باسم فضل الشعبي
لا يعتقد البعض ان حرب السفن الدائرة في البحر الاحمر والممتدة حتى خليج عدن والمحيط الهندي، بين جماعة انصار الله الحوثين وتقف خلفها ايران، وبين الغرب بقيادة امريكا وبريطانيا، انها سوف تحسم بسهولة وبيسر، او بمجرد قيام البوارج والطائرات الامريكية والبريطانية بضرب اهداف حوثية او مصالح في الداخل اليمني،كما حدث ويحدث منذ اسابيع، لاسيما وان الامور بدات تتخذ منعطفا خطيرا اشد ضراوة منذ الهجمات الامريكية البريطانية المذكورة على مواقع واهداف حوثية في عدة محافظات شمال البلاد منها صنعاء. قبل الضربات او الهجمات تلك كان الحوثي يقول انه يستهدف السفن الاسرائيلية وتلك المتجهة الى موانئها، اما اليوم فانه اضاف الى قائمة بنك اهدافه سفن بريطانية وامريكية، كما شاهدنا ذلك خلال اليومين الماضيين في خليج عدن مثلا.
واللافت انه منذ اقدمت امريكا منذ اسبوع ونيف على تصنيف الحوثيين ككيان ارهابي، اتسع نطاق الحرب والهجمات الحوثية لتصل هذه المرة للبحر العربي قبالة سواحل محافظتي المهرة وحضرموت شرق اليمن، ويمكن تفسير ذلك ان الحوثين لن يثنيهم هذا التصنيف الامريكي من القيام بواجبهم تجاه فلسطين وغزة – كما يقولون- والواضح انهم يريدون استثمار ردود الفعل الامريكية لمراكمة شعبيتهم في الداخل والخارج، والتوسع في البر والبحر اليمني للحصول على مكاسب سياسية واقتصادية اكبر في حال عادوا للتسوية السياسية مع الاطراف اليمنية الأخرى.
على الصعيد ذاته فان الواقع يقول بان الصدام بدا يكبر ويتسع بصورة خطيرة، وهذا قد ما لا تريده امريكا حاليا الغارقة في اكثر من مستنقع خارج حدودها وما تعانيه من مشكلات ومؤشرات تفكك في الداخل، اما اذا كانت بريطانيا وامريكا تعتقدان مثلا ان ما يحدث من قبل الحوثين في البحر الاحمر، هو الفرصة المناسبة التي تم انتظارها طويلا لاعادة السيطرة على اهم الممرات والمواقع البحرية الاستراتيجية والتي تمكنهما من اعادة السيطرة على حركة الملاحة البحرية بين الشرق والغرب، وذلك من خلال السيطرة على باب المندب والبحر الاحمر وخليج عدن، فضلا عن السيطرة على جزيرة بريم او ما تعرف بميون المشرفة على باب المندب والبحر الاحمر، وايضا السيطرة على جزيرة سقطرى المشرفة والمطلة على المحيط الهندي وخليج عدن والبحر العربي، وهما اهم جزيرتان يمنيتان تمنحان من يسيطر عليهما القدرة على الاشراف والتحكم بحركة الملاحة في مضيق باب المندب والبحر الاحمر وخليج عدن والمحيط الهندي والبحر العربي، اي على اهم واكبر الممرات البحرية الدولية التي تتحكم بثلث التجارة والاقتصاد العالمي، وربع وقود الطاقة في العالم ان لم يكن اكثر.
وهناك كما يبدو جليا مخاوف يمنية كبيرة من ان تقود هذه الاحداث في الممرات الدولية والمياه اليمنية الغرب للسيطرة على اليمن من البحر والممرات والجزر المذكورة، وربما يتطور الموقف الى سيطرة برية ايضا لحماية التواجد البريطاني الامريكي الجديد في البحر الاحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، من خلال التواجد العسكري في عدن والمكلا والمخا والحديدة،كما هو الحال في ميون وسقطرى، وذلك في ظل حالة الشتات والانقسام اليمني اليمني، واستمرار حالة اللاحرب واللاسلم في الداخل اليمني ، وفي ظل صمت مصري سعودي اماراتي خليجي.
لكن في واقع الامر وكلنا يعرف ان لعاب الغرب وغيرهم يسيل مدرارا على اليمن وموقعها الاستراتيجي والجيوسياسي، وعلى ثرواتها الكبيرة المكتشفة وغير المكتشفة، لاسيما في الجنوب، وتعد هذه الفرصة امامهم كما يبدو هي المناسبة للانقضاض عليها، وتحقيق اهداف اسرائيل القديمة الجديدة بالسيطرة على هذه المنطقة التي تعتقد وفقا لنبؤات دينية انها تشكل خطرا على وجودها في ارض فلسطين المحتلة، وعلى هيمنتها وتفوقها في منطقة الشرق الاوسط، لكن كما تشير الوقائع والاحداث التاريخية فان اليمن لن تكون لقمة صايغة، فهي مقبرة الغزاة على مر التاريخ القديم والحديث، وان اي محاولة اسرائيلية غربية من هذا النوع تجاه اليمن ربما تفجر حربا كبيرة وواسعة بحرا وبرا، قد تكون بداية النهاية للهيمنة الامريكية في المنطقة، وبداية النهاية للاحتلال الاسرائيلي لارض فلسطين العربية، سيما وكلنا يدرك حجم المخطط الغربي الذي يستهدف المنطقة، فضلا عن تداخل المشكلات والقضايا فيها بصورة تجعل منها قضية واحدة لمن يريد ان يفهم.
لذا، فانه على امريكا واسرائيل عدم الاعتقاد ان اليمن الضعيف والممزق اليوم، والذي ساهمت دول شقيقة وغيرها فيما حدث له خلال السنوات التسع الماضية، قد يفتح ذراعية لاستقبالهم بالورود، بل بالعكس قد يؤدي ذلك الى توحد الشعب اليمني باكمله خلف الحوثي او خلف اي كائنا كان لمواجهة الغزو الجديد واذنابه في الداخل والمنطقة، وتحول البر والبحر الى برميل باروت محرق للجميع، وقد يمتد الى ابعد مدى مهددا المصالح الدولية، والنفوذ الغربي في المنطقة برمتها.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم