واشنطن لبكين على أنها «المنافس الوحيد» الذي لديه النية، وبشكل متزايد، القدرة على «إعادة تشكيل النظام الدولي»، مفهوماً. على أن المحللين والمراقبين الغربيين لم ينتظروا ذكرى المئة سنة ليعبّروا عن المخاوف التي تنتابهم إزاء تطوّر الجيش الصيني من جهة، وتزايد نقاط ضعف الجيش الأميركي «المنهك» أكثر من أيّ وقت مضى، من جهة أخرى. فمع حلول الذكرى السادسة والتسعين لتأسيس «جيش التحرير الشعبي»، والتي صادفت أمس، يكاد يكون هناك إجماع، في الدراسات والإحصاءات الغربية، حول «الخطر» الصيني «المحدق»، وضرورة التحرّك الفوري لمواجهته. ومردّ ذلك، بشكل رئيس، أن الصين، التي تؤكد التزامها بمبدأ عدم التوسع والهيمنة، وأن جيشها لن يبادر إلى شنّ أيّ حرب، وسيلتزم المهام الدفاعية حصراً، لا تزال متمسّكة، في المقابل، بإعادة توحيد تايوان مع البرّ الرئيسي، «مهما كلّف الأمر»، «ولو باستخدام القوة». ولعلّ ممّا يفاقم «القلق العالمي»، أن هذا الإصرار يتزامن مع استمرار «الاستفزازات» الأميركية، ووصول التوترات في بحر الصين الجنوبي إلى أعلى مستوياتها تاريخياً، ما جعل العديد من الخبراء غير مقتنعين بأن إعادة التوحيد «السلمي» للجزيرة، والتي تنادي بها بكين، قابلة للتحقّق فعلاً، الأمر الذي يثير تحذيرات من أن المهلة الزمنية المتبقّية لاندلاع حرب في آسيا «تتقلّص». حتى إن بعض الآراء المتطرفة، على غرار تلك التي عبّر عنها القائد العسكري في سلاح الجو الأميركي، الجنرال مايكل أ. مينيهان، الذي عادة ما يشيد به «الصقور» في الكونغرس، تشير إلى أنه قد يكون على واشنطن الاستعداد لبدء القتال «في غضون عامين».

 

صورة «قاتمة»
على الرغم من الزيادات الكبيرة في إنفاق بكين العسكري، خلال السنوات الماضية، ونيّتها رفعه العام الجاري بنسبة 7.2 في المئة، ما سيشكّل أسرع معدّل نمو منذ عام 2019، لا يزال هذا الإنفاق أقلّ بكثير من مثيله الأميركي. فعلى سبيل المثال، تشير أحدث تقديرات «معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام»، إلى أن النفقات العسكرية الصينية بلغت 293 مليار دولار في عام 2021، مقارنة بـ 801 مليار دولار للنفقات العسكرية الأميركية. إلّا أن صناع القرار في واشنطن يضعون نصب أعينهم جملة من المعايير الأخرى، التي قد تهدّد قدرة واشنطن على «الصمود» في أيّ مواجهة قادمة مع بكين. في خطاب بالغ الأهمية، نقل نائب مساعد سكرتير القوات الجوية لشؤون الاستحواذ، كاميرون هولت، صورة «قاتمة» حول قدرة الولايات المتحدة على حيازة الأسلحة، مشيراً إلى أن الجيش الصيني يحصل على الأسلحة أسرع من الولايات المتّحدة بـ«خمس إلى ست مرات». والمسألة غير مقتصرة على حيازة الأسلحة وحدها، بل تطال كلفة هذه الأخيرة أيضاً. وفي هذا الإطار، تنقل مجلة «ناشونال إنترست» عن اللواء هولت قوله إنه من حيث القدرة الشرائية، تنفق بكين دولاراً واحداً، مقابل عشرين دولاراً تنفقها واشنطن، للحصول على القدرات الحديثة نفسها، مستنتجاً «(أنّنا) سنخسر في حال عدم إيجاد طريقة لخفض التكلفة، وزيادة السرعة في سلاسل التوريد الدفاعية لدينا».

الحرب الأوكرانية أجّجت الشكوك حول قدرة الغرب على التعامل مع أيّ حرب مستقبلية كبرى

إلى جانب ذلك، يرد في تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن الولايات المتحدة «غير جاهزة» لـ«تحوّلها» الاستراتيجي، الذي أعلنت نيّتها الانتقال، على إثره، «من الحروب في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى»، إلى «حقبة جديدة» من مواجهة القوى العظمى، أي روسيا والصين. ويستند التقرير إلى فكرة مفادها أنه على الرغم من ارتفاع ميزانية الدفاع إلى أكثر من 800 مليار دولار، فقد تأخّر هذا التحوّل المرجوّ بسبب استنزاف الجيش الأميركي في حربَي العراق وأفغانستان، وسعي واشنطن وراء الأسلحة الباهظة الثمن، والانقسام الداخلي في الحكومة الأميركية حول الإنفاق، ومدى «إلحاح» التهديد الذي تشكّله بكين. وأخيراً، لا تزال المخاوف المستمرة في الشرق الأوسط، ولا سيما من إيران، والحرب في أوكرانيا، تستهلك الموارد العسكرية والتركيز الأميركي، وفق ما يقول مسؤولو وقادة الدفاع الحاليون والسابقون الأميركيون للصحيفة نفسها.

وفي سياق استعراض «المصاعب» التي قد تواجه الجيش الأميركي في «حربه القادمة»، يرد في تقرير عن «محاكاة للحرب» قام بها «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»، أن الصين تهيمن على سلاسل توريد البطاريات المتقدمة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك تكرير الكوبالت والنحاس والليثيوم والنيكل، فضلاً عن إنتاج الأنودات والفواصل والإلكتروليتات (الكهارل). كذلك، تعدّ الصين الرائدة عالمياً في مجال المنتجات المسبوكة، التي تُستخدم في معظم المنصّات العسكرية والذخائر، من السفن إلى الصواريخ. واللافت، أن إنتاج بكين يفوق إنتاج الدول التي تحتلّ المراتب التسع مجتمعة من بعدها، وهو يساوي أكثر من خمسة أضعاف ما تنتجه الولايات المتحدة، التي تعتمد على حكومات أجنبية للحصول على مثل هذه المنتجات الضرورية لصناعة أنظمة الأسلحة، ومن بينها بكين، ما يشكّل نقطة ضعف كبيرة لديها.

تايوان ليست أوكرانيا
بات واضحاً أن الحرب الأوكرانية أجّجت الشكوك حول قدرة الغرب على التعامل مع أيّ حرب مستقبلية كبرى، ولا سيما أن الولايات المتحدة لم تَعُد تبذل جهداً لتغطية «معاناة» صناعتها الدفاعية، فتزوّد تارةً كييف بالقنابل العنقودية المثيرة للجدل للتعويض عن نقص الذخائر، وتمتنع طوراً عن إرسال صواريخ بعيدة المدى إليها، بذريعة أن مخزوناتها من هذه الصواريخ لا تكفي لإحداث خرق أوكراني فعلي. تزامناً مع ذلك، تراقب الصين، بحسب خبراء الدفاع، الأحداث الدائرة في أوكرانيا، وتستخلص الدروس اللازمة منها. وفي هذا السياق، يقول العقيد المتقاعد في «جيش التحرير الشعبي»، تشو بو، لـ«وول ستريت جورنال»، إن واحدة من أهمّ الخلاصات التي توصّل إليها الجيش الصيني، حتى الآن، هي ضرورة بناء قدرة على الاتصالات تكون أفضل وأكثر أماناً، وصواريخ موجّهة بدقة، والمزيد من الطائرات من دون طيار، وهي عناصر تمتلكها الصين، حالياً، «بكمّيات تتجاوز مخزونات روسيا قبل الحرب». ويتابع تشو أن بكين، وفق ما يؤكد المسؤولون الصينيون، نفّذت إصلاحات عسكرية عميقة، وتعلّمت من الأحداث الماضية، على غرار حرب الخليج عام 1991؛ أي بمعنى آخر، أجرت تغييرات جعلت قواتها المسلحة مختلفة تماماً عن القوات الروسية.

ولا يتناسى محلّلو الدفاع، في سياق مقارنتهم بين الحرب في أوكرانيا وتلك التي قد تندلع مع تايوان، أن الأخيرة، على عكس أوكرانيا، حيث الحدود الغربية للبلاد مفتوحة على مصراعيها لشحنات الأسلحة، هي جزيرة. وعليه، يرى هؤلاء أن قدرة بكين على فرض حصار على الجزيرة، جنباً إلى جنب قدراتها على إطلاق النيران البعيدة المدى، ستجعل «من الصعب، وربما المستحيل»، إدخال الأسلحة والذخائر إلى المنطقة، بمجرّد أن تبدأ الحرب. وبطبيعة الحال، لم تكن محاولة تمرّد مجموعة «فاغنر» الروسية، في حزيران، لتمرّ مرور الكرام على المهتمين بالصراع الأميركي – الصيني. وفي هذا الإطار، يرد في تقرير منفصل في «وول ستريت جورنال» أنه ما من «أوجه شبه» فعلية بين شركات الأمن الخاصة التابعة للصين في الخارج و«فاغنر»، إذ إن سلطة «الحزب الشيوعي الصيني» المركزية القوية لا تترك هامشاً كبيراً لمثل هذه الشركات، حتى تكون قادرة على شنّ تمرّد عسكري. ويتابع أصحاب هذا الرأي أن «جيش التحرير الشعبي» هو من الناحية الفنية جيش «الحزب الشيوعي الصيني»، ما يعني تمتّع جميع قوات حفظ الأمن الوطني بـ«الولاء المطلق» للحزب. أي بمعنى آخر، التمتّع بعقيدة من نوع آخر، قد لا تتوفّر لدى الجيش الروسي أو غيره من معظم جيوش العالم.

 

 

سيرياهوم نيوز3 – الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“ماذا تفعل إذا قمعونا؟”.. سؤال الإعتصامات الطلابية في أمريكا

وضعت اللجان المنظمة للاعتصامات في الجامعات الأمريكية ما وصفتهم مصادر “رأي اليوم” في واشنطن بخطة الاتجاه الموازي في حال تمكن سلطات الشرطة وإدارات الجامعات من ...