آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » «الحرب العالمية على سورية.. هل انتهت اللعبة؟»

«الحرب العالمية على سورية.. هل انتهت اللعبة؟»

مصعب أيوب

من أجل مواجهة الدفق الإعلامي الهجومي والدنيء ضد سورية وفي ظل الغليان الذي يشهده الشرق الأوسط من صراعات وحروب، ولاسيما بعد أن وضعت واشنطن جل اهتمامها ورصدت جميع قوتها لحرب العراق 2003، وجهزت بالتعاون مع أذرعها في البلاد العربية لتخوض حرباً في سورية توهمت أنها ستطيح بها، لكنها محاولة باءت بالفشل بعد أن أثبتت القيادة بالتعاون مع الشعب أن هذه الأرض مقدسة وعصية على العدوان، واليوم وبعد سنوات من الحرب بدأت تتكشف خيوط المؤامرة على سورية ومكانتها ودورها، وقد سبق للفرنسي ميشيل رامبو أن أصدر دراسة مهمة منذ سنوات عما جرى من مؤامرة على سورية، واليوم صدر كتاب «الحرب العالمية على سورية… هل انتهت اللعبة؟» عن اتحاد الكتاب العرب تحت إشراف ميشيل رامبو وفيصل جلول وترجمة محمد الدنيا ود. زبيدة القاضي.

 

تضليل إعلامي

 

الكتاب صدرت منه نسخة فرنسية شارك فيها عدد كبير من المؤلفين والكتاب الذين تجاوز عددهم 16 باحثاً ومثقفاً من جنسيات مختلفة، ليقول الجميع كلمتهم ويقدموا شهاداتهم بأن سورية لم تستسلم ودافعت عن البلاد ببسالة، ولاسيما أنها كسبت الحرب التي وقفت فيها بجانب اللبنانيين في حرب تموز 2006 ضد الكيان الإسرائيلي، قبل أن يظهر ما يسمى بالربيع العربي المزعوم الذي مهدت وحضرت ونسقت له الولايات المتحدة الأميركية وأعوانها.

 

يتجاهل الأدب الغربي الإضاءة على الحقيقة ولا بد أن تكون واشنطن هي من تأمر وتمنع أو تلغي ذلك، ولأن التدخلات الأجنبية موجودة للقاصي والداني كان لا بد من المساهمة في إعادة تشكيل الرواية الرسمية القائمة على التضليل الإعلامي غير المتدفق.

 

حرب شنيعة وقذرة

 

وقد صدر الكتاب بالتعاون مع أكاديمية باريس للجيوبوليتيك في فرنسا وحمل في صفحاته كثيراً من المفاصل التي تحكي عن الحرب القذرة على سورية والدوافع التي أدت إليها وآثارها السلبية على الشعب السوري، ويفضح حقيقة تلك الحرب الشنيعة، كما يتجلى في العمل بكثير من الثقة أن هذه الحرب تتجه للاندثار وهو ما أكدته الأبحاث التي أعدها مختصون في الشأن العالمي والمحلي.

 

وأكد أن إنهاء السيادة السورية أمر عصي على من لا يعرف إلا القتل، ومنبعه قوة واستبسال الجيش الوطني الذي لاقى دعماً وتأييداً داخلياً وشعبياً ومعه إخلاص الداعمين من الروس والصينيين وغيرهم، وهو ما بدا واضحاً في تصميمهم المستمر على إيقاف وصد التدخل الأجنبي في الداخل السوري، فيشير الكتاب إلى تحالفات واشنطن وإسرائيل ضد غزة وجنوب لبنان.

 

كما يمكننا أن نستعرض في الكتاب قدرة الدول الأجنبية متمثلة بأميركا وفرنسا وبريطانيا على تحريك الفضاء الإعلامي لتيارات سائدة في الداخل السوري، إلا أن ذلك فضح وانكشف زيفه، فكيف لدولة هي أرض حضارات وأبجدية أن تنهيها بعض المؤامرات أو المخططات الزائفة.

 

كما يمثل الكتاب رفضاً واضحاً وجلياً لمزاعم الدول الأجنبية المغلف بدعم الديمقراطية ما يكشف للقارئ أنها كانت حرب استيلاء وسيطرة وفرض نفوذ وتوسعة وهو ما يمكننا استنتاجه من أبحاث المؤلفين المشاركين في هذا الكتاب

 

ويشير الكتاب الذي يقع في 269 صفحة من القطع الكبير إلى أن سورية حققت مع حلفائها انتصارات عسكرية وسياسية عديدة بصمودها ومقاومتها.

 

المعتدي التركي

 

في البحث الذي أعده عقيل محفوض تحت عنوان «رياح الشمال:تركيا والحرب السورية، الرهانات والإكراهات»، يشير إلى أن الرئيس التركي أردوغان متذبذب في مواقفه ولا يمكنك أن تقرأ موقفه بصورة واضحة وجلية، فيؤكد أن تركيا كانت إحد أهم الفواعل الرئيسية في الحرب، وهي اتبعت سياسات مركبة عسكرية وسياسية فيها وأيضاً اجتماعية وثقافية وقد غيرت وبدلت تركيا طرق ونمط تدخلها في سورية مرات كثيرة، وقد انعكس ذلك على علاقات الحليفين الرئيسيين «روسيا والصين»، وبمرور السنوات تكشفت سياسة تركيا حيال الأزمة السورية، كما أنه مع دخول واشنطن إلى أراض سورية بطريقة غير شرعية أدركت حكومة أردوغان أن عليها التقارب مع روسيا وإيران، وقد غيرت تركيا كثيراً من أنماط الخطاب تجاه الأزمة السورية وباتت تصدر تصريحات متقلبة وغير سوية، كما انعكس ذلك على الداخل السوري أيضاً من خلال استقطاب مزيد من الكرد والترك والعرب والشيشان والشركس، وأيضاً فيما يخص الطوائف، فعملت على استقطاب السنة والعلويين والطرق الصوفية وهو ما جيّره أردوغان لمصلحته في الانتخابات ولاسيما بعد أن جند أردوغان السوريين المجنسين فيها.

 

يؤكد محفوض في ختام بحثه أن أردوغان أدرك استحالة إسقاط النظام، ويعتبر التدخل التركي في إدلب تحدياً كبيراً لمسار التسوية في سورية، وهو ما أوضح أطماعاً كثيرة لتركيا في سورية، مشيراً إلى أن الوجود التركي في سورية وإدلب تحديداً يجب أن يكون مؤقتاً ولا بد من عدم السماح لها بتنفيذ استثماراتها، وقد ختم بأن استعادة إدلب ستترك ندوباً كثيرة وجروحاً ربما لا تندمل بسهولة وتحتاج لوقت طويل، ولاسيما بعد أن زرعت تركيا البذور الخبيثة لذلك وهو ما يتطلب سنوات كثيرة من أجل استئصاله.

 

فرنسا الخاسر الأكبر

 

وفي الورقة البحثية الواردة لجيرار بابت بعنوان «بعد عشر سنوات: كيف خدعنا بهذا القدر حول الملف السوري» عن ترجمة لمحمد الدنيا نستعرض أن زعزعة الاستقرار السوري كان مبرمجاً منذ وقت طويل، وأن النسخة الرسمية لوسائل الإعلام السائدة تفككت، وأنه قد حان الوقت للخروج من العلاقات المعقدة مع سورية والعودة إلى الواقعية الديغولية مع الاهتمام بمصير العديد من الشعوب التي تعاني، كما أنه وبعد الكوارث التي حدثت في العراق وليبيا وأفغانستان حان الوقت للإقلاع عن إرادة فرض البنى السياسية بالقوة على الدول ذات السيادة.

 

كما نوه رينيه نبعة بأن الغرب الذي حشد أسلحته لإرسالها إلى أوكرانيا المعتدى عليها كان قد تحالف سابقاً مع تركيا وقطر لإرسال آلاف الإرهابيين إلى سورية في البحث الذي عنونه بـ«فرنسا في مقابل سورية، تثبيت سيكولوجي معبر، مؤشر من أعراض طب نفسي متفاقمة».

 

وأشار إلى أن فرنسا اقتطعت من سورية ثلاث مرات أولاً لبنان وثانياً لواء إسكندرون وأخيراً فيما يسمى بالربيع العربي بإنشاء منطقة كردية مستقلة في الرقة، وهو ما يثبت حالة المرض النفسي تجاه بلد استقل لكي تعيده إلى أجزاء، ففرنسا بلد يمارس الهروب إلى الأمام للتخلص من مراجعة نقدية مؤذية لكبريائها الوطني، كما أنها بلد التبجح والغطرسة، وبعد عقد من الزمن بدا بلد العلمانية والقانون الخاسر الأكبر في العولمة وكذلك في المعركة السورية وفي جائحة كوفيد بعد الحصيلة المروعة لعدد ضحاياها في فرنسا إضافة إلى أنها لم تتمكن من إنتاج لقاح مضاد للفيروس.

 

في الخلاصة فإن فرنسا اليوم عند منعطف تاريخي تقوده بطريقة خاطئة وتسير وفق مجريات الأحداث والتدابير الآنية، إن لم تتوخ الحذر.

 

حلفاء سورية

 

أما في ورقة فيصل جلول المعنونة بـ«روسيا وإيران وحزب اللـه في مجابهة الحملة العالمية على سورية»، يوضح أن روسيا انخرطت بالحرب في العام ٢٠١٥، على حين باشر حزب اللـه نشاطه مع القوات السورية منذ بداية الأزمة، ولعل مشاركة حزب الله وإيران في الدفاع عن سورية هي ما شجع روسيا على الدخول في الحرب، كما لا يمكن أن ننسى أن روسيا والصين استخدمتا حق الفيتو في مجلس الأمن لحماية الدولة السورية من القرارات التي كان هدفها تحطيم الدولة وتقسيمها، وبينما كان التحالف الغربي والعربي يهدف إلى إسقاط الدولة وإقامة نظام سياسي في دمشق شبيه بلبنان والعراق والأنظمة الطائفية، كانت موسكو وبكين تضعان ثقلهما للحفاظ على الدولة السورية وهيبتها.

 

ناهيك عن أن إيران زودت دمشق بعربات مصفحة وطائرات حربية وعشرات الصواريخ البالستية، ولاسيما أن عدوهما واحد «إسرائيل» وقد نجحت القوى المدافعة عن سورية في تهديد الإستراتيجية الأميركية بعزل سورية.

 

كما أثبتت تطورات الحرب قدرة الأسلحة السوفييتية على تحقيق نتائج فعالة على الأرض بعد أن كانت الحرب فرصة مواتية لإجراء مقارنة بين كفاءة المعدات والأسلحة الروسية ونظيرتها الغربية، وقد أفشلت روسيا بذلك مخططات السعودية وقطر بتمرير الغاز والبترول إلى أوروبا إثر إسقاط الدولة السورية الذي افترضتاه وهو ما سيمنح مفاتيح القوى لتلك الدولتين على حساب الغير.

 

ومن البحوث التي وردت في الكتاب أيضاً: دروس عشر سنوات من الحرب لناديا خوست، والمرأة السورية في الحرب شهادة وثناء لصونيا خانجي قشيشو، وسورية هذه المجهولة التي ما انفكت تدهشنا لثريا عاصي، والمسار العسكري للأزمة السورية لإلياس فرحات، والمجابهة السورية-الإسرائيلية «فلسطين قلب العروبة النابض» لماجد نعمة، وسورية: مقدمة ملونة لحرب دموية بقلم أحمد بن سعادة، وسورية، هل أذنت ساعة الحساب للباحث ليسلي فارين، ومعرفة الماضي لفهم الحاضر لرولا زين، وللكاتب برونو غيغ بحث سورية وإيران، وانتصار مقاومة سورية السيادية مثال للشعوب والأمم الحرة في العالم لصاحبه الآن كورفيز، والبحث الأخير الذي أعده ميشيل رامبو بعنوان العدوان الشامل، نهاية اللعبة؟

 

وأخيراً

 

هذا الكتاب يعد إضافة مهمة في سياق الدراسات الجادة التي قدّمها باحثون عرب وأجانب حول الحرب على سورية، ولا يقتصر الأمر على باحثين عرب، أو على باحثين أجانب، وإنما اجتمع باحثون أكاديميون درسوا الواقع والمعطيات، لإظهار حقيقة ما جرى من حرب على سورية، وأطلقوا عليها اسم الحرب العالمية على سورية، ويؤلم ما جاء تتمة للعنوان: هل انتهت اللعبة؟

 

فهل تحولت حياة الشعوب إلى لعبة في أيدي الأقوياء والدول الاستعمارية؟

 

نرجو أن يفتح هذا الكتاب الآفاق للوقوف عند حقيقة ما جرى من أسباب ومجريات ونتائج، لعل الوعي يرقى إلى مستوى الأزمات.

 

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز٣_الوطن

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وإنّما أولادُنا بيننا.. أكبادُنا تمشي على الأرضِ … في يوم الطفل العالمي.. شعراء تغنوا بالطفولة

  قد تجف أقلام الأدباء وتنضب أبيات الشعراء ولا ينتهي الحديث عن جمال الأطفال وذكريات الطفولة في عمر الإنسان؛ فالطفولة عالم مملوء بالحب والضحك والسعادة، ...